كتب/ جمال الصامت
لربما ليس صحيحاً أن انتمائي إلى التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري كان لولادتي في بيت ناصري، بل إن السبب في نظري كان أعمق من ذلك. فقد نعمت بقدر كبير من الحرية في اختيار فكري وانتمائي، وهو ما جعلني أنطلق في مرحلة مبكرة في رحلة البحث عن فكر يؤمن بي قبل أن أؤمن به.
تجربتي مع التنظيم الناصري ليست مجرد انتماء سياسي؛ فلقد كان التنظيم أكثر من حزب سياسي، كان مدرسة تعلمنا فيها أن النضال لا يقتصر على الوصول إلى السلطة، بل هو التزام أخلاقي وإنساني يلبي تطلعات الجماهير، وأن الأهداف العظيمة لا يمكن أن تتحقق إلا بوسائل شريفة ومشروعة، وكان التنظيم الناصري ولا يزال صوت الشعب وملاذ الكادحين، والواقف دوماً إلى جانب كل مظلوم وضد أي ظالم.
واليوم، وفي الذكرى الـ59 لتأسيس التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في اليمن، وأنا أنظر إلى واقع الشباب اليمني، أتوقف لحظة لأقول أني ما كنت لأجد حزباً يحتوي مراهقتي السياسية المبكرة وكبتي السياسي كما فعل التنظيم الناصري، ولا يزال ماضياً في احتوائي. لم يكن أحد ليحتوي شابًا متمردًا يرفض أن يملى عليه كما فعل التنظيم الناصري، حيث الجميع فيه قائد، والقيادة ليست امتيازًا بل مسؤولية تمنح لكل من يملك الإرادة والالتزام.
إن القادة الحقيقيون لا يصنعون الأتباع بل يصنعون القادة، وهذا ما لمسته حين قيل لي يومًا: “الناصريون كثر، والقادة قليلون… وأنت اختر ماذا تريد أن تكون”. بتلك الكلمات جعلوني أؤمن بأن القيادة ليست حكرًا على أحد، بل اختيار مبني على الإرادة والالتزام.
وفي هذا الوقت، نسمع دعوات لتمكين الشباب في المواقع القيادية للأحزاب، لنجد أنفسنا في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بأننا كنا السباقين في ذلك منذ تأسيس التنظيم. فكانت الحركة الطلابية ولا تزال هي منبع التغيير، والقلب النابض في العمل السياسي، والشباب هم المحرك الأساسي للعمل النضالي والسياسي، ولم تكن هذه مجرد شعارات، بل واقعاً حقيقياً جسده التنظيم الناصري عندما جعل من قياداته المتعاقبة نموذجاً حياً لتمكين الشباب، في طفرة نادرة لم تتحقق في أي حزب يمني آخر.
ورغم أن الحرب شلت العمل الحزبي في الوقت الحالي، وتجاوز بعض القادة سن الشباب بسبب عدم انعقاد أي مؤتمر عام، مما حال دون صعود الشباب إلى المستويات القيادية العليا، إلا أننا على ثقة أنه مع انتهاء هذه الحرب، سيكون التنظيم أول من يعقد مؤتمره العام، وسنرى الشباب في الصفوف القيادية الأولى كما عهدنا تنظيمنا دائماً.
وفي هذه الذكرى العزيزة، أقول بكل فخر: لو عاد بي الزمن لما اخترت سوى أن أكون وأحد من “سبعة” كما يقولون علينا.
كما أسأل من الله الرحمة والخلود لأرواح شهداء التنظيم على امتداد مسيرة العمل والنضال الوطني.
عاش نضال التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة.