كريتر نت – العين الإخبارية
مع تصعيد مليشيات الحوثي لحملة اختطاف موظفي الأمم المتحدة برزت إلى السطح سياسة الجماعة الرامية إلى لي ذراع المنظمة الدولية لفرض أجنداتها السياسية.
حتى 25 يناير/كانون الثاني الجاري أصبح هناك 35 موظفا أمميا خلف القضبان، منهم 13 موظفا تم اختطافهم في يونيو/حزيران الماضي، وهو موقف وضع الأمم المتحدة في مأزق حرج، وفقا لمصادر إعلامية وحقوقية تحدثت مع «العين الإخبارية».
دفعت الموجة الأخيرة من اختطافات الحوثيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تشديد لهجته تجاه الجماعة، إذ أمر بتعليق كل أنشطة الوكالات الأممية في صنعاء ومناطق الانقلاب، وطلب لاحقا من جميع الموظفين عدم التحرك والعمل عن بُعد من منازلهم.
وخلال لقاء المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ مع كبير مفاوضي المليشيات محمد عبدالسلام، جدد الوسيط الدولي الموقف الحازم للأمين العام للأمم المتحدة الداعي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين، إلى جانب العاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية المحتجزين منذ يونيو/حزيران 2024، بالإضافة إلى أولئك المحتجزين منذ عامي 2021 و2023.
البيانات لا تكفي
ورغم ذلك انتقد ناشطون يمنيون التدابير الأممية لحماية العاملين فيها، ووصفوها بأنها «لم تكن بالمستوى المقبول ولم ترقَ لمستوى الخطر الذي يتهدد حياتهم وحريتهم إثر اعتقالات الحوثي الجائرة».
وحث الناشطون الأمم المتحدة على إنهاء «سياسة استرضاء مليشيات الحوثي، التي لم تثمر إلا مزيدا من الصلف والابتزاز للمجتمع اليمني والدولي»، داعين المنظمة الدولية إلى نقل وظائف وكالاتها الإدارية والفنية الرئيسية إلى عدن لتخفيف ضغط المليشيات على هذه المنظمات.
ورصد عضو التحالف اليمني لرصد حقوق الإنسان رياض الدبعي صدور أكثر من 17 بيانا من جهات دولية وأممية بشأن حوادث اختطاف موظفي الأمم المتحدة خلال يونيو/حزيران الماضي، ويناير/كانون الثاني الجاري.
وكتب الدبعي على حسابه في منصة «إكس» أن الواقع عقب صدور هذه الإدانات لم يتغير، إذ «استمر الحوثيون في تجاهلها، ورموها في سلة المهملات، واستمروا في حملاتهم المسعورة ضد الموظفين المدنيين».
وأكد أن «استمرار هذا الوضع يتطلب وقفة جادة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، كون البيانات وحدها لم تعد كافية، وما يحتاج إليه الضحايا هو تحرك فاعل يضمن وقف هذه الانتهاكات الجسيمة ومعاقبة مرتكبيها بحزم».
ماذا يريد الحوثي؟
في تصريح لنائب خارجية الحوثي غير المعترف بها دوليا عبدالواحد أبوراس، أحد أخطر قيادات الصف الأول في الجانب الأمني، قال إن من تم اعتقالهم مؤخرا كانوا على «ذمة خلايا تجسس»، وذكر سببا آخر وهو التماهي الأممي مع واشنطن.
لكن مراقبين يمنيين اعتبروا حملة اختطاف موظفي الأمم المتحدة محاولة لمساومة ولي ذراع المنظمة الدولية وابتزاز المجتمع الدولي ككل، في ظل توجهات دولية تقودها واشنطن لتحجيم قدرات الجماعة.
وهذا ما اعتقده المحلل السياسي اليمني عمر حسن، إذ قال إن «الحملة الجديدة لمليشيات الحوثي لم تعد فقط رسالة للأمم المتحدة، وإنما للمجتمع الدولي برمته، وتزامنت مع قرار تصنيف واشنطن للجماعة منظمة إرهابية أجنبية».
وقال حسن لـ«العين الإخبارية» إن «مليشيات الحوثي لن تنجح هذه المرة في ابتزاز المجتمع الدولي، لأن الظروف الحالية أصبحت متغيرة عما كانت عليه في السابق، إذ هناك توجه أمريكي لتحجيم الحوثيين، وهذا قرار قد يجذب دولا أخرى لاتخاذ النهج نفسه لخنق الجماعة».
وأضاف أن «هذا التوجه شجع الأمم المتحدة هذه المرة على انتقاد أسلوب مليشيات الحوثي في محاولة لي ذراعها بشكل صريح وواضح، وربما أنها تبني عليه خطوات قادمة».
وقال «في الماضي كانت الأمم المتحدة تخشى أن تفقد التمويل اللازم المخصص لمناطق مليشيات الحوثي، لكن هذه المرة تقف الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الجماعة، وهي -أي واشنطن- من أكبر المانحين للمشاريع الأممية، بما في ذلك دعم المنظمات الرئيسية مثل برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسف».
وأكد أن الحكومة الأمريكية من الطبيعي أن توقف الدعم عن مناطق الانقلابيين بعد تصنيفهم منظمة إرهابية، وهو أمر قد «يدفع الأمم المتحدة إلى ممارسة ضغط أكبر على مليشيات الحوثي، وقد يتطور القرار إلى نقل أنشطتها من صنعاء إلى عدن في المستقبل».