كريتر نت / متابعات
قد يكون العمل في الأمن بالنسبة لشابة في مدينة شديدة المحافظة مثل المخا أمراً ليس مصادفة، بل هي رغبة استهوتها الأعمال الأمنية وطريقة القبض على المجرمين وحب المغامرة في تتبع أثرهم وتعقب أعمالهم الإجرامية منذ أن كانت طفلة قبل نحو 19 عاماً.
لقد لعب ذلك دوراً في أن يجعل هيام عيسى تجلس اليوم كضابط بحث يحقق مع مجرمين أو تخرج ضمن فريق في مهمة رصد وقائع يقوم خلالها قاتل بتمثيل دور ارتكاب الجريمة، وهي مشاهد تبدو صعبة لامرأة تقتلها غريزة العاطفة، لكن هيام تقول إنها تعودت على ذلك رغم تجربتها القصيرة التي لا تتعدى سوى عام واحد فقط في البحث الجنائي وأن التحقيق مع المجرمين لم يعد حكراً على الرجال.
وفي مدينة المخا شديدة المحافظة ولم يسبق أن عملت فتيات ضمن قوات الأمن أو المباحث، رغم الحاجة إلى ذلك، إلا أن هيام قررت الالتحاق بهذا العمل، بعد أن تلقت تشجيعاً مبدئياً من أسرتها ومن زملائها في العمل.
تقول هيام لنيوزيمن، إن جيرانها انقسموا بين مؤيد ومعارض لعملها، وأكثر ما كان يزعجها هو عدم تقبل المجتمع لعملها باعتبارها أول فتاة تعمل في محيط جميع أفراده من الرجال، لكنها في الأخير تؤدي دوراً مهماً للمجتمع نابعاً من قناعتها الشخصية التي أكسبتها احترامهم حالياً، فمع الأيام عرف الجميع قيمة الدور الذي تقوم به، خصوصاً حاجة الرجال إلى امرأة للتحقيق مع نسائهم عند الاشتباه بتورطهن بالمشاركة بارتكاب جريمة بدلاً عن رجل يقوم بذلك.
تتولى هذه الفتاة، البالغة من العمر نحو 23 عاماً، التحقيق مع المشتبهات في ارتكاب جرائم، وتستدعى في أوقات عدة للخروج إلى مناطق ريفية بعيدة لمعاينة مسرح الجريمة وجمع الاستدلالات وأخذ لقطات مصورة لمكان وقوع جريمة القتل.
تقول، ذهبت ذات مرة إلى حيس للتحقيق في جريمة قتل باعتباري المرأة الوحيدة، كما حققت في خمس جرائم قتل واحدة فقط كانت عن طريق الخطأ.
مشاهد أثرت عليها
وهناك مشهد أثر على هيام عندما كانت تحقق في عملية سرقة مع فتيات قصر تقول، “ساعتها شعرت بالرأفة تجاه فتيات في مقتبل العمر ارتكبن ذلك الجرم والذي قد يكون نابعاً من حاجتهن للمال، فأعاد سلوكهن إلى ذلك المستوى في ظل غياب دور الأسرة في التوجيه والإرشاد، لكنها تقول إنها عادة ما تتذكر أصحاب الحق عندما تشعر بالعاطفة، مما يعطيها حافزاً لعدم التهاون في المهمة الموكلة إليها.
تسند إلى هيام مهام أمنية عدة وتتولى متابعة بعض القضايا من خلال التحقيق أو رصد سلوكيات بعض المعتقلين أثناء جلسات التحقيق وجمع استدلالات وكتابة المحاضر، أو الانتقال إلى مسرح الجريمة.. خصوصاً جرائم القتل والتي تقع بعضها في مناطق ريفية بعيدة للتحقيق في وقائع حدوثها، وهي أمور تقول عنها بأنها مجهدة ومتعبة جداً، كون الربط بين تشابك أحداث عدة لا يقدر عليها سوى من خاض تجارب وخبرات عمل طويلة ومهارات جديدة للتعامل مع الأحداث في عالم الجريمة، وقد اجتزنا ذلك والحمدلله.
وتقر هذه الشابة بمواجهة مصاعب كبيرة أثناء بداية عملها، لكن مساعدة زملائها ساهم بشكل فعال على تجاوز تلك المعضلة. وتصف رؤساءها في العمل بالآباء الذين يزرعون جسوراً من الثقة بينهم وبين الموظفين، وهي لا تكف عن توجيه الشكر لهم، بعد أن باتت تؤدي دورها اليوم بشكل جيد، مقارنة مع ما كانت عليه في شهر يوليو 2018 أثناء التحاقها بالعمل في إدارة المباحث الجنائية.
تقول إن الجانب العسكري يكسب المرأة شخصية جديدة ومهارات تتعدى التحقيق مع مجرم إلى كيفية استخدام البندقية والتصويب بعدما كانت لا تجرؤ على لمسها.