كتب .. د.غزوان طربوش
قبل ثمانية أشهر، ارتكب الوزير الإخواني خالد الوصابي، وزير التعليم العالي، فضيحة جديدة تُضاف إلى سجل وزارته المظلم، بتعيين 23 شخصًا إخوانيًا كملحقين ثقافيين في مختلف السفارات، ومن بينهم أحمد الخضمي الذي تم تعيينه كملحق ثقافي في ماليزيا. الخضمي هو أحد خريجي حلقات الإخوان والجامعات السودانية، كما تربطه علاقة مصاهرة بالوزير الوصابي. الهدف من هذا التعيين هو تحقيق عمولات الجامعات والاهتمام بالجماعة وأفرادها واستثماراتها في الخارج. تم إعطاء المنصب له دون أي استحقاق قانوني أو عملية مفاضلة.
عند لقائك بالخضمي، يتملكك شعور بالدهشة الممزوجة بالأسى. كأنه خرج للتو من قبو مظلم، أعمى يسير تحت توجيهات قادته في ماليزيا، فرحٌ بمكتبه الجديد، مرتديًا الكرفتة، متقمصًا دورًا لا يفهمه. يجلس وكأنه “شاهد ما شافش حاجة”، أشبه بطفل اكتشف لعبة جديدة للتو.
لكن ضعف شخصية الخضمي لم يمر دون استغلال، فقد وجد السفير عادل باحميد فرصة ذهبية لتحويله إلى كائن هلامي لا وجود له. قرر السفير تهميشه تمامًا، وكلف عبدالله الشليف، ابن أحد مشايخ الجماعة، بإقامة ما يُسمى “ملتقى الباحثين اليمنيين في ماليزيا”، في خطوة تهدف إلى محو اسم الخضمي من أي نشاط رسمي. ورغم أن المنطق يقول إن الخضمي، كملحق ثقافي، يجب أن يترأس اللجنة التحضيرية للملتقى، إلا أنه وُضع جانبًا ليؤدي دورًا هامشيًا كالمعتاد.
واستمرارًا لهذا التهميش والإلغاء، يتحكم بسام القعطاب، موظف الملحقية، بالملحقية والملحق الخضمي. بسام القعطاب هو دويدار السفير عادل باحميد، إذ ينقل للسفير كل الأخبار من مجموعات الواتساب ومن جلسات الناس في المقاهي وغير ذلك. وبالتالي، فإن السفير عادل باحميد يصغي لكل ما يقوله القعطاب ويفضله كثيرًا، حيث يزور السفير إلى البيت باستمرار. لذلك يردد الخضمي ما يقوله بسام كالأعمى. سمعنا كثيرًا عن ضعف الشخصية، ولكن عندما تقابل الخضمي تدرك مدى كارثية ضعف الشخصية لدرجة أنك تشعر بالخجل نيابة عنه وتحزن لأجله كيف يتم استغلاله بهذا الشكل وتهميشه. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. في حفل الخريجين، أُهين الخضمي علنًا، ولم يُمنح حتى فرصة لإلقاء كلمة أو الوقوف على المنصة لتكريم الخريجين.
قابلته في الملحقية بمعية مجموعة من الزملاء وعرضت عليه توجيه الوزير لمعالجة قضيتي. رد قائلاً: “هذا التوجيه يمشي مثل الدولار.” فضحكت من كل ذرة في جسدي وتخيلت حكايات جدتي وحزاويها. عندما تتحدث معه، تشعر أنك أمام عقلية جاءت من قبل الميلاد. تخيلوا أنه يقول إن الطلاب كان يفترض أن يخرجوا في مسيرات دعمًا للوزير الوصابي أثناء فضيحة تسريبات كشوفات الابتعاث وفساد المنح، معتقدًا أن الطلاب أغبياء وسيباركون فسادهم.
عمل الخضمي بهذه العقلية كمستشار للوزير الوصابي، وهذا دليل واضح على حالة الفساد والفشل التي تعيشها الوزارة. عقليات بالية كهذه تدير أهم وزارة وتعتبر مستقبل البلد. وبالرغم من أنه لم ينزل إلى عدن إلا في عام 2018 وكان في صنعاء، إلا أنه تم تعيينه مستشارًا لوزير التعليم العالي فور وصوله، كونه من جماعة الإصلاح وعلى علاقة مصاهرة بالوزير الوصابي، على الرغم من وجود مئات الكوادر في جامعة عدن والمحافظات الجنوبية يتم تهميشها عنوة.
اليوم، الخضمي نفسه غارق في الاستياء من تصرفات السفير عادل باحميد، لكنه لا يجرؤ على فعل شيء سوى الانتظار. تحدث معه عدد من الزملاء مؤخرًا، فوجدوه مستاءً للغاية من تصرفات السفير عادل باحميد ومن تهميشه وإلغاء وجوده وحضوره في العمل وفي الفعاليات التي تُقام. لكنه يردد: “ننتظر حتى يتم إقالة السفير عادل باحميد.”.
إقالة السفير عادل باحميد لم تعد حلمًا وأمنية لأبناء اليمن في ماليزيا وحديث جلساتهم فحسب، بل أصبحت حتى حلم أعضاء البعثة الدبلوماسية أنفسهم. وليس الخضمي وحده من يشعر بهذا الاستياء؛ حتى القنصل صلاح الأحمدي يشتكي بشكل متكرر لأصدقائه الذين يجالسونه من ديكتاتورية عادل باحميد وتسلطه وسلب صلاحياته. فقد تحوّل من قنصل إلى مسؤول اجتماعي في السفارة، ليس له من صلاحيات سوى حل الخلافات بين أبناء الجالية إذا وصلت إلى السفارة، ويُمنع عنه مراقبة الأمور المالية فيها تمامًا.
وانتشرت أخبار مؤخرًا عن ورود اسم السفير عادل باحميد في تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إثر قيامه باختلاس مبالغ مالية ضخمة بملايين الدولارات من رسوم استخراج الجوازات ورسوم التصديقات القنصلية، بالإضافة إلى استخدام حساب السفارة اليمنية في ماليزيا لجمع تبرعات باسم جمعية رياحين، وجمعية التواصل، وجمعية إنسان، وعمليات مشبوهة أخرى.