كتب : محمد علي محسن
حدث وان اجتمعت عائلتي ، وبُعيد نقاش مستفيض بين الأُم والأولاد قرروا بعزلي ، مؤقتًا ، إذ تم تجريدي من الحاسوب والهاتف ، وفرض حالة الطوارئ في أرجاء البيت .
طبعًا ، صاحبكم لم يصمُت إزاء هذا الانقلاب والحصار الجائر ، فأول شيء فعلته هو أنني تسللت خلسة الى بيت جاري ، الذي تفهم وضعي ، وتعاطف معي ، فلم يتردد لحظة في تزويدي بكل متطلبات التواصل ، بل وزاد فوقها ماء وشراب وتلفزيون مسطح وخدمة نت ” واي فاي ” .
وأول رسالة حررتها كانت هذه التي تقراؤنها في صفحتي ، والآن صاحبكم في بيت الجيران بانتظار نجاح مسعى الجيران الذين تعبوا من مراجعة الجُهال وأُمهم ، ودونما يتسنى لهم إقناعهم ، إذ ركبوا رؤوسهم وصدقوا أنهم مسيطرون على ” البيت ” .
فكلما عرض الوسطاء عليهم حلًا وديًا تبختروا وردوا : نحنُ من يسيطر على الأرض بينما أبونا منبوذ وتحت رحمة الجيران ” .
وإلى هذه اللحظة ما زلت انتظر وبصبر ايوب كيما يقبلون بتسوية عادلة ، قبل أن اقلب البيت على رؤوسهم ، فإذا ما طال تماديهم وعجرفتهم فإنني مضطرًا بدعوة مجلس الأمن الدولي لجلسة طارئة، وطلب دعم ” الناتو ” للتدخل الفوري .
ويقينًأ أن المجلس والحلف سيتدخلان فلن يصدقانهم اذا ما برروا انقلابهم وعزلي عن العالم بكوني مصابًا بالخرف أو الزهايمر أو الجنون .
فمثل هذه التهم ربما أفلحت زمنًا ، وحين ساد الإستبداد والتضليل والعزلة ، أمَّا في الحاضر فيكفي الواحد هاتفًا أو حاسوبًا ليخاطب الملايين ، فبثواني معدودة تصير ‘ تغريدتك ‘ أو ” منشورك ” أو ” حديثك ” في متناول سكان البسيطة قاطبة .
فما أخشاه ، فقط ، أن يكون مصيري كالرئيس هادي وحكومته ، المنفيان في الرياض ومنذ خمسة أعوام ، ولا أعلم كيف بقيا كل هذه المدة ؟
وكيف أن المستضيفون لهما لم يسأموا ، ولم يضيقوا ، وإلَّا لكانوا رحلوهم على متن شاحنة ” دينا ” إلى منفذ الوديعة أسوة بالمغتربين الذين يُرَحَلون دونما سبب وجيه غير انهم يكدون لرزقهم .
واذا كان هادي وأعضاء حكومته من النوعية الفاقدة لماء الحياء ، فإنني العبد الفقير لا اطيق المكوث في ديار احبابي واقربائي وجيراني ، فلا كرامتي ستذعن أو أن حريتي وكبريائي يقبلان بقائي منفيًا خارج داري .
فبرغم ان جاري كان شهمًا وكريمًا في معاملتي ؛ لكن ، النفس البشرية لها حدودها وطاقتها ، وقد قالت العرب قديمًا : للضيف ثلاثة أيام “.
ولا انسى هنا مطالبتكم يا صدقائي ، بإعلان تضامنكم ، وبادانة الانقلاب ، ورفضه قولًا وفعلًا ؛ كي لا تتكرر مثل هذه الأفعال غير ديمقراطية أو حضارية ، وكي لا تصير عودة الإنسان الى مسكنه تتطلب تدخلات خارجية ، وقرارات دولية ، وحرب تأكل الأخضر والأغبر