كتب : عبدالواحد المرادي
خطاب للمفجوعين على الوحدة المهدومة المدمرة من قبل حكام صنعاء .. و خطاب لوحدة وتصالح أهل الجنوب من أجل قضيتهم الوطنية و لرأب الصدوع مع الشرعية اليمنية و لوحدة كفاحية وطنية يمنية معها..
كنت قد انفعلت عند قراءتي للبيان الصادر باسم الرئاسة اليمنية الشرعية .. و الذي قلب أهداف الشرعية من استعادة الدولة و العودة إلى صنعاء و استعادة المشروع الوطني المتضمن في مخرجات الحوار الوطني (وعصَر الزامل) و جعل الهدف بعد البيان الدفاع عن الوحدة و الذهاب أو العودة بالقوة إلى عدن فانفعلت و رأيت أن أكسر صمتي العلني فأخذت أكتب شيئاً بمناسبة ذلك ،
و قد هدأت الآن بعد أن علمت بتهدئة الأمور في مجلس الوزراء و بعض أوساط الشرعية ، و لكني أشعر بالحاجة إلى قول بعض نصح أو رأي على عجل وسط التفجعات على الوحدة اليمنية المغدورة المهدومة منذ عقدين و نيف وعن وحدة القوى الوطنية في مواجهة الانقلاب على الشرعية و المشروع الوطني اليمني المجسد في مخرجات الحوار الوطني منذ سبتمبر 2014 – يناير 2015 .
إن الحريصين على وحدة اليمن بعد كل الذي تعرضت له منذ 92 خاصة بالاغتيالات الاجرامية و إبطال وثيقة العهد والاتفاق، فحرب 94 العدوانية الظالمة الفاجرة و سياساتها بعدها (حرب أهلية باردة و ساخنة أحيانا من طرف حكام صنعاء ضد الجنوب المستباح ) قد أشعر أهل الجنوب انهم قد أخرجوا من وحدة عام 90 بالقوة المسلحة و بعد قمع الحراك الوطني السلمي الجنوبي قبل و بعد 7/7/2017 فغزو 2015 و هزيمته و التحرر منه بعد تضحيات جسام غير مسبوقة في عدن ، والتدخل العربي بإيجابياته و سلبياته (و الذي يحتاج الى وقفة أخرى لإعادة صياغة العلاقات الأخوية بينه وبين الشرعية اليمنية بوضوح).
فقد هدمت الكثير من الروابط و القيم الوطنية الجامعة بين اليمنيين بعد هدم الوحدة اليمنية السلمية لعام 90 و غدا أهل الجنوب مثقلين بشعور فاجع بالغدر و الخيبة و الخذلان ،
و أعلنوا للعالمين مظلمتهم الوطنية و سعوا للنضال الوطني السلمي من أجلها بعد حرب 94 الاجرامية و قدموا الشهداء و الجرحى و المعتقلين بالأعداد المذهلة و بعد اعادة غزو الجنوب في 2015 خاضوا مقاومتهم المسلحة ضد القوات الغازية حتى أنجزوا تحقيق تحرير الجنوب إلى حد كبير ، ولكنهم لم يصلوا إلى حل قضيتهم الوطنية الجنوبية مع قيادة السلطة الشرعية و لا إلى تفاهم سياسي وطني يمني / يمني على حل في أمد منظور للأسف الشديد العميق و تشكلت حالة تشبه ازدواجية إرادة سياسية في بعض الجنوب .. لم تبادر السلطة الشرعية إلى معالجاتها ولا فعلت ذلك أحزابها الداعمة.. مما فتح باباً لحركة الرياح و الإرادات السياسية الأخرى .. حتى بعد الذي حدث في أواخر يناير 2018 في عدن و كان تمرين كبير على ما حدث في أغسطس 2019 بعد اغتيال الشهيد القائد منير أبو اليمامة.
حدث الذي حدث بعد ذلك من مؤسفات في عدن و في شبوة و في أبين و في جدة أيضاً و قد اعترضت على بعضها و أبلغت باعتراضي من قدرت على إبلاغهم..
و هناك أمر واقع كبير في عدن و بعض الجنوب الأن على الوطنيين اليمنيين أن يأخذوه بعين الاعتبار و المسئولية الوطنية .. و يبحثوا بعده عن حلول و معالجات ،
ولعل الدعوة السعودية لحوار الشرعية و الانتقالي أن تأتي بحلول خاصة و هذه عدن و هذا الجنوب اليمني العزيز بتاريخه الوطني اليمني الكبير الحافل و معاناته الجسيمة…بصرف النظر عن الأشخاص أو الكيان السياسي الذي يقوده الآن و يمارس مسئوليته الوطنية فيه و بصرف النظر عن أي ملاحظات لزيد أو عبيد على ما جرى أو صار … و يكفي البلاد سوء فهم و يكفيها سوء تصرف.
فهؤلاء بعض قيادات الجنوب الوطنيين الذين عرف الشعب في الجنوب العديد منهم كأشخاص وطنيين مناضلين من مستوى رفيع يتصدرون كفاحه الوطني مع زملائهم الآخرين غير المجهولين و إن نسي الناس من نسيوا فلا ننسى المناضل الوطني اليمني الجنوبي الكبير حسن أحمد باعوم و قد كان رمزهم الكبير طوال المراحل بعد حرب 94 العدوانية الظالمة و ما تلاها حتى الآن… و هم مدعومين من قطاعات واسعة من الشعب في الجنوب و بطبيعة الحال فأن لهم معارضيهم أو مخالفيهم و ضحاياهم في الجنوب كذلك و أمام قيادة الانتقالي تحدي و امتحان كبير في الحوار مع هؤلاء و جبر ضرر من يلزم منهم و الوصول إلى تصالح و تسامح جنوبي/ جنوبي جدي و استيعاب طاقات و آراء و اجتهادات هؤلاء و قياداتهم و ممثليهم السياسيين والاجتماعيين من شخصيات و أطر و قوى و تكتلات سياسية في وحدة سياسية وطنية جنوبية حقيقية تقود الجنوب و تحاكي حياة الجنوب و امتداده الشاسع و تنوعه البديع و خبراته المتراكمة و بوطنيته تلك التي جسدت روحها ثورة 14 أكتوبر 63 المجيدة ،
و كذلك مقاومته للضم والالحاق و الغزو و العدوان بعد حرب 94 الظالمة و ما تلاها.. و إلا فإن وحدة قوى الشعب في الجنوب ستظل منقوصة و سيستغل الخصوم ذلك و أنا أرجو و أتمنى من بقية إخوتي و أحبتي وطنيي و مكافحي الجنوب أن يتحلوا و يتحصنوا بالحكمة و المسئولية الوطنية و يغادروا أي تفكير برد الفعل والانتقام و منطق ألا لا يجهلن أحد علينا.. فنجهل فوق جهل الجاهلينا ، فمهما يكن من خطأ في مسلك و نهج أهلك و مواطنيك الآخرين و سلوكهم سبيلا لا تقره أنت ففكر بمصلحة الشعب العليا في هذه الظروف و حاجته إلى تحقيق آماله و تطلعاته الوطنية بأقل التضحيات الممكنة..
فقد طال الطريق و عظمت التضحيات و تنوعت الاجتهادات بغياب قيادة مجربة راشدة فعسى أن تكون هذه محطة للوحدة و لتحقيق الآمال بمشاركة الجميع خاصة مع وجود توافق على أن يوجد استفتاء للشعب لتقرير مصيره و الحل النهائي لقضيته الوطنية.
من هو حريص على وحدة يمنية بعد ذلك و خاصة في الشمال اليمني في رأيي الشخصي المتواضع عليه أن يحترم إرادة الشعب في اليمن الجنوبي ولا يناصبها أي عداء.. و أي قوة جسدية لديه مسلحة أو غير مسلحة يوجهها لحل مشاكله و معضلاته بمسئولية وطنية داخل الشمال و إلا فهي تضر و لا تنفع مهما تكن النوايا طيبة و كل تفكير بحرب و غزو آخر لعدن و الجنوب فستكون نتائجه وخيمة للأسف الشديد العميق على الهوية الوطنية الجامعة و ستبعد الجنوب عن شماله مسافة أخرى و ستقربه من الأشقاء الداعمين في الخليج و أقترح عليهم أن يتركوا الأخوة في الجنوب يختلفون و يتحاورون و يتفقون و يختلفون و يتفقون و هكذا حتى يصلون إلى تفاهم بالإجماع أو الأغلبية الكبيرة على تحديد مصيرهم بإرادتهم الحرة .. ولا بأس أن ندعوهم إلى تحكيم العقل و الحوار المسئول و موجبات التصالح و التسامح و جبر الضرر فيما بينهم ليغدو الجنوب أفضل و متعافي أكثر و أقدر على الحوار والتفاهم مع شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي و شكل و مضمون العلاقات التحالفية معه و مع سلطته بمكوناتها المختلفة و على تحديد شكل و مضمون علاقاتهم مع إخوتهم أشقائهم في الجوار الشمالي بما يضمن مصالح و كرامة و إخاء الجميع… و عدن يمكن أن تكون حاضنة لذلك التفاهم و يمكن أن تكون عاصمة مؤقتة للشرعية و عاصمة في ذات الوقت لإقليم جنوبي …
أو لحكم ذاتي في الجنوب حتى أوان تقرير المصير و التفرغ لتحقيق وحدة كفاحية جدية صحيحة ضد انقلاب صنعاء المؤسس للكارثة اليمنية الفاجعة الشاملة اليوم و للعناية بحياة الشعب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المثقلة بالمعاناة في الجنوب و في المناطق المحررة و في كل اليمن بقدر المستطاع و بجرحى الكفاح الوطني ( جرحى الحرب) بعد كبح الفساد و النهب المتفشي لموارد البلاد المتاحة و لدعم الداعمين من الأشقاء و الأصدقاء وتحديد صلاحيات و مسئوليات كل طرف و تجنب تشكل حالة ازدواج أو تداخل سلطات و مسئوليات يضعف الجميع .
واكرر للاخوة ذوو المشاعر الوحدوية الفياضة والمفجوعبن على الوحدة مهما سمعتم من خطاب غاضب جريح و انعزالي حتى مثل أننا جنوب عربي لسنا يمنيين فهذا نتاج التجربة المؤسفة لثلاثين عام من موروث نظام القوة و القهر و الإلغاء لعلي صالح و حلفائه بعد التجربة الوطنية الكريمة العظيمة للشعب في الجنوب في دولته الوطنية الراعية الحديثة العظيمة اعذروهم ودعوا للتاريخ و الجغرافيا و الثقافة و القيم والقواسم المشتركة أن تتجدد و أن تفعل فعلها في صياغة علاقات اليمنيين في جزئي البلاد باتجاه المستقبل ..
وبذلك تسهمون في إعادة صياغة هوية يمنية جامعة و رؤى لوحدة يمنية مستقبلية راشدة مستوعبة لخبرة الحياة حينما يطلبها التاريخ و تطلبها الحياة و يشاء الله .. و كل تفكير بالقوة و ليس تدخل فعلي بها فقط مع جنوبيين آخرين أو بدونهم فإنه بشواهد الحاضر و الماضي مشروع فتنة مدمرة لغير صالح أي وحدة يمنية الآن و لا أي هوية يمنية جامعة. و الله الهادي إلى سواء السبيل…