وليد صالح عياش
الأمين العام للمجلس الوطني للأقليات
منذ فجر التاريخ، كان التمييز العنصري والديني سيفًا مسلطًا على رقاب الأقليات، يشق طريقه عبر حقب مظلمة مليئة بالألم والظلم والإذلال.. في كل زاوية من زوايا هذا العالم ثمة تاريخ يحكي قصصاً مأساوية خلفها التمييز العنصري أو الديني، أدى إلى تعرض الأقليات الدينية والعرقية للعنف والاضطهاد والقتل والتهجير القسري، وبلغ الامر في كثير من الأحيان، حد الإبادة الجماعية لجماعات مستضعفة في معارك لم يخضها افرادها أبداً، ولم يكن ذنبهم سوى أنهم مختلفون في العرق أو الدين.
التمييز العنصري والديني وما يصاحبه من تحريض على كراهية الأقليات، كان وما يزال أخطر وحش يلتهم إنسانية الانسان.
يشعل نيران الكراهية في قلوب افراد المجتمع المتنوع ويحولهم إلى شياطين وأعداء، وهم في الأصل اخوة في الإنسانية وشركاء في بناء المجتمع وازدهاره.
التمييز والتحريض على كراهية الأقليات ليس مجرد كارثة على المجتمعات، بل جرح نازف في جسد الإنسانية ككل.
يؤكد دي فارين (خبير في الأمم المتحدة) لمجلس حقوق الانسان (مارس 2022) أن النزاعات العنيفة ، سواء كانت نزاعات داخلية أو بين الدول، غالبا ما تكون بسبب انتهاكات حقوق الانسان للأقليات.
ولذلك لم يكن اضطهاد الأقليات سبباً لمعاناة الأقليات فحسب، بل كان وسيظل أحد العوامل التي تهدد الأمن والسلم المحلي والإقليمي والدولي.
وبالتالي لا يمكن معالجة أسباب النزاعات وتحقيق السلم في مكان ما في العالم دون معالجة قضايا الأقليات وحماية حقوقها الإنسانية، ويشمل ذلك ضمان المساواة في وصول الأقليات إلى الفرص الاقتصادية والاجتماعية، ومشاركتها السياسية الفعالة وتمثيلها، والتطوير البنّاء للممارسات والترتيبات المؤسسية لاستيعاب التنوع داخل المجتمع.
وبعبارة أخرى، تعميم واعتماد نهج حقوق الإنسان في سياقات المظالم التي يحتمل أن تؤدي إلى توترات وصراعات عنيفة محتملة.
يتفق بوويرسوك (أستاذ التاريخ القديم بجامعات هارفارد وأكسفورد) مع رؤية دي فارين.
في دراسته عن تاريخ الشرق الأوسط القديم، يروي بوويرسوك قصة مذبحة الملك الحميري اليهودي يوسف بن شراحبيل (ذو نواس) للمسيحيين في نجران الذين رفضوا التحول إلى اليهودية، وهي الحادثة التي دفعت مملكة أكسوم الحبشية والبيزنطيين لغزو جنوب غرب شبه الجزيرة العربية (اليمن) في حرب دينية مريرة اختلطت فيها الدوافع الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية.
يقول بوويرسوك إن الدين قدم القاسم المشترك لما يمكن اعتباره “تدخلا دوليا واسع النطاق في الشؤون العربية” قديما.
وفقًا لموسوعة الحروب، من بين جميع الصراعات التاريخية المسجلة البالغ عددها 1763 صراعًا، كانت الاختلافات الدينية السبب في 123، أي 6.98٪ من إجمالي الحروب.
ويعرض الكاتب ماثيو وايت في كتابه «الكتاب الكبير العظيم للأشياء المروعة» الدين باعتباره سببًا رئيسيًا في 11 من أكثر الأعمال الوحشية الدموية حول العالم.
ومع ذلك، غالبًا ما تخلص الدراسات حول هذه الحالات إلى أن العداوات العرقية تقف وراء الكثير من النزاعات المروعة.
الوعي العالمي بخطورة اضطهاد الأقليات على الأمن والسلم الاجتماعي
مع مرور الزمن ازداد الوعي العالمي بعواقب التمييز الديني والعنصري واضطهاد الأقليات، بدأت بعض الدول تتخذ إجراءات للقضاء على التمييز وتعزيز حقوق الانسان والمساواة بين جميع الناس بغض النظر عن جنسهم او عرقهم او دينهم أو معتقدهم، وانخرطت في عدة اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف لحماية الأقليات. عقب الحرب العالمية الثانية ادركت أمم العالم خطورة التمييز العنصري والديني وازدراء حقوق الانسان على الأمن والسلم الاجتماعيين إقليمياً ودولياً، وأقرت بأن مبدأ الكرامة والمساواة أصيلتين في جميع البشر، وتعهدت باتخاذ تدابير مشتركة ومستقلة لتعزيز وتشجيع الاحترام العالمي والفعال لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين؛ واعترفت صراحة بكلمات واضحة في اعظم وثيقة عالمية سطرها التاريخ البشري تحت عنوان الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948.
أن الإقرار بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم؛ وأن تناسي حقوق الإنسان قد أدى إلى أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية؛ ومن الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم ؛ وأكدت أن جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بروح الإخاء ؛ وشجبت جميع اشكال التمييز العنصري، وصرحت بأن أي مذهب للتفوق القائم علي التفرقة العنصرية هو مذهب خاطئ علمياً ومشجوب أدبياً وظالم وخطر اجتماعياً، ولا يوجد أي مبرر نظري أو عملي للتمييز العنصري في أي مكان، وأن التمييز بين البشر بسبب العرق أو اللون أو الأصل الاثني يشكل عقبة تعترض العلاقات الودية والسلمية بين الأمم وواقعا من شأنه تعكير السلم والأمن بين الشعوب والإخلال بالوئام بين أشخاص يعيشون جنبا إلي جنب حتى في داخل الدولة الواحدة، وأن وجود حواجز عنصرية أمر مناف للمثل العليا لأي مجتمع إنساني .
كما أن إهمال وانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا سيما الحق في حرية التفكير أو الوجدان أو الدين أو المعتقد أيا كان، قد جلبا على البشرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حروبا، وآلاما بالغة، خصوصا حيث يتخذان وسيلة للتدخل الأجنبي في الشئون الداخلية للدول الأخرى، ويؤديان إلى إثارة الكراهية بين الشعوب والأمم. وأن احترام تنوع الثقافات، والتسامح، والحوار، والتعاون، في جو من الثقة والتفاهم، هو خير ضمان لتحقيق السلام والأمن الدوليين؛ وأن تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية يسهمان في الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول التي يعيشون فيها .
وفي سياق الوعي بأهمية الاعتراف بالحقوق المتساوية لتحقيق السلم والامن الاجتماعيين، أقرت الأمم المتحدة وتعهدت بأن “لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين” و “حرية الرأي والتعبير” وأن “الناس جميعا سواء امام القانون.. ويجب ان يحظر القانون اي تمييز، وان يكفل لجميع الاشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لاي سبب، كالعرق او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الراي …” وأنه “لا يجوز، في الدول التي توجد فيها اقليات اثنية او دينية او لغوية، ان يحرم الاشخاص المنتسبون الى الاقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة او المجاهرة بدينهم واقامة شعائرهم او استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الاعضاء الآخرين في جماعتهم.”
و “أن التربية يجب أن تهدف إلي … تنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية”.
وعلى أساس ذلك تشكل القانون الدولي لحقوق الانسان في عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية تلزم الدول الأطراف على إعمالها، واتخاذ التدابير القانونية والتربوية لترسيخها في الثقافة الإنسانية على المستويين الوطني والدولي.
فكان من نصيب الدول التي أخذت القانون الدولي لحقوق الانسان بمحمل الجد أن تحقق لشعوبها السلام والأمان والتقدم والازدهار؛ بينما الدول التي تنصلت عن تعهداتها وجحدت بالقانون الدولي لحقوق الانسان في قوانينها ومعاملاتها ظلت تدفع شعوبها الى مزيدٍ من الظلام والتخلف والفقر، غارقة في مستنقع الصراعات العنيفة والأزمات المتراكمة.
لمحة عن وضع الأقليات في اليمن
اليمن بلد متعدد الثقافات والأديان كغيره من بلدان العالم، وعضو في الأمم المتحدة، وطرف في القانون الدولي لحقوق الانسان، إلا أنه يعيش تاريخا مأساويا في ظل ثقافة التمييز الديني والعرقي وتفشي خطاب الكراهية وازدراء التنوع وحقوق الانسان.
تعيش اليمن بأكملها وضعًا انسانيًا كارثيًا، وصفته التقارير الدولية بأنها الأفظع عالميا .. لقد أدت الحرب اليمنية إلى تدمير مكتسبات التنمية وأعادت اليمن إلى الوراء، إلى ما يزيد عن عقدين من الزمان إن لم يكن أبعد من ذلك بكثير، مما فاقم تحديات الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي.. الا أن الأخطر من الحرب هو تفشي ثقافة التمييز الديني والمناطقي والعرقي في اوساط المجتمع.
بسبب التمييز أصبحت الكراهية تسري في جسد المجتمع اليمني المتنوع ثقافيا كما تسري السكاكين في جسد الذبيحة، تمزقه الى اجزاء وتترك دماءه تنزف من كل جزء دون شعور بالأسف أو الندم.
أصبح الإقصاء الديني والعرقي والحزبي جزء من استراتيجيات القوى الفاعلة في صراعها، بمزاعم تشكك في عقيدة الآخر، تكفره او تخونه او تزدريه.
والعلاقة بين التمييز والتعصب قوية، يتفاعلان معاً فينتجان ثقافة الكراهية على توليفة بين عنصرين هما التكفير والتخوين.
التخوين هو الوجه الاخر للتكفير من حيث ان كلا منهما يعبر عن اقصى حالات العداء تجاه الآخر. بل ان التخوين في جوهره نوع من التكفير.
اذا كانت الحرب دمرت بشكل مباشر المكتسبات الوطنية التي تحققت خلال العقود الماضية (منذ 26 سبتمبر 1962 حتى 21 سبتمبر 2014) فإن التمييز الديني والعنصري وخطاب الكراهية المتغلغلان في المجتمع اليمني يعملان بإمعان على تدمير المستقبل.. وفي هذه المعمعة كانت الأقليات الدينية والعرقية هي الضحية الأكثر استهدافاً، حيث اتخذتها الاطراف الراديكالية المتطرفة والمتنازعة على السلطة هدفاً مباشرا للقضاء عليها.
تؤكد الدلائل أن اضطهاد الأقليات الدينية والعرقية في اليمن ارتفعت وتيرته بشكل ممنهج منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء وعدد من المحافظات في شمال وغرب اليمن.
كما تؤكد دون أدنى شك وقوف النظام الإيراني وراء عملية الاضطهاد الممنهج للبهائيين في اليمن بشكل مباشر من خلال أذرعها في القيادة السياسية الحوثية والاجهزة الأمنية والاستخباراتية وهذا الشيء الذي أكده السيد/ أحمد شهيد المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد في البيان الذي أصدره في 22 مايو 2017 حيث أشار فيه إلى التشابه الواضح بين الاضطهاد الحاصل للبهائيين في صنعاء وطهران.
تعرض العشرات من أبناء الأقليات الدينية اليمنية، بهائيين ويهود ومسيحيين وأحمديين، لاعتقالات جماعية تعسفية استهدفت الرجال والنساء والاطفال، بعضهم تعرضوا للتعذيب المبرح واحيلوا لمحاكمات تفتقر لمعايير العدالة.
واجه البعض احكام الإعدام، وشُردت أسر بأكملها من منازلها بعد مصادرة الحوثيين لممتلكاتها واصولها وعقاراتها واجبارها على الرحيل من اليمن.
وما زالت السلطة الحوثية تعتقل سالم موسى مرحبي أحد أبناء الطائفة اليهودية اليمنية منذ عام 2016 حتى كتابة هذا المقال رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنه.
لفقت السلطات الحوثية تهما لا أساس لها من الصحة بحق أبناء الأقليات، فبالإضافة الى تهمة الردة عن الاسلام، اتهمت البهائيين والمسيحيين واليهود بانهم خلايا جاسوسية وجزء من الحرب الناعمة التي تقودها امريكا وإسرائيل ضد اليمن.
ووجهت حملة إعلامية واسعة تحرض المجتمع اليمني على كراهية الأقليات الدينية اليمنية ومحاربتها.
اليوم الأقليات الدينية المتبقية في اليمن تعيش حالة مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة، مجبرة على التخفي بسبب الاعتقالات التعسفية أو التعرض للاعتداء سيما بعد اعتقالات 2023 للبهائيين والاحمدين في صنعاء.
تأسيس المجلس الوطني للأقليات في اليمن
في خضم الاضطهاد الممنهج بحق الأقليات اليمنية شكلت الأقليات تحالفاً مدنيا سلميا بمساندة عديد من منظمات المجتمع المدني سيما المنظمات الحقوقية اليمنية والدولية ، وبحلول مارس 2022 أعلنت الأقليات تأسيس المجلس الوطني للأقليات في اليمن، يضم البهائيين والمسيحيين واليهود وذوي البشرة السوداء والمولدين، لتكشف بذلك عن مرحلة جديدة من الكفاح الوطني السلمي لتحقيق الحرية والمساواة والمواطنة الحاضنة للتنوع الثقافي والديني والعرقي استنادا الى القانون الدولي لحقوق الانسان؛ وأكدت عزمها على مناهضة جميع اشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس العرق أو الدين أو المعتقد. وبدوره سعى المجلس الوطني للأقليات في اليمن إلى تحقيق أهدافه من خلال تنفيذ وتنظيم سلسلة من الفعاليات الإعلامية والثقافية والفكرية بغية ترسيخ ثقافة التنوع وحرية الدين والمعتقد والاعتراف بحقوق الأقليات الدينية والعرقية، والتعايش والتسامح. وعلى مدار ثلاثة أعوام منذ تأسيسه سجل المجلس حضورا غير عاديا في الوسط الثقافي الفكري اليمني من خلال خوض العديد من الحوارات المجتمعية عبر مساحات التواصل الاجتماعي في الفضاءات الالكترونية، والمشاركة بفاعلية في المؤتمرات الدولية والوطنية، وقدم نفسه مدافعا عن الأقليات الدينية والعرقية بجدارة مشهودة بمشاركاته في الفعاليات الدولية بما في ذلك المشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف ، علاوة على اللقاءات المباشرة مع القيادات الرئاسية والحكومية والبرلمانية في اليمن، وقادة المنظمات الدولية المعنية بالأقليات وحقوق الإنسان. ونجح المجلس في احداث تغييراً ملموساً في الخطاب السياسي الحكومي لصالح الأقليات اليمنية والتنوع الثقافي.
تطلع الأقليات اليمنية للمستقبل
تتطلع الأقليات اليمنية إلى مستقبل أفضل يعم اليمن، يسوده السلام والتعايش والتسامح، وتؤكد تمسكها بحق المنفيين والمهجرين قسراً في العودة إلى وطنهم اليمني دون أي شروط ، ويحدوها الأمل بقيام دولة مدنية تعزز التنوع الثقافي، وتكفل حقوق الإنسان وتتسع لجميع الاطياف الفكرية والدينية والعرقية، في ظل نظام يحترم الحريات ويصون كرامة الانسان ويحظر التمييز بكل اشكاله. وهذا يقتضي جملة من المنطلقات التي ينبغي اخذها بعين الاعتبارات أهمها:
احترام مبادئ حقوق الإنسان التي كفلها القانون الدولي والعمل بموجبها.
المساواة في الحقوق والكرامة والاعتراف بالمواطنة للجميع.
بحيث يتمتع المواطنون من أبناء الاقليات بكافة حقوقهم على قدم المساواة مع كافة المواطنين، ومن ذلك شغل الوظائف الحكومية، والوصول الى التعليم العالي والتدريب المهني، والمشاركة السياسية والتنموية والاقتصادية والثقافية.
احترام حق كل مكون ديني بممارسة شعائره الدينية والاحتفال بأعياده، وبناء ما يخصه من دور العبادة وغيرها من المؤسسات الدينية، وحق كل فرد في اختيار دينه أو معتقده وفق المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.
الإقرار بامتياز دور المرأة في بناء السلام المستدام وتحقيق التنمية، كشريك أساس مع الرجل. في ظل نظام يتساوى فيه الجميع دون تمييز أو إقصاء.
التزام الدولة والمجتمع بكل اطيافه ومكوناته بإعادة النظر في المناهج التعليمية والسياسة الاعلامية العامة والحزبية والخاصة بما يعزز دور التربية والتعليم ووسائل الاعلام في ترسيخ قيم التسامح والتعايش والمحبة ونبذ العنف والعداوة والكراهية بكل اشكالها.
اعتراف جميع اليمنيين بأن تحكيم السلاح واللجوء للعنف في حل الخلافات والنزاعات السياسية والحقوقية كارثة لن تتكرر، والعمل على بناء قضاء وطني مستقل لحل كافة الخلافات والنزاعات سلميا استنادا إلى قوانين يتفق عليها الجميع تكفل العدالة الانتقالية والديمقراطية والمساواة في الكرامة والحقوق، وتضمن حق أي جماعة او حزب او طائفة أن تلجأ الى المحكمة الدولية في حال فشل القضاء اليمني في حل النزاع.
الاقرار بأن السلطة السياسية والقضائية وغيرها من مؤسسات الدولة ليست غنيمة للتنازع عليها، بل هي مؤسسات وطنية مستقلة يتولى وظائفها ذوي الكفاءات المتخصصة وفقا لمعايير واضحة وشفافة متفق عليها لا تقصي أحد بسبب الجنس أو الدين أو الحزب أو العرق، وتؤدي خدماتها لكل المواطنين بأعلى درجات الجودة دون تمييز، وتلتزم بالنزاهة والشفافية والمساءلة والحكم والرشيد.
تعزيز ثقافة وحدة البشرية باعتبارها “الترياق الأمثل لمرض العنصرية والخوف من الآخر ولسائر مظاهر التفرقة”.
إن مبدأ وحدة البشرية أصبح أكثر وضوحاً اليوم لدى معظم شعوب العالم التي أخذت به وعلى أساسه تمكنت من التغلب على اسباب النزاعات والحروب ومظاهر العنف المختلفة التي طالما كانت تؤرقها وتعيق تقدمها . يقول حضرة بهاء الله “يَا أَبْناءَ الإِنْسانِ! هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ واحِدٍ؛ لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ عَلى أَحَدٍ. وَتَفَكَّرُوا فِي كُلِّ حِينٍ فِي خَلْقِ أَنْفُسِكُم؛ إِذاً يَنْبَغِي كَما خَلَقْناكُم مِنْ شَيْءٍ واحِدٍ أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ”.