كريتر نت / قراءة لنص “جوانزو” للشاعر/
عادل الصياد / بقلم/مسعد عكيزان
النص:
*((جوانزو*))
*عادل الصياد*
من شباكها الوردي كالحلم
ترى ما ليس نبصره …
عيون مثل سم الخيط
مشرقة ، و معلنة
عن الفجر الذي يمتد
من احلى غصون العشق
حتى وآحة التعب
جوانزو الليل
أغنية ،
ترتلها فصول الأرض
جوانزو ،
كلها الأحلام راقصة
وهذا الليل منكسر
يفتش عن ملاذ
في عيون الهاربين
من المدى المجنون
لو أني …
لو أن المسافة ..
تحرق الأشواق
لاشتعلت جحيم الله
في صدري ،
بأنات الذين تشردوا
بالجوع
بالأهات
بالعبرات
صباح الخير ” هون فو لو ”
سأروي ما تجذر
في سنين العمر
بواد غير ذي أمل
و عيش مثقل بالهم
و الضجر
و أقصص للذين نسوا
وما انساهم الشيطان
حكاية عاشق الأزهار.
و السجان …
وعن ملك ،
الا تبت يداه وتب
و مملكة ،
كما لو أنها القضبان
و هل أقسى على الضمآن
من ماء كذب !؟
مساء الخير ” بيجين لو ”
اتيتك من دمي هربا
الى عينيك
وطرتك حاملا روحي
و جئت إليك
امد يدا
و اخفي في يدي الأخرى
بكاءاتي
وشكل نهايتي المصلوب
بين “التبغ ” و ” القات “
أتيتك من كهوف الموت
هل تروي بعذبك
رمل هذا القلب !؟
هل آوي الى عينيك ثانية
و تمنحني الوفاء !؟
ما زال المساء
يئن في بلدي
و ما زالت
سماء القرية الجدباء دائخة
و ما زال الوباء !!
*******************
القراءة
من مطالعة النص الشعري الموسوم بعنوان (جوانزو) للشاعر عاد الصياد ندرك أننا أمام أحد النصوص التي تتخذ من المدينة إيقونة تختزل وجدان الشاعر، وتعكس تفاعل الإنسان مع المكان.
إطلالة المدينة في صورة فتاة بصباح جميل نظراتها أمل وتفاؤل وإقبال على الحياة.
من شباكها الوردي كالحلم
ترى ما ليس نبصره …
عيون مثل سم الخيط
مشرقة ، و معلنة
عن الفجر الذي يمتد
من احلى غصون العشق
حتى وآحة التعب
أتقن الشاعر رسم لوحته الشعرية بتقنية المقابلات التي تخلق الانسجام في جو النص..
المكان .. المدينة التي يعيش في أحضانها، وهناك في الخلفية يعطينا إشارات عن الريف القادم منه..
الزمان .. النهار والليل، الصباح والمساء إسقاطات معبرة للرؤية التي يريد الشاعر أن يحملها نصه الشعري.
الإنسان.. الأنا والآخر.. الذات الحائرة في جدلية المقارنة بين ثقافتين مختلفتين.
جوانزو الليل
أغنية ،
ترتلها فصول الأرض
جوانزو ،
كلها الأحلام راقصة
وهذا الليل منكسر
يفتش عن ملاذ
في عيون الهاربين
من المدى المجنون
اللوعة تطغى على النص الذي مبعثها الشعور بالاغتراب والوحدة بعيدا عن الوطن رغم الواقع الذي أدى إلى الانسلاخ ومحاولة وجود تلك الذات الحائرة في الأصقاع البعيدة والقصية.
فيضع للقارئ دلالات واضحة تساعده للغوص في عمق النص حين يقول:
لو أني …
لو أن المسافة ..
تحرق الأشواق
لاشتعلت جحيم الله
في صدري ،
بأنات الذين تشردوا
بالجوع
بالأهات
بالعبرات
منظر صباحي لشارع يضج بالحياة وصورها المختلفة بعيدا عن أي إيديولوجيا تحد من تلك المظاهر أو تجعل الحياة تتقهقر إلى الوراء..
صباح الخير ” هون فو لو ”
سأروي ما تجذر
في سنين العمر
بواد غير ذي أمل
و عيش مثقل بالهم
و الضجر
و أقصص للذين نسوا
وما انساهم الشيطان
حكاية عاشق الأزهار.
و السجان …
وعن ملك ،
الا تبت يداه وتب
و مملكة ،
كما لو أنها القضبان
و هل أقسى على الضمآن
من ماء كذب !؟
وبالمقابل يضعنا الشاعر قبالة منظر ليلي لشارع آخر عامر بالحياة أيضا دليلا على الديمومة والاستمرارية..
إنها المدينة بتجلياتها المختلفة تأسره وتطلق ثورة أفكاره المتضاربة بين هنا (اللحظة الآنية التي يعيشها) وهناك (الواقع الذي جاء منه)
ولا يفوته أن يضمن هذا المقطع رموزا تعطينا إسقاطا واضحا عما يعتلج داخله نتيجه طبيعة الحياة التي جاء منها، والثقافة التي يحملها معه.
خطابه الوجداني الذي يحول المدينة إلى كائن له روح يعطينا حجم المعاناة التي تكاد تعصف به وتجعله يشعر بالخواء من الداخل.
مساء الخير ” بيجين لو ”
اتيتك من دمي هربا
الى عينيك
وطرتك حاملا روحي
و جئت إليك
امد يدا
و اخفي في يدي الأخرى
بكاءاتي
وشكل نهايتي المصلوب
بين “التبغ ” و ” القات “
أتيتك من كهوف الموت
هل تروي بعذبك
رمل هذا القلب !؟
هل آوي الى عينيك ثانية
و تمنحني الوفاء !؟
قفلة النص المقتضبة جدا تحمل في ثناياها أضعاف ما جاء في النص، إذ يشير إلى واقع وطن ما زال غارقا فيما هرب منه وغادره لأجله.
إن النص عبارة عن جلد للذات بإسلوب يقارب بين الأنا والآخر (كما أسلفت) ليجد الشاعر نفسه في النهاية في مقام المكاشفة رغم الحقيقة التي يجردها لنا كاشفة عن حجم ما وصلنا إليه من التردي والتخلف عن اللحاق بركب الحضارة التي يرى هو تجلياتها أمامه في جزئيات اقتطعها من مشاهداته في مدينة (جوانزو)
حتى أنه لم يجد من توصيف مناسب لذلك الواقع المرير غير “الوبأ”
ما زال المساء
يئن في بلدي
و ما زالت
سماء القرية الجدباء دائخة
و ما زال الوباء !!