كريتر نت – متابعات
مع بداية العام الدراسي 2024/ 2025 أعلن رئيس قطاع المعاهد الأزهرية الشيخ أيمن عبد الغني عن مجموعة من التعديلات على المناهج الدراسية بالمرحلة الثانوية لكل من المعاهد النموذجية والعادية للعام الدراسي الجديد، بهدف تعزيز مستوى التحصيل العلمي للطلاب والطالبات، بالإضافة إلى تزويدهم بالمعرفة والمعلومات التي تتماشى مع التطورات الحديثة في مجال التعليم، وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الأزهر المتواصلة لتحسين جودة التعليم في المعاهد الأزهرية، وفق ما أورده عبر موقعه الإلكتروني.
وعكس قرار قطاع المعاهد الدينية في مصر بتطبيق نظام الثانوية العامة (البكالوريا) الجديد الذي أطلقته الحكومة استسلام الأزهر للضغوط، من أجل تصويب مسار التعليم الديني وعدم التغريد خارج السرب والاستمرار في الدفاع عن نظام تعليمي قديم لم يعد مناسباً للعصر ويتعارض مع متطلبات المستقبل، وفق ما نقلت صحيفة (العرب) اللندنية.
وقرر الأزهر دمج بعض المواد الدراسية بمرحلة البكالوريا أو إلغاءها لمسايرة التغييرات التي أدخلتها الحكومة على النظام المطبق في مدارسها، في توجه نادر، لأنّ المعاهد الأزهرية اعتادت السير عكس اتجاه التعليم العام، وتطبيق منظومة تقليدية جذبت إليها شريحة واسعة من الطلاب لا تميل أسرهم إلى العصرنة والحداثة في التعليم.
وقال مصدر أزهري: إنّ الاستسلام لتغيير نظام البكالوريا مرتبط بكثرة التحويل من المعاهد الأزهرية إلى مدارس التعليم العام، بعد أن قررت الحكومة تخفيف أعباء المناهج وتقليل عدد المواد الدراسية، وهو ما رآه الأزهر خطراً على جماهيرية معاهده، لذلك قرر مسايرة الخطة التعليمية للحكومة.
وارتبط الإقبال على التعليم الديني باستمرار عشوائية التطوير في المدارس الحكومية، مقابل تمسك المعاهد الأزهرية بنظام قديم كي لا تخسر قاعدتها المجتمعية، لكنّ الحكومة قررت إعادة النظر في كل ما يثير غضب أولياء الأمور، ممّا ضاعف عمليات التحويل إلى المدارس الحكومية والهروب من مدارس الأزهر ومعاهده.
ودأبت المعاهد الأزهرية على استمالة شريحة يستهويها التعليم التقليدي، وهي شريحة شغوفة بالحفظ والتلقين وإقحام الدين في مفردات حياتها، بالمخالفة لمناهج التعليم العام التي أبعدت الدين عن أيّ مادة، غير مادة التربية الدينية، احتراماً للمسيحيين في مصر ويمثلون نحو (10) ملايين نسمة، وتكريساً للفهم، لكنّها اضطرت لمسايرتها نسبيّاً.
ورفضت الحكومة استمرار تدريس (32) مادة في مرحلة البكالوريا مؤخراً، وقررت تخفيضها إلى قرابة النصف، ليتم الإبقاء فقط على المحتوى المعاصر، في حين يدرس طالب الأزهر العشرات من المواد، سواء أكانت علمية أم دينية، وهو ما شكّل خطراً على النفوذ المجتمعي للمعاهد الدينية، إذ أصبحت شبه فارغة من الطلاب.
ويرى متابعون أنّ الأزهر يحاول أن يثبت لدوائر صناعة القرار السياسي أنّه لا يُمانع التغيير والتطوير، شريطة أن يكون ذلك برضاء مجتمعي، وأنّه مستعد للتغيير بعيداً عن محاولة فرض الأمر الواقع عليه، لكنّه اعتاد أن يُماطل في اتخاذ قرارات تخص المنظومة التعليمية إلى حين استكشاف رأي الشارع في ما تقوم به الحكومة بمدارسها، فإذا رآها مقبولة ومدعومة مجتمعيّاً يقرر تطبيقها، ولو واجهت تحفظات شعبية تخالفها لاستقطاب الشريحة الغاضبة على الحكومة، وهي إشكالية عمقت الفجوة بين التعليمين الأزهري والعام.