محمد ناصر العولقي
كان المبدع الأسطورة حسين المحضار في رائعته البديعة ( أقول له إيه؟ ) في قمة تألقه وبهائه الشعري وهو يستعرض قصنه الوجدانية القاسية مع المحبوب المتعنت واللامبالي بإخلاص ووفاء وتصميم الشاعر على البقاء في أسر المحبة لمحبوبه ( خاف عاده يرد عليه ) .
غير أن هناك كلمتين في هذه الرائعة لم ترق لي ، وبدتا ناشزتين عن السياق المحكم الذي نسج عليه الشاعر المحضار قصيدته ، وذلك في قول الشاعر :
تريده ليه ؟
قالوا لي العذال ذولاك
قالوا : ليه تبغى معه دايم وهو ما هو معاك ؟
تريده ليه ؟
فك منك الغدار والفاك
باتلقى مثيله وهو ما با يلاقي حد سواك
فكلمة ( مثيله) و كلمة ( سواك ) في السطر الأخير من المقطع أضعفت من تلك الصورة الجميلة التي نتخيلها لذلك المحبوب الذي جعل المحضار يتشبث به ويتحمل كل تلك المعاناة من الجفاء والقسوة والعنت والممانعة التي يواجه بها حبه له .
فكلمة ( مثيله ) تشير الى أن هذا المحبوب ليس استثنائيا ونادرا وإنما شيء متوفر بكثرة ، وتكتض الحياة بأمثاله ، أمّا كلمة ( سواك ) فتشير الى أن المحضار قد تعلق بما نستطيع وصفه ببضاعة بائرة لم يلتفت إليها أحد إلا هو ، ولن يلتفت إليها أحد إذا ما تركها ، والعرب لا توصف المحبوب بهذا الوصف بل تجاهد جهادا لتظهره أنه محط أنظار الجميع وأنه مرغوب ومتهافت عليه وأن الظفر به والتمسك به عملية غير سهلة .
وفي رأيي فإن الكلام سيكون أكثر قوة لو أن المحضار قال :
با تلقى ( بديله ) وهو ما با يلاقي حد ( كماك )
فالبديل قد يكون أجمل وأفضل كما أن كلمة ( كماك ) تعزز عند المتلقي جمال المحبوب وكذلك قوة وفاء وإخلاص حب الشاعر بحيث أن المحبوب حتى وأن وجد محبا غير المحضار في حالة ترك المحضار له فإن هذا المحب لن يكون مثل المحضار وفاء وإخلاصا وحبا له .