د. يوسف سعيد احمد
يخطأ البعض احيانا عندما يعتقد ان بامكان البلد الذي يشهد حربا اهلية كما هو حالنا في اليمن يستطيع ببساطة التعافي اقتصاديا في ظل استمرار الحرب او بقاءها على حالها “لاحرب ولا سلام” .
اول ضحايا الحروب هو الاقتصاد واحد اسبابها ايضا هو الاقتصاد . وفي هذا يختزن التاريخ المعاصر امثلة كثيرة عن المآلات والتداعيات التي تحدث كنتيجة منطقية وموضوعية لهذه الشرور.
و عندما لاتكون الحروب مقدسة من نوع الحروب الاهلية التي قد تنسى الذاكرة الفردية اوحتى الجمعية في خظم التدعيات الكارثية الناتجة عنها المتسبب في اطلاق شرارتها او من اشعلها يصبح الجميع على قدر من المساواة في المسؤولية.
انهيار الريال تدعياتة كارثية
——————
مايحدث من تطورات سلبية مريعة على صعيد سعر الصرف في مبادلة الريال /بالدولار الامريكي عملية مقلقة وخطيرة .ليس لان سعر الصرف هو عنوان اقتصاد الدول ومؤشر على ضعفها او قوتها بدلالة الاستثمار والنمو والدخول والاسعار والوظائف ايضا ولكن لانه في اجواء مسمومة انتجتها بيئة الحرب يتعرض الريال اليمني للتدهور مستمر ويفقد قيمتةوقوتة الشرائية وبسرعة. فقد الريال اليمني منذ بدأ الحرب نحو 75% من قيمتة.
وفي البلدان التي تعاني في الاصل اقتصاداتها من اختلالات هيكلية تنعكس في تفاقم حسابها الجاري ومعمالاتها الخارجية تتعرض عملاتها الى ضغوط وبشكل مستمر تدفعها نحو الهبوك في مبادلاتها مع الدولار. وعندما تكون االدولة اي دولة مستورد صافي للغذاء والدواء والمشتقات النفطية وصادراتها محدودة جدا كما هو حال بلادنا يرتفع الطلب على الدولار وتدزداد وتيرة المضاربة في سوق الصرف الاجنبي.
وتغذي حالة الحرب
واللا سلم مع انقسام السياسات كانعكاس لانقسام النظام المالي اليمني عوامل تدهور قيمة العملة الوطنية ؛ وارتفاع الطلب على العملات الحرة الدولية وتحديدا الدولار الامريكي.
لكن يتعين ان اقول ان دافع المضاربة ليس بسبب الكتلة الحرجة في الاقتصاد بمعناها السلبي وانا اقصد هنا استيراد النفط ومشتقاتة رغم انه عامل رئيس فيما يحدث ولكن ايضا تغذي بيئة الحرب مالكي الثروة الشرعيين وغير الشرعيين” بدلالة مصدر الثروة” الى الاحتفاظ باموالهم بالدولار وهذه عوامل كلها تسهم في تدهور سعر العملة الوطنية .
والمشكلة انه في ظروف الاقتصاد اليمني شديد الهشاشة مع كل انهيار في سعر الصرف يصبح مركتز او هدف اي سياسات ماليةو نقدية هو توقيف سعر العملة عند المستوى الذي وصلت اليه وليس اعادتها الى مستوياتها السابقة لان سعر العملة في حال بلادنا مثل الماضي لايعود الى ماكان عليه فالماضي لايعود ابدا . لكن عندما ياتي السلم قد نحتاج الى تصفير العداد ” اقصد شطب الاصفار من العملة “في سياق اصلاح اقتصادي ومالي وسياسي وقد نحتاج الى تغيير العملة ذاتها .
مايحدث على صعيد سعر الصرف هو كارثي بمقياس تدهور معيشة الناس ودخولهم وتعاظم حالة الجوع والفاقة واذا ما استمرت وتيرة تراجع قيمة الريال فلا احد يستطيع ان يتنبأ بالنتائج لكن كل السيناريوهات مخيفة.”وانا هنا لا اخوف” بل و من قلبي ارجو وباخلاص ان يسود الاستقرار والسلام والامن الاجتماعي كل بلادي.
اسباب انهيار قيمة الريال محلية وخارجية .والجهات ذات العلاقة في كل مستوياتها على بينة بطبيعة المشكلة وتدرك طبيعة المعالجات الصارمة التي يجب ان تتبع وتتكامل لوقف نزيف تدهور قيمة الريال .ولازلت عند رايي الشخصي من واقع قراءاتي للمشكلة انه في وضعنا الراهن عندما يتعلق الامر بالموضوع الاقصادي وخاصة من اجل احداث الاستقرار النسبي في سعر الصرف فإن الجهد الوطني لوحدة لايكفي على قدر اهميتة وضرورتة ” نحتاج وطنيا ان تحشد كل الجهود وعلى كل المستويات في الحكومة والمحليات والبنك المركزي وبنفس درجة الاهمية والمسؤولية لمواجهة الازمة “نحتاج ان نتصارح حكومة ومحليات عن ماهو المتاح والممكن وعن ماذا لو عملنا …واستغلينا …ومنعنا.. وضبطنا ..”
العوامل والاسباب التي ولدت ازمة الريال اليمني ووصولها الى هذا المستوى الخطير متداخلة وطنيا واقليميا ” ولا اريد ان افسر اكثر ”
لذلك نحتاج ان يتفهم الاشقاء القريبين المعنيين في الملف اليمني بصورة اكبر واسرع طبيعة الازمة الاقتصادية بعنوانها العريض” انهيار قيمة الريال اليمني” وماذا تعني..
وان يسارعوا في المساعدة في حلها واولها ان تمر عبر البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن كافة التحويلات التي ينفقونها في اليمن والتي تصل الى اليمن بالعملة السعودية والدرهم الامارتي .
وثانيهما ان يمنحوا اليمن افضلية وان مؤقتا تنتهي بانتهاء الحرب في استيراد النفط ومشتقاتة من اسواقهم بعملات دولهم ” الريال السعودي و الدرهم الاماراتي ”
و ثالثا:
ان يساعدوا اكثر في تدعيم الاحتياطي النقدي الاجنبي للبنك المركزي اليمني كما عملوا مع لبنان” ولا اقول مصر” وفي نفس الوقت منح البنك المركزي مرونة اكبر في استخدام الوديعة للدفاع عن سعر صرف العملة دون قيود وفقا لادواتة النقدية .
لان تداعيات الازمة واثارها متشابكة ايضا مثلما هي الاسباب فانه سيكون مكلفا محليا وعلى الجوار. ” اوروبا دفعت لتركيا المجاورة اوالتزمت بدفع اكثر من 12 مليار دولارنظمتها اتفاقية بشان منع المهاجرين او احتوائهم في بلادها وهي تخوض حربا في بلدين مجاورين لتركيا لان الاخيرة تمثل بوابة اوروبا .. “. وفي اليمن الذي يشكل حزاما امنيا للاشقاء الذي تداخلت فيه الاسباب والعوامل كما اسلفنا اذا ما بلغ الجوع مبلغة كنتاج للحرب وتواصل انهيار قيمة الريال فإن التحديات المتشابكة الناتجة عنها ستكون باهضة على الجميع.