كريتر نت / كتب- عبدالستار سيف الشميري
لماذا لم تحقق ثورات اليمن المتلاحقة: سبتمبر، أكتوبر، وانتفاضة فبراير.. وكل فعاليات المقاومة وحركات التصحيح والتغيير شمالاً وجنوباً؟
لماذا تضيع وتتلاشى كل تضحيات اليمنيين في كل معاركهم الثورية، وتذهب أدراج الرياح، ويستمر مسلسل الاحتراب بين كل فترة وأخرى، بدعاوى التغيير والتصحيح؟!
ما هي العوامل الرئيسة لفشلها أو إخفاقها.. لماذا كانت الآمال والتطلعات عريضة وكبيرة، وكانت النتائج دوماً مخيبة، واحتاج الثوار أنفسهم لثوار يخلصونهم من أدرانهم؟
إنه سؤال يحتاج لتتبع عميق وليس لمقال عارض..
ولكن لا بأس من أن نضع بعض نقاط من وحي متابعة وتأمل، وليس من زاوية البحث المعمق الذي قد لا نجد له الكثير في المكتبة السياسية اليمنية إلا في أوراق البردوني وبإطلالة سريعة..
ونحاول هنا وضع تأملات كخطوط عريضة فقط من وحي الماضي ومن شواهد الحاضر..
– لعلّ اهم عوامل الإخفاق أن عدد المؤمنين بالتغيير ليسوا هم من يقوم بالتغيير ابتداءً، ومن يقومون به ليسوا فعلاً صادقاً..
– لأن هناك خلطاً في الأفعال الثورية، والنضالات وبين الانتقام، والبغض الذين تفصلهما مساحات كبيرة.
إن نضالاً مثل نضال مانديلا، وغاندي، ومارتن لوثر كنج… وغيرهم ممن قادوا حركات التغيير، لم يكن به روح الانتقام، بقدر ما فيه من قيم الثورة وصفاء الفعل وشرف الوسيلة.
بيد أن نضالنا فعل أهوج من الحماقات والعداء وإزهاق الدم وهدم الوطن دون شعور أو حس وطني صادق.
وكل النماذج التي قدمناها كانت مخيفة لأبناء الشعب، مما أفقد كل ثوراتنا قيمة الحب لها من جيلها ومن الأجيال التي تلتها، ربما باستثناء حركة الحمدي التصحيحية.
– لأن هناك فساداً مصاحباً لكل ثوراتنا ومقاومتنا يشبه ما كنا ننقده ونفضحه، وربما يفوقه أحياناً.. وفاقد الشيء لا يعطيه.
– لأننا نسير خلف من يتسللون لقيادتنا والقفز على الثورات في حين غفلة، وهم من أساطين الفساد، وتحت ذرائع كثيرة يتم القبول بالأمر الواقع، فتكون الكوارث، والأدهى من ذلك أن نذهب لتبرير وجودهم، أو لأفعالهم.
– لأن الجماعات الدينية كانت حاضرة في مسرح التغيير السياسي رغم كل ما تحمل من استبداد ديني هو أكثر ضرراً، ومشاركتها كان العامل الأبرز في فساد معظم نضالات الشعب والشباب في كل المراحل.
– لأنه يتم صنع فدائيين حتف الموت من الشباب وصغار السن، يتم غسل أدمغتهم بشكل خاطئ وتجنيدهم كقنابل ومفخخات، ولا يتم الاهتمام بسلوكيات المحبة والسلام لديهم.
– ولعل من أهم الأسباب أيضا أن أكثرنا لا يبحث عن وطن، أو مواطنة، أو ثورة، أو مقاومة أو تغيير، أو عدل، أو قيم. إنه فقط يبحث عن فرصة، وعندما يجدها يغادرنا في منتصف الطريق، ليسلك شعابه الجديدة.. ولعل في قياداتنا السياسية والحقوقية والثوريه أمثلة لا حصر لها لذلك، وهو ما يدور في نقاشاتنا اليومية حين نستعرض عوامل الإخفاق فغالباً نشير لهذه الأسماء وهذه التجارب المريرة.
– لأننا ملغومون بطباع الإقصاء حد التخمة، ومع كل فعل ثوري يذهب الرفاق لإقصاء بعضهم، وتحويل النضال إلى مغانم.
لكل ما سبق ولغيره من أسباب كثيرة أخرى، نحن لا ننتصر، فقط نموت، وتموت كل جهودنا ونضالاتنا، وأشواقنا وأحلامنا.. ونبقى نطارد الأحلام في بلد ليس له إلا الحلم.. بينما يرزح ضمن آخر ثلاث دول متخلفة في العالم، وله رقم قياسي في عدد الثورات التي قامت فيه في تاريخ العالم..
اللهم أنت السلام، امنحنا فرصة كي نغير ما بأنفسنا.. والسلام.