كريتر نت / كتب/محمد مرشد عقابي
يعد رائد البيت الشعري الراحل عبد الله هادي سبيت من القلائل الذين يجمعون بين أفق واحد وبانسجام مدهش بين قصيدة الغزل في العامية اللحجية والمدح والنشيد بالفصحى، قريحة شعرية ذات هاجس يبحر في اعماق بحور الشعر ليستلهم ما في افئدة العشاق ويغوص في لوعة ومهجة المتيمين، شاعر يستنهض همم الناس معاصر وتقليدي وكلاسيكي في آن واحد، مبدع وهو يلامس احاسيس ذلك الولهان بانغام شعرية تصيب اوتار القلب وتبعث آهات الوجدان.
شخصية متواضعة قدمت الكثير لهذا المجال ورحلت عن الدنيا دون اي يصاحب حياتها الضجيج الاعلامي كما يحصل هذه الايام مع شعراء القافية العمياء، انسان عاش حياته بسيطاً ومتواضعاً في مأكله ومشربه وفي تفاصيل حياته الاجتماعية ككل احتفظ دوماً بمسافة متساوية وغير معبورة في تعاملاته مع كل الجهات خلال حياته الحافلة بالعطاء الفني والشعري المتدفق.
كان مشروع تسامح واخاء وابتسامة لم يعبس يوماً في وجه احد او يغيض احد او يجرح مشاعر واحاسي احد حتى وان كانت حمم النقد والاساء والتشهير والتهجم تصدر بحقه بل عاش كالبلسم يداوي جروح الاخرين الغائرة، عاش حياتاً بسيطه باقتران مع معشوقته القافية والخاطرة الشعرية يفرح بفرح من تسعدهم كلامته الشعرية ويثلج صدور ارهقها ظلم المشاعر والاحاسيس الجياشة المرهفة.
كان في حياته البسيطة لا يقترب من عوالم المقيمين على الكذب، ظل يمقت كل ظواهر الهذيان والتفاهة وصغائر الامور التي كانت تبرز فينةً واخرى على سطح المجتمع اللحجي، عبد الله هادي سبيت يعتبر واحد من فحول الشعر في محافظة لحج موطن الطرب والدان والفن الاصيل ومنجم المبدعين، هو من بين القلائل الذين تركوا بصمات شاهدة على وجودهم الايجابي الفاعل والمؤثر في الحياة.
يعد عبد الله هادي سبيت مدرسة في قول الشعر بمختلف انماطه عاش محروماً ومظلوماً من نيل كافة حقوقه كشاعر جهبذ اعطى الكثير للمجال الشعري وافنى حياته وصحته وعمرة في هذا الفن النبيل، تأثر شاعرنا كغيره من رواد الابداع في الجنوب من السياسة التهميش التي فرضتها السلطات على كل ما هويته جنوبي، وعاش معظم حياته تحت الظلم والتهميش والحرمان من ابسط الحقوق المكفوله للشعراء والمبدعين.
شاعرنا ابن سبيت يعد حدثاً في منظمومة الخيال الشعري المعاصر لا يمكن اسقاطه من الذاكرة على مر الدهور والازمان، تفتحت ابداعات ومدارك وملكات ابن سبيت الشعرية وهو في سن مبكرة من عمره، ففي بواكيرة كان يلقي القصائد المعبرة عن الاحداث التي يصادفها وتتجيش لها هواجس وخوالجه فترى قريحته تارته تتغزل بمشهد معين وتارة اخرى تصيد في بصيرتها نحو حدث ذو شجون فينظم بيت القصيد المعبر عن وجد واحاسيس كل متيم وولهان.
اليوم ونحن نلحظ تلاشي وجود مثل هذا المبدع على الساحة مع كثرة شاكلة من هم يعبثون بحرف القصيدة وقافيتها فحرياً بنا ان نتذكر هذا الشاعر مع قرب موعد احياء ذكرى وفاته لكونه يعد جزء من تاريخ لحج واليمن الثقافي والشعري فمثل هؤلاء يجب ان لا نسقطهم من الذاكرة في حلنا وترحالنا.