كتب .. متعب قريقوش
بعد يوم من العمل الإعلامي الذي بدأته منذ الصباح الباكر في تصوير وتغطية عدد من الانشطة والفعاليات
عدت إلى منزلي قرابة الساعة الواحدة ظهراً لإ تناول وجبة الغذاء على عجاله حتى أتمكن من إنجاز ماتبقى لي من عمل في صياغة الاخبار، لما قمت بتغطيته من فعاليات وأنشطة في الصباح وانشرها في مختلف وسائل الإعلام إلى جانب القيام بإنجاز بقية المهام الأخرى المكلف بها ، في إطار ضغط عمل متواصل في مجالي هذا الذي اعتدت عليه.
ذهبت إلى موقعي وقمت بتحرير الاخبار ونشرها ، وبينما أنا أقوم في إنجاز العمل المتبقي نظرت إلى الساعة وإذا هي الثامنة مساءً وما زلت حينها أتلقى اخبار المديريات وأقوم بإعادة صياغتها وإرسالها
أتى نحوي طفلي الصغير يريدني الآعبهُ ولم اكترث له وكان كل ما اقترب مني كنت ادهفه لانني في إنشغال دائم ، تلقى مني طفلي قرابة ثلاث دهفات ، وبعد دقائق معدودة نظرت لإارى اين ذهب طفلي لإجده قد نام على فراشه بعد أن يأس مني
الساعة العاشرة مساءً انهيت عملي الإعلامي وتبقى لي أن أقوم بإنجاز المهام والجوانب الإدارية
تناولت وجبة العشاء أيضاً على استعجال وعدت إلى عملي حتى الساعة الواحدة والنصف انهيت كل أعمالي
وألقيت بعدها بجسدي على فراشي وقد تلبسني الارق لإغط في نوم عميق
استيقظت من نومي كالمعتاد في الصباح الباكر بحدود الساعة السابعة قمت بترتيب اشيائي ووضعتهم في حقيبتي نظرت إلى الساعة واذا هي الثامنة صباحاً حملت حقيبتي وخرجت من منزلي متجهاً إلى مقر عملي الذي يبعد عن قريتي بمسافة حوالي 7 – 8 كيلو .
وبينما أنا أمشي على قارعة الطريق توقفت أمامي إحدى مركبات الأجرة ليطل علي سائقها من النافذة قائلاً لي هيا الحوطة ، قلت له نعم ، وقبل أن اصعد تأملت فيها واذا هي إحدى المركبات القديمة التي انتهى عمرها الافتراضي نوع( لاند روڤر ) وحدقت بإعيني إلى مقاعدها الخلفية واذا هي ممتلئةً بعدد من الرجال والنسوة في صفين متقابلين وبحسب ماإلتمست منهم أنهم ماضبين لاستلام البصمة من إحدى نقاط الصرف بمدنية الحوطة .
كنت متردداً من الصعود إلى هذه المركبة القديمة والمزدحمة بالأشخاص ، وحدثتني نفسي بأن انتظر إلى أن تأتي مركبة أخرى لأشتري راحتي بدلاً من الازدحام والضجيج الذي يمكن أن تسببه لي هذه المركبة
وانا احدث نفسي وإذا بالأشخاص المتواجدين عليها يشيروا إلي بالصعود
شعرت حينها بالحرج وامسكت بإحدى أعمدتها وصعدت
ومضى السائق في قيادتها لإيصالنا إلى مبتغانا
وبين ضجيج السيارة والاحاديث المتبادلة للأشخاص التي عليها كنت متاملاً إليهم ومستمعاً لإصواتهم العالية عن ماظفر به المعلم آفاق بسبب تلك الدهفة التي جلبت له الحظ والخير وووالخ ، بينما المتظاهرين الآخرين عادوا مثلما ذهبوا
كنت حينها مستمعاً وأحدق في احد الأشخاص الجالسين في المقعد المواجه امامي مفتول العضلات وهو صامتاً وكأنه عليه جبل من الهموم ولم يتشارك الحديث مع الآخرين ، وتبدو على وجهه علامات الاستياء وعلى مقربةً منه تجلس إمراة وكأنها إحدى اقرباءه مستندة عليه
قطعت المركبة مسافة قليلة والحديث هو نفسه يتكرر عن المعلم المحظوظ
وماناله المعلم أخذ جزءً كبيراً من اهتمامهم بما تحصل عليه ولم يتغير
حينها ذلك الحديث انتابني الفضول لأنهي هذا الحديث فتفوهت بكلمة
فقلت لهم ارزاق ، ولم ادري بعدها إلا وانا مدهوف في وسط المركبة بين الجانبين ، وأشخاص يمسكون بالرجل الصامت مفتول العضلات ويحاولون تهدأته وإزاحته عني والضجيج يملئُ المكان
وانا في موقعي حاولت أن أسأل أحد الأشخاص القريبين مني والذي يعتلي الكرسي بينما أنا في باطن السيارة
في استغراب مني لإهمس له مالذي حدث لي ومالذي أوصلني إلى هذا الموقع ، فرد علي بصوت منخفض حمداً لله على سلامتك
فكررت مالذي أتى بي إلى هذا الموقع بينما كنت أنا قاعداً معتلي الكرسي
فقال لي يا أبني حصل خير دهفك هذا الرجل لانك تفوهت بإسم زوجته امام الجميع والحمد لله جات سليمة
قلت له مستغرباً مالذي قلت له، انا لم اذكر أحد ولا اعرف أحداً فيكم ، كان حينها يحدثني بلطف يحاول اسكاتي
فهمس لي بإذني يابني هذا الرجل جاء من إحدى المناطق القبلية وانتقل الى منطقتنا قريباً واللي بجانبه هي زوجته اسمها ارزاق اللي ذكرت اسمها أنته
حينها صدمت بهذا القول ومازلت لم أبرح مكاني وفي ذهول من هول ماحدث لي
بينما نظرت على من في السيارة من أشخاص محدقين بي شعرت خلالها بالخجل
عليت صوتي لإبرر لهذه العقليات ما كنت أقصده ، والجميع يحاول اسكاتي وتهدأتي وتهدأت الراجل الغيور
طرقت بعدها زجاج نافذة السائق الخلفية عدة طرقات يلاحقها صوتي الجهوري
توقف سائق السيارة ضناً منه أن أحد الركاب يريد النزول
ولكنني نأديته بإن يأتي إلي لكي اوضح له الاهانة التي تعرضت لها في سيارته لكي ينصفني
وكان متردداً أن ينزل لياتي إلي
وبعد تكرار ندائي له أبعد قدمه من ليور مركبته فأنطفأت كلياً وأقبل إلي بوجه غاضب قائلا ايش الموضوع
قلت له انا تعرضت للإهانة وحاولت اشرح له الموضوع
فما كان منه إلا أن يقول لي خير يا اخي خلاص انزلوا ادهفوا المركبة لكي اشغلها ، وأأتي أتته واصعد بجانبي
فتذكرت حينها نظرات طفلي الذي أتى إلي يريدني ألآعبه وانا ادهفه
انتابتني حينها الحسرة الشديدة
نظرت إلى ساعة يدي واذا هي الساعة التاسعة والنصف صباحاً
فقلت في نفسي اي عمل واي دوام سأقبل عليه في هذا التوقيت واي نفسية بعد الذي حصل ستجعلك أن تبدع !!
نزل جميع الرجال من على السيارة وانا معهم وبقيت النسوة والرجل المفتول الذي دهفني
صعد السائق مركبته
ونحن قمنا بدهفها عدد من المرات حتى اشتغلت
وقبل أن يصعد الركاب وتتحرك المركبة
عليٌت صوتي وطلبت حكم حول الإهانة التي تعرضت لها
فقلت من سيعوضني عن ماتعرضت له هل المعلم الذي أثير الحديث حوله سيقاسمني لما تحصل عليه من رزق ؟
ام أنته يا سائق المركبة وانا أشير بيدي نحوه ستعفيني عن أجرة الصعود ، والتي هي تعتبر ثمن متاعبنا الشاقة في دهفها لتشغيلها وتأخيرنا عن اعمالنا
والتفت إلى الأشخاص اللي بجانبي لأوجه لهم أيضاً اللوم
فجدتهم مقبلين إلي يعتذروا لي ويقبلوني
ويقولوا الله يرضى عليك خلينا نلحق البصمة لنستلم مستحقاتنا اطفالنا جياع ومنازلنا خاوية على عروشها
ونحن اتفقنا سنقتسم لك من كل واحد منا عشرة الف ريال تعويضاً لما لحق بك من أذى
لم أبالي بهم وبما قالوه فكرامتي لا تشترى فتحركت من جانبهم وانا حزين ، وهم ينادوني
واوقفت إحدى السيارات العائدة إلى قريتي وصعدت عليها
ودخلت منزلي ولم يشعر بي أحداً من اسرتي وضعت حقيبتي في إحدى زوايا المنزل
ورميت بجسدي على فراشي ونمت نوما عميقاً
استيقظت من النوم غاضباً بعد أن شعرت بدهفة وقلت من اللي دهفني
قمت بفرك عيناي وإذا بها أمي مبتسمه أمامي
قائلةً لي هل زعلان من الدهفة
حينها ضننت أن امي قد عرفت بما حصل لي من ذلك الشخص مفتول العضلات على المركبة
ففهمت بعدها أنها تقصد دهفتها لي حين ايقضتني من نومي
أخذت بيدي ايش اللي يزعلك يابني فحياتنا كلها دهف
وكررت قائلةً لي منذ أن خرجت أنته على الدنيا طفلاً وانا ادهفك على الفازة لتنام وادهفك حينما تبكي لكي تهدأ وتصمت من الصراخ
ويجب أن نتقبل الدهف يابني
وفي الحقيقة أنا اقتنعت بكلام امي
فهل أنتم مقتنعين؟