كريتر نت – متابعات
تسير الصين في سباق “الغواصات النووية” بنجاح ملموس، لتحقيق هدف واضح: ترسيخ قوة البلاد في المضمار البحري.
في أبريل/نيسان الماضي، وقبل يومين من وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الصين، نشرت البحرية الصينية لقطات لغواصة نووية تطلق صاروخًا باليستيا إضافة إلى 3 غواصات أخرى تشكل مجموعة الضربات “شاندونغ”، وذلك في إطار الاحتفالات بالذكرى الـ75 للبحرية الصينية.
وبعد شهرين، ظهرت غواصة صينية تحمل صواريخ باليستية في مضيق تايوان، في استعراض قوة يعد أحدث دليل على جدية الصين بشأن طموحاتها لبناء أسطولها من الغواصات النووية، وفق موقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي.
ونجحت بكين في نشر قوة غواصات متنامية لمواجهة الغواصات الأمريكية المتقدمة.
كما تعمل صناعة بناء السفن الضخمة بوتيرة سريعة لإنتاج غواصات نووية مع تنفيذ تصميمات جديدة.
نقطة البداية
يعود اهتمام الصين بالغواصات النووية إلى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، عقب قيام البحرية الأمريكية بنشر أول غواصة نووية في العالم “يو إس إس نوتيلوس”.
لكن بكين بدأت من الصفر في ظل عدم رغبة الاتحاد السوفياتي السابق في نقل التكنولوجيا النووية إليها.
ورغم حصول العملية على الضوء الأخضر عام 1958، لم يبدأ بناء أول غواصة حتى عام 1968، لتخرج إلى النور في 1970 ويتم تكليفها بالخدمة سنة 1974.
ويمكن إرجاع هذا التأخير إلى اضطرابات الثورة الثقافية في الصين في ذلك الوقت.
وعُرفت الغواصة النووية الصينية، باسم “Type 091″، وهي من فئة هان ويبلغ طولها من 321 إلى 350 قدمًا، وتزن أكثر من 5000 طن تحت الماء، وكانت مسلحة بـ6 أنابيب طوربيد.
وفي الفترة من 1968 وحتى 1990 بنت بكين 5 غواصات من هذه الفئة.
ولم تكن فئة “091” قادرة على القتال مثل نظيراتها الغربية، وذلك لأنها كانت أول غواصة نووية تبنيها الصين دون الحصول على أي مساعدة.
حوادث وشكوك
وقامت الغواصات من طراز “091” بالعديد من عمليات الانتشار وتعرضت للعديد من الحوادث، وتلقت تحسينات في أوائل القرن الـ21، لكنها تظل حجر الأساس للغواصات النووية الصينية،بحسب الموقع الأمريكي.
فيما أثبتت الغواصة النووية الصينية من الجيل الثاني، من طراز 093، تحسنًا كبيرًا وهي من فئة “شانغ” وبدأ تطويرها في الثمانينيات، لكن بناء الغواصة الأولى منها بدأ عام 1998 وبحلول 2003 تم إطلاقها.
ويبلغ طول الغواصة “093”، 351 قدمًا، وتحتوي على 6 أنابيب طوربيد قادرة على إطلاق طوربيدات سلكية وصوتية وموجهة نحو الهدف. كما أنها قادرة على إطلاق صواريخ كروز مضادة للسفن من طراز “YJ-18″ و”YJ-82”.
وجرى بناء سبع غواصات “093” اثنتان من طراز 093، و4 من طراز 093A، وواحدة على الأقل من طراز 093B. .
والغواصة من طراز 093A هي تصميم مطور مع تقليل الضوضاء التي تهدد باكتشاف الغواصة.
أما الغواصة 093B فهي نسخة مطورة أخرى، مجهزة بدفع مضخة نفاثة والقدرة على نشر مجموعة سونار، ومن المتوقع أن تلعب دورًا أكبر في أي هجوم بري بصواريخ كروز بعيدة المدى.
غواصات الصواريخ الباليستية
وهناك غواصات الصواريخ الباليستية النووية “SSBN” والتي تعد أعظم رادع نووي يمكن لأي دولة أن تمتلكه، وهي مصممة للبقاء مغمورة تحت الماء لعدة أشهر، وتحمل صواريخا نووية ذات مدى طويل، وتحافظ على قدرة الدولة على الرد إذا تعرضت للهجوم وهو ما يُعرف بـ”قدرة الضربة الثانية”.
وكانت أول غواصة صاروخية باليستية صينية، من طراز 092، وبُنيت على أساس الغواصة 091. وبنت بكين واحدة منها فقط جرى إطلاقها عام 1981 ودخلت الخدمة في 1983.
ويبلغ طول الغواصة حوالي 393 قدمًا وإزاحتها المغمورة حوالي 8000 طن، ومسلحة بـ6 أنابيب طوربيد و12 صومعة إطلاق للصواريخ الباليستية.
وبسبب مشكلاتها كان يُنظر إليها على أنها حالة اختبار. ورغم تكليفها عام 1983 إلا أنها لم تكن نشطة إلا منذ 1987، وكان سجل السلامة الخاص بها سيئًا للغاية وسط تقارير عن تسرب إشعاعي وضوضاء مرتفعة تجعل من السهل اكتشافها.
ومع ذلك، كانت 092 حجر الأساس لتطوير الغواصة 094 (فئة جين)، وتمثل تطورا كبيرا عن سابقتها مع نظام دفع جديد وإلكترونيات وأجهزة استشعار محسنة، والأهم صوت منخفض.
ويبلغ طولها 450 قدماً وإزاحتها المغمورة 10 آلاف طن، ومسلحة بـ6 أنابيب طوربيد و12 قاذفة صواريخ باليستية وصاروخ باليستي طراز JL-2.
وجرى تقديم الصاروخ “JL-2” في 2015، وهو قادر على حمل رأس نووي واحد بقوة ميغا طن أو 3-8 صواريخ متعددة الرؤوس الحربية، ويقدر مداه بين 4970 – 5592 ميلاً.
وفي 2022، أفادت تقارير بأن الصين بدأت في نشر صاروخ JL-3 الجديد؛ الأمر الذي يضع الساحل الغربي الأمريكي لأول مرة في نطاق الصواريخ الباليستية الصينية التي تُطلق من الغواصات.
وبنت الصين 6 غواصات 094، الأولى في 2001، والغواصتان الأحدث من طراز 094A تمثل أول رادع نووي بحري موثوق به لهذا العملاق الآسيوي.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في 2022، إن الصين “تجري دوريات ردع مستمرة في البحر” لأول مرة.
ويثير نمو أسطول الغواصات النووية الصينية الإعجاب خاصة في ضوء الجدول الزمني، حيث بنت بكين 12 غواصة نووية في السنوات الـ15 الأخيرة، وفقا للبنتاغون.