كريتر نت / متابعات
لا تبدو سلطنة عمان رغم علاقاتها الوثيقة مع طهران، بوارد الوصول بتلك العلاقات إلى درجة ائتمانها بشكل كامل على أمنها واستقرارها، والالتزام معها بتطبيق مبادرة تجعل من إيران شرطي المنطقة على حساب حلفاء دوليين وازنين. ولهذا لا تنقطع مسقط عن المناورة لتعويم الموقف من مبادرة هرمز للسلام التي يلحّ الإيرانيون في معرفة الردّ الخليجي عليها.
طغت المبادرة التي طرحتها إيران على بلدان المنطقة تحت مسمّى “مبادرة هرمز للسلام” على محادثات وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي في طهران “الحريصة على معرفة الردّ الرسمي العماني على المبادرة والاطلاع على مدى تفاعل باقي دول الخليج معها”، بحسب ما أوردته مصادر خليجية مواكبة لزيارة الوزير العماني للعاصمة الإيرانية.
وقالت ذات المصادر إنّ القيادة الإيرانية هي من ألّحت على استضافة ابن علوي بعد أن لمست تردّدا عمانيا وكويتيا في الردّ على المبادرة التي طرحها بشكل رسمي الرئيس الإيراني أمام الأمم المتحدة، خلال الدورة الأخيرة لأشغال الجمعية العامة.
وتولي طهران تلك المبادرة أهمية قصوى، وذلك بهدف خفض حدّة الصراع الذي بدأ يميل في غير مصلحتها في ظلّ أوضاعها الاقتصادية بالغة الصعوبة، وأملا في تقليص الدور الأميركي في منطقة الخليج وتقديم نفسها قائدة لعملية تأمينها من التهديدات، لاسيما تلك التي تستهدف أمن الملاحة البحرية وتهدّد عملية نقل النفط نحو الأسواق العالمية.
وبحسب متابعين للشأن الإيراني، فإن من المرجّح أن تكون إيران على قناعة مسبقة بأن مبادرتها لن تكون موضع ترحيب من قبل كل دول الخليج، وخصوصا المملكة العربية السعودية، لكنّها تأمل من ورائها في شق الصفّ الخليجي عبر محاولتها إقناع عمان وقطر والكويت بقبولها نظرا إلى علاقات تلك الدول معها والمختلفة عن علاقاتها بباقي دول الخليج.
وتتحدّث المصادر عن حرج عماني مأتاه أن مسقط لا تريد أن تكون طرفا في تلك المبادرة الموجّهة بشكل واضح ضدّ حليفتها الولايات المتّحدة، كما أنّها لا تريد في الوقت ذاته استثارة طهران التي احتفطت معها دائما بعلاقات وطيدة.
وتضيف المصادر أن سلطنة عمان بالرغم من تلك العلاقات، ليست بوارد ائتمان إيران على أمنها، بدليل مواصلتها تأمين مجالها بالتعاون مع قوى دولية، وأساسا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهو ما تعكسه الأنشطة العسكرية المشتركة، والتي تكثّفت بشكل ملفت خلال السنوات الأخيرة.
دعوة يوسف بن علي إلى عقد مؤتمر شامل، تعويم للمبادرة الإيرانية وإلقاء للكرة في ملعب دول المنطقة
وفي مارس الماضي وقّعت السلطنة مع الولايات المتّحدة على اتفاقية إطارية بين وزارتي دفاع البلدين تعزز العلاقات العسكرية بينهما. ونصّت على سماح مسقط للقوات الأميركية بالاستفادة من التسهيلات المقدمة في بعض موانئ ومطارات السلطنة أثناء زيارة السفن والطائرات العسكرية الأميركية، وخاصة في ميناء الدقم المطلّ على بحر العرب وتفصله نحو 500 كلم عن مضيق هرمز الاستراتيجي.
وتجنّب ابن علوي إلزام بلاده منفردة بقبول المبادرة الإيرانية ملقيا بالكرة في ملعب دول المنطقة مجتمعة. ودعا من طهران إلى عقد مؤتمر شامل لجميع الدول المعنية بمشاركة إيران الحوار والتفاهم. وجاء ذلك خلال لقائه بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف.
وبحسب بيان للخارجية الإيرانية، فقد بحث الجانبان “مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، بجانب التعاون السياسي والاقتصادي والعلمي والتقني بين البلدين”.
واعتبر الوزير العماني أن أوضاع المنطقة “بحاجة إلى المزيد من الحوار والتفاهم”، معتبرا أنّ “عقد مؤتمر شامل بمشاركة جميع الدول المعنية يمكن أن يكون مفيدا”.
وأثنى ظريف على “الدور الجيد والبنّاء للبلد الجار عمان”، مؤكّدا “ضرورة خفض التوتر في المنطقة وخاصة في اليمن”، قائلا إن بلاده “ترحب وستقدم الدعم لأي خطوة ومبادرة تتابع بحسن نية في سبيل خفض التوتر في المنطقة”. كما وصف عزم بلاده على الحوار مع جميع دول المنطقة بالجاد، قائلا إنه “تم تقديم مبادرة هرمز للسلام في هذا السياق”. وهذه الزيارة هي الثالثة لابن علوي إلى طهران خلال الأشهر التسعة الأخيرة.
ولا يبتعد الموقف الكويتي عن الموقف العماني الحذر من المبادرة الإيرانية، حيث لم ترفض الكويت المبادرة صراحة لكنّها لم تسلمّ بها دون شروط.
وأكد رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد أن نجاح المبادرة الإيرانية يتوقف على علاقة طهران بدول العالم والتي لا بدّ أن تكون طبيعية. وأضاف خلال لقاء جمعه في وقت سابق مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، أن نجاح تلك المبادرة يحتاج إلى توفّر الظروف الملائمة.
ومؤخرا، أعلنت الخارجية الإيرانية، إرسال النص الكامل لمقترح مبادرة السلام بمضيق هرمز، التي أطلقها الرئيس حسن روحاني إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي والعراق.
وخلال طرح الرئيس الإيراني للمبادرة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، أوضح أن الهدف منها هو “الارتقاء بالسلام والتقدّم والرّخاء لكل الشعوب المستفيدة من مضيق هرمز، وتأسيس علاقات ودية، وإطلاق عمل جماعي لتأمين إمدادات الطاقة وحرية الملاحة”.
ولن يكون من السهل على إيران تسويق مثل تلك الأفكار النظرية لبلدان المنطقة التي تشهد على أرض الواقع تبعات السياسات الإيرانية المثيرة للتوترات والمزعزعة للاستقرار.