كريتر نت – متابعات
وقعت مواجهات بين عدد من أنصار حزب الله والجيش اللبناني قرب مطار بيروت الدولي، السبت، خلال تظاهرة نظمها الحزب استنكارا لما يعتبره “تدخلا إسرائيليا في البلاد،” ما اضطر الجيش إلى رد الفعل في مؤشر واضح على أن احتجاجات المطار ترسم أولى خطوات القطيعة بين الطرفين، في وقت يعرف فيه الحزب أن خسارته مع الجيش تعني فتح الباب على تراجع لن يتوقف.
وعلى خلاف ما كان يحصل في السابق حين كان الجيش يلازم الصمت ولا يرد الفعل على استفزاز أنصار الحزب، فإن الجيش هذه المرة أطلق الغاز المسيل للدموع على أنصار الحزب الذين كانوا يحتجون بالقرب من مطار بيروت على منع لبنان طائرة إيرانية من الهبوط، وردوا هم باستهداف عناصر الجيش بالحجارة.
وتعتقد أوساط سياسية لبنانية مطلعة أن حزب الله كان يريد اختبار ردة فعل الجيش من خلال الاحتجاجات وعمليات الحرق واستهداف عنصر من قوات اليونيفيل، فإذا لزم الصمت فإن خطة الحزب تكون قد نجحت في إرباك الجيش ومنعه من السيطرة على الوضع الأمني والإمساك بملف السلاح لاحقا.
لكن الأمر لم يسر كما يريده الحزب، وتحرك الجيش ورد على الاستفزاز في مؤشر على أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيدا متبادلا خاصة أن الحزب لا يريد التسليم بالوضع الراهن حتى لا يتم التعامل معه على أنه ضعيف ويقبل بالأمر الواقع.
والآن سيعمل الحزب على التهدئة، واعتماد خطاب مغازل للجيش وتحميل المسؤولية لجهة مجهولة قد تكون مجرد جندي أو قائد كتيبة يقف وراء قرار إطلاق الغاز المسيل للدموع على أنصار الحزب.
ودعا النائب عن حزب الله حسن فضل الله الجيش إلى محاسبة من أطلق الغاز المسيل للدموع على المحتجين.
وأضاف فضل الله في بيان “كان حريا بمجلس الدفاع الأعلى والحكومة عقد اجتماعات فورية لدراسة الخطوات الواجب اتخاذها لمنع العدو الإسرائيلي من فرض إملاءاته على المطار (…) بدل الاستنفار السياسي والإعلامي وإطلاق التصاريح وتهديد المواطنين بإجراءات أمنية لا يمكن أن تخيف أصحاب الحق، ومحاولة الاستقواء على اعتصام سلمي على طريق المطار“.
ويريد الحزب عبر دفع أنصاره إلى التظاهر توجيه عدة رسائل إلى الداخل والخارج منها أن الحزب لم يخسر الحرب وهو موجود وقادر على رد الفعل، ويرفض سياسة إخراجه من مواقع القرار ويعارض انفراد الولايات المتحدة بوضع ما يجوز وما لا يجوز في لبنان.
ولم يستوعب الحزب أن ينتهي قراره بخوض الحرب لإسناد غزة إلى محاصرته وتهميشه على خلاف ما حصل في حروب سابقة حيث تمت الإشادة به وتسليمه مقاليد القرار العسكري والأمني والسياسي في لبنان.
لكن الرسالة الأهم من الاحتجاجات هي ضرورة القبول بوجود إيران في المشهد وفتح الباب أمام طائراتها لتأتي وتخرج من لبنان، وعدم محاصرتها كما يريد الأميركيون.
ومنذ الخميس، ينظم أنصار حزب الله مظاهرات تتركز أمام مطار بيروت وعلى الطريق المؤدي إليه، احتجاجا على رفض سلطات المطار في اليوم ذاته منح إذن بالهبوط لطائرة ركاب إيرانية، حيث يعتبرون القرار “خضوعا لإملاءات إسرائيلية”.
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن “المشاركين في المظاهرات حملوا العلم اللبناني ورايات حزب الله وصورا للأمين العام الأسبق للحزب حسن نصرالله، ورددوا هتافات نددت بالتدخل الإسرائيلي – الأميركي في لبنان”.
وأضافت أن عددا من المتظاهرين حاولوا لاحقا التقدم باتجاه مدخل المطار، إلا أن الجيش منعهم من ذلك، لتندلع مواجهات بين الجانبين.
ولفتت الوكالة إلى أن الجيش اللبناني أطلق قنابل مسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين بهدف تفرقتهم، ما أدى إلى وقوع حالات اختناق. وذكرت أن مناصري حزب الله قاموا من جانبهم بإلقاء الحجارة على عناصر الجيش.
وبشأن سبب منع هبوط الطائرة الإيرانية في مطار بيروت الخميس، تحدث وزير الأشغال العامة اللبناني فايز رسامني عن مبررات عدة تتعلق بأمن المطار، وعقوبات أوروبية على الطيران الإيراني يمكن أن تؤثر على مسار المطار وسلامة الركاب.
وأضاف في تصريحات للصحافيين السبت “اتخذنا القرارات المناسبة لتحييد المطار عن أيّ اعتداء”.
وجاءت خطوة مطار بيروت بعدم منح إذن هبوط للطائرة الإيرانية بعد يوم واحد من ادعاء متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن “فيلق القدس الإيراني وحزب الله، يستغلان المطار لتهريب أموال مخصصة لتسليح الحزب عبر رحلات مدنية”.
وردا على سؤال بشأن ارتباط قرار منع هبوط الطائرة بتهديدات أدرعي قال رسامني “نحن نقوم بواجباتنا ونتخذ الإجراءات لتأمين أمن المطار والمسافرين”. وأضاف “نحن لا نركز على التهديدات، فهناك قضايا أخطر من ذلك تتعلق بالعقوبات، وتؤثر على مطار بيروت وشركة طيران الشرق الأوسط (الناقل الوطني اللبناني)، وهذا ما يحتم علينا اتخاذ القرارات التي أقررناها”.
وأعلنت السلطات اللبنانية السبت توقيف أكثر من 25 شخصا غداة إصابة ضابطين من قوة الأمم المتحدة (يونيفيل) بهجوم على موكبهما على طريق مؤدٍ إلى مطار بيروت أغلقه حشد من أنصار حزب الله، فيما تعهد الرئيس جوزيف عون أن ينال منفذوه “عقابهم”.
وأعلن وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار في مؤتمر صحفي السبت أنه “حتى الآن، لدينا أكثر من 25 موقوفا في مخابرات الجيش اللبناني.. وهناك موقوف عند شعبة المعلومات بقوى الأمن الداخلي”.
وأوضح أن “هذا لا يعني أن هؤلاء الموقوفين ارتكبوا الاعتداء على اليونيفيل، لكن التحقيقات سوف تظهر من هو المسؤول ومن المرتكب” كما أنها “ستتواصل بشكل جدي جدا”.