كريتر نت / بقلم: وليد ناصر الماس.
يدور بالوقت الراهن لغط واسع داخل الشارع الجنوبي على وجه التحديد، وذلك عن طبيعة الموقف السعودي الرسمي من جماعة الإخوان المسلمين، والتي يعتبر حزب الإصلاح اليمني جزءً منها.
حيث يتساءل عدد كبير من المتابعين، كيف لساسة المملكة السعودية الحديث عن مواقف مناوئة لجماعة الإخوان المسلمين ومشروعها بالمنطقة، بالوقت الذي باتت أي المملكة السعودية تحتضن حزب الإصلاح الإخواني وتمده بمختلف عوامل القوة والتمكين على الأرض؟.
وعلى هذا الإطار يمكننا توضيح بعض الغموض والخفايا التي سادت العلاقة بين الجانبين، فالمملكة السعودية ومنذ وقت طويل تتعامل مع إخوان اليمن بمعزل عن التنطيم الدولي للإخوان، وما يحملها من رؤى وأهداف، فإخوان اليمن تحكمهم العقلية القبلية أكثر منها الدينية، حيث يُدار حزب الإصلاح تبعا للمفاهيم الثقافية والاجتماعية السائدة في اليمن، وبعيدا عن الإيديولوجيات التي خرج من عباءتها مشروع التنظيم الدولي للإخوان.
فلو سبرنا أغوار تلك العلاقات القائمة بين حكام المملكة السعودية وزعامات إخوان اليمن مذ نشأة الفرع على الأرض اليمنية، لوجدنا هناك أكثر من دليل ملائم عن كونها علاقات تقوم بالأساس على التحالف والتعاون، فمن خلالهم أي إخوان اليمن يمكن لنا الحديث عن الكثير من المكاسب التي تحققت للجارة الشمالية بالداخل اليمني.
لذا يمكن لنا أن نضع المتابع على أهم أشكال علاقات التعاون بين المملكة السعودية وإخوان اليمن، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تمكنت المملكة السعودية وبالتعاون مع إخوان اليمن من مجابهة النفوذ المصري باليمن، وإجهاض ثورة 26سبتمبر 1962م، ومن ثم حرف مسارها وأهدافها في نهاية المطاف، وعبر إخوان اليمن نفذت السعودية إلى الداخل اليمني بقوة، وتمكنت من تقوية نفوذ القبيلة اليمنية على حساب الدولة المركزية التي سعت بكل قوة لإضعافها، ومن خلال إخوان اليمن تمكنت المملكة السعودية من التصدي للمد الشيوعي في المناطق الوسطى من اليمن، والذي أخذ بالتزايد في عهد حكم الحزب الاشتراكي للدولة الجنوبية قبل الوحدة، وبتعاون وتنسيق كبيرين مع إخوان اليمن، تمكنت السعودية من ترسيم حدودها مع اليمن، والذي خولها من اقتطاع مساحات شاسعة من الأرض اليمنية الغنية بثرواتها.
وعبر إخوان اليمن ومن خلالهم يظل الأمل معقودا لدى السلطات السعودية، بتحجيم النفوذ الحوثي، ووضع يدها على البلد من جديد.
فمن يظن إن المملكة السعودية تمانع الوجود الإخواني في اليمن فقد جانب الصواب، فلو أننا سلمنا جدلا برغبة السعوديين في التخلص من نفوذ الإخوان بالداخل اليمني، لكان ذلك بإمكانهم ومنذ وقت غير قصير.
فمن مننا لا يتذكر سقوط محافظة عمران ومقتل حميد القشيبي على أيدي الحوثيين في نهاية العام 2014م، وما تبع ذلك من بسطهم للسيطرة التامة على العاصمة صنعاء، وسقوط الفرقة الأولى مدرع أخر قلاع الإخوان في البلد، وما تلاها من قيام الحوثيين بالبحث والتفتيش الدقيق عن أكبر رأس في جماعة الإخوان (علي محسن الأحمر)، والذي اتضح لنا بعدها بإن هناك توجيهات عاجلة قد صدرت من قبل الملك عبد الله حينها، والذي كان أكثر ملك سعودي متحمسا لمواجهة تنطيم الإخوان المسلمين، وذلك بضرورة نقله أي (الأحمر) على وجه السرعة بطائرة خاصة، إلى منطقة تبعد عن الحدود اليمنية لضمان سلامته.
فأي مشروع سعودي معادي لإخوان اليمن يمكن الحديث عنه كما يحلو للبعض؟.
فلم تكتف المملكة السعودية بذلك، بل عملت على استقبال قيادات حزب الإصلاح على أراضيها، ولا سيما القيادات العسكرية منهم، ووفرت لهم سبل العيش الكريم، كما ساهمت بقوة في بناء جيش إخواني بحت في مأرب ومن نقطة الصفر، وعملت على امداده بأحدث الأسلحة الثقيلة والنوعية، وفتحت خزائنها لتمويل رواتب منتسبيه وتحركات وحداته، رغم أن ذلك الجيش لم يحرك ساكنا فيما يتعلق بتحرير صنعاء، أو بالأحرى دحر الحوثيين منها، وهو الأمر الذي ترك الأبواب مفتوحة للمزيد من التأويلات والاجتهادات عن خفايا المشروع السعودي باليمن.
والله على ما نقول شهيد.