كريتر نت / متابعات
أعظم ما سيسجله التاريخ المعاصر في صفحاته التي تدون فشل الأنظمة والسلطة في العالم، هو فشل الشرعية الإخوانية في اليمن.
يدون التاريخ ملحمة من الترهل واللا مبالاة من سلطة شرعية تجاه شعبها، ويدون سقوط المنظومة الأخلاقية التي تستند عليها سلطات العالم لحكم شعوبها، وفي اليمن التي استندت الشرعية على منظومة الفيد والسرقة.
“البهرارة الإخوانية” لا مثيل لها إلا بهرارة الحوثي، وهذان المترادفان هما المشكلة التي حوطت اليمنيين في بلادهم بسياج من الظلم والقهر والقتل والتشريد، وباعتبار الحوثي جماعة إرهابية انقلابية، في المقابل جماعة الإخوان المستحوذة على الشرعية التي من واجباتها حماية الشعب واستعادة مؤسساته ودولته وعاصمته لكنهما انقلبا على مبادئ الشرعية وأهدافها وواجباتها تجاه الشعب.
الانقلاب الأشد فتكاً باليمنيين، هو انقلاب الإخوان على الشرعية، باستحواذهم عليها وتسخيرها في خدمة مشروعهم الخاص، وتسخير كل الإمكانيات خدمة لجماعة الحوثي، وإعاقة تحرير صنعاء، والوقوف بكل قوة ضد تحرير الحديدة الشريان الذي يغذي الحوثيين.
انقلاب الإخوان على الشرعية، واستحواذهم عليها، هو الذي ساهم في تفكيك المجتمع بالتكامل مع الأدوات الحوثية والأفكار المتطرفة، وهو الذي جعل اليمنيين عرضة للتشريد والإهانة والإذلال في الداخل والخارج.
الانقلاب الحوثي كان موجهاً ضد مؤسسات الدولة وأسقطها وأحكم قبضته عليها بتسهيل من الإخوان أنفسهم، التسهيلات الممتدة من عمران إلى صنعاء، أما الانقلاب الإخواني فهو موجه ضد الشرعية كمنظومة سلطة لها أهداف وقيم أخلاقية وقانونية ومبادئ عامة والتي من خلالها يمكن إسقاط الانقلاب الحوثي، واستعادة مؤسسات الدولة والعاصمة صنعاء.
لا يمكن إسقاط الانقلاب الحوثي في ظل بقاء الانقلاب الإخواني على الشرعية.
وبما أن الإخوان لا يزالون يكابرون وبإصرار عجيب على أحقيتهم بالشرعية دون غيرهم، فإننا سنشهد أكثر وأفظع مما قد شاهدنا وتجرعناه.
خلال خمس سنوات عجاف، رأى اليمنيون فيها أهوالاً وعذابات كانت الشرعية عاجزة تماماً أن تقدم لهم شيئاً يشعرون أن لديهم سلطة حقيقية، فقد ذهبت وتركت الأمر وكأن لا شيء يعنيها.
تخيلوا أن آلاف المسافرين اليمنيين في الخارج، لا يستطيعون العودة إلى البلاد، وأحد الأسباب عدم وجود طائرة تقلهم عدا طائرتين أصبحتا خارج الخدمة، وفي نفس الوقت يمتلك هادي طائرته الخاصة، ويستأجر زبانيته الإخوانية طائرات خاصة للسفر والترفيه.
لا مشاريع تنموية عدا ما تقدمه المنظمات الدولية، ولا مساعدات غذائية عدا ما يتصدق بها الإخوة في السعودية والإمارات و… و… الخ.
الانقلاب الإخواني على الشرعية بسببه اضطر الإخوة في الجنوب لاستعادة عدن، ومحاولة فرض واقع جديد يعطي الناس خبزاً وأمناً وأملاً في مستقبل لا يبحثون فيه عن شرعية يتوددون لها بمنحهم الخبز والدواء.
الانقلاب الإخواني على الشرعية بسببه سترتفع أصوات الانفصال ليس في الجنوب وحسب، بل في مأرب وحضرموت والمهرة وذمار والحديدة وفي كل محافظة، إن لم يكن في كل مديرية، لأن الناس ستلتف حول نفسها وتبحث عن حلول بديلة لتلك الشرعية المخطوفة. الناس تريد من يمثلها ويمثل آمالها وتطلعاتها ويقودها نحو المستقبل.
ولا يجب أن يعتقد أحد أن الناس ستقبل بالحوثي كبديل للإخوان، لقد تذوق المجتمع مرارة وصول الجماعات الدينية إلى السلطة، لذلك لا الإخوان ولا الحوثي سيقبل بهما الشعب.
الانقلاب الإخواني على الشرعية هو الانقلاب المتمم لما قام به الحوثي، وهنا وجد التحالف العربي أنه يدعم ويساند ويقدم الأموال للجماعة التي تقاتله، ووجدت السعودية والإمارات أنها تقاتل نفسها عبر دعمها لشرعية الإخوان لا شرعية الدولة اليمنية، هذا الدعم الذي عزز من بقاء الحوثي وسيطرته، ومن تعزيز بطش الإخوان واستئسادهم واستحواذهم على الشرعية.
كل ما يحدث اليوم من مآسٍ وتشرذم للمجتمع، هو نتيجة الانقلاب الإخواني على الشرعية والحوثي على الدولة، وما دونهما من تحركات في الميدان ما هي إلا مشاريع تصحيحية تلبي رغبة الناس ومطالبهم بعد الخذلان الذي لاقوه نتيجة الانقلابين.
هل سنشهد سقوط الانقلاب الإخواني على الشرعية واستعادتها وتصحيح مسار المعركة والاتجاه نحو صنعاء لضمان أمن الخليج والإقليم؟؟!