كريتر نت / كتب- قادري أحمد حيدر
المرأة قراءة عامة
(1-2)
الإهداء:
إلى الرفيقة والصديقة العزيزة الأستاذة /رضية شمشير.
رضية مناضلة وطنية كبيرة، هي واحدة من أنبل وأشجع الرموز النسائية الرائدة في تاريخنا السياسي والاجتماعي والوطني، شاركت بدور بارز ورائد في الكفاح السياسي ضد الإستعمار البريطاني منذ النصف الاول من ستينيات القرن الماضي في جنوب البلاد.. دورها بارز في بناء المجتمع الجديد، والدولة الإستقلالية الوطنية الحديثة.
لا يمكننا الحديث عن الكفاح السياسي والوطني والديمقراطي خلال نصف القرن المنصرم دون أن يذكر اسمها ودورها كرائدة على صعيدي السياسة والإجتماع.
رضية شمشير إنسانة نبيلة وكبيرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. هي امرأة خلاقة وخلوقة، مشبعة بالفرح وسمو الروح ..إنسانة ممتلئة بقيم ثقافية مدنية تعكس روحها الإنسانية المتسامحة مع الجميع.
إليها :
في ذكرى يوم المرأة العالمي كل التحية والمحبة والتقدير .
إن قضية المرأة في كل التاريخ الإنساني ـ الوسيط والحديث والمعاصر ـ احتلت حيزاً إشكالياً ذي طابع تاريخي، حيث تأريخ اضطهاد المرأة يكاد يكون من القضايا المثيرة للجدل، لتنوع الطروحات حول هذه القضية. على أنها حتى في تاريخنا السياسي والثقافي المعاصر، ما تزال قضية وإشكالية مطروحة للبحث والنقاش بصورة مستدامة، سلباً وايجاباً، وتكاد تكون من أكثر القضايا تعقيداً، وحساسية، وهو ما نشاهده في تعييناتها الواقعية والملموسة، خاصة من بعد سقوط شمس الحضارة العربية الإسلامية وأفولها، ودخول العرب معها إلى دويلات ملوك الطوائف، ووصولاًُ للحكم الإمبراطوري العسكري العثماني “الإقطاعي” الذي خيم على المنطقة لأكثر من أربعة قرون . وما زال الوضع مستمراً حتى اليوم، وإن بأشكال وطرائق مختلفة، وخاصة مع ما يسميه البعض بـــِ”مد الصحوة الإسلامية”، أو “الحركة السياسية الإسلامية المعاصرة”، وتحديداً مع أوائل السبعينيات وحتى اليوم، حيث برزت تأويلات سياسية أيديولوجية ٍدينية لقراءة وضع المرأة وتقديم إجابات نصية جامدة حول وضعها، ودورها، ومكانتها في التأريخ العربي الإسلامي. وفي تقديري أن أكثر ما عقد واقع المرأة ووضعها هو تحويلها الى قضية دينية صرفة، الى قضية نصية جامدة، وإلى مسألة جنسية … عورة في الجسد، بل وحتى عورة في العقل، يجب أن يحجر عليها وعلى تحررها، بل وحتى عورة في الصوت، الى أن تحول شكل ملبسها وغطاء وجهها الى قضية كبرى في عقول بعض المهووسين جنسياً وعقلياً. وليس غريباً أن ثلاثية، الجنس، الدين، والصراع الطبقي تشابكت وتوحدت تاريخياً لتخلق معادلة مأزومة حول وضع المرأة، وواقعها، ودورها، ومستقبلها، ومن أن الإجتهادات السياسية والإيديولوجية المتأسلمة، في تأويلاتها للنص الديني، ارتكزت على بعض القراءات الضيقة والمحدودة والذاتية، بعد تحويرها وتأويلها لصالح ما يرون، لحصر المرأة ودورها في زاوية معينة ومحدودة، بما لا يتوافق مع روح الدين، بل ومع تاريخية الدين ومقاصده العليا، باعتباره أفقاً اجتهادياً مفتوحاً على كل الإحتمالات الإنسانية العقلانية والإبداعية..، وهو ما عطل حرية العقل وتجديد الفكر الديني في تاريخ الدول والمجتمعات العربية الإسلامية، من بعد غروب شمس الحضارة العربية .
ومن هنا برزت الدعوة المتكررة لتجديد وتعميق فهمنا للدين وللفكر الديني مما علق به في فترات أزمات الفكر والعقل وشوائب فترات التخلف والإنحطاط، والإستبداد في العهود العربية الإسلامية المختلفة ـ باستثناء بعض الدول في بعض المراحل التاريخية الماضية ـ ومن هنا يأتي تأكيدنا على ضرورة فتح باب الإجتهاد، و الإستنارة العقلانية، والقراءة التاريخية للنص الديني بسبب اختلاف الأوضاع التاريخية. ونحن نعلم اليوم أننا عندما “نتحدث عن حقوق المرأة في القرن الحادي والعشرين لا يمكن أن ندافع عنها بنصوص فكرية تنتمي إلى القرن السادس أو العاشر الميلادي في شبه الجزيرة العربية، وننسى تاريخاً طويلاً من الممارسات الفقهية و السلوكية التي تبخس المرأة حقها في الحياة “(1). إن المشكلة قائمة في العلاقة مع النص الديني المقدس، في صورة الفصل بين النص، والعقل التأريخي، أو الفصل فيما بين النص، والعقل، والتأريخ، ومحاولة تحويل النص الى أيقونة سحرية/ إيمانية جامدة خاضعة لفكر الفقيه الواحد الذي من حقه احتكار “الحقيقة الدينية” ـ كما هو اليوم مع الجماعات المتأسلمة. ومن هذا الحوار الواحدي الاتجاه، نشأ تاريخياً منزع تكفير التفكير، ورفض الآخر، وعدم القبول بفكرة التعددية في الفكر وفي الواقع والحياة، والتأريخ -وهنا يلتقي أو يتقاطع التأسلم السياسي، بمستوياته المختلفة، (سني/ شيعي)،مع العديد من القوى والتيارات الحديثة، قومية وليبرالية – لذلك ضعفت مكانة النص في التأريخ، مع أن كل الديانات السماوية، وغيرها، تعلمنا حقيقة الفرق بين النص الديني، والفكر الديني، أو الأيديولوجية الدينية التي ينتجها البشر في سياق إنتاجهم لصيرورة حياتهم، وتأريخهم العام، والخاص، وإلا كيف نفسر ظهور الاجتهادات الفقهية والمذهبية المتعددة في إطار الدين الإسلامي الحنيف، واختلاف تأويلاته ومواقفه وقراءاته للعديد من إشكالات الواقع والحياة، والتأريخ، والنص، في بحثهم لمسائل قضايا الأصول، والفروع في العقيدة الدينية الإسلامية. إن التأريخ الواقعي للناس ” أجبر المسلمين ـ وغير المسلمين ـ على الإجتهاد في أمور السياسة، والاجتماع، والدولة، ورغم ذلك لم يخلق لنا التأريخ في تفاعله مع النص ما يمكن تسميته “دستور الدولة” في الإسلام “(2) باستثناء صحيفة الرسول، أو “دستور المدينة”، الذي كانت قريش خارجه، أو ليست داخلةً فيه، وأقصد هنا ـ دستوراً للدولة في الإسلام، كنص ثابت. وما ظهر بعد ذلك ليس إلا دولة الخلافة الراشدة باجتهادات الخلفاء، وعلى قاعدة القرآن والسنة النبوية الشريفة، وهي محاولة لإعادة إنتاج البشر لحياتهم في سياق إعادة إنتاجهم لأنفسهم ومعنى حياتهم في ضوء الشروط الجديدة بعد انتهاء مرحلة الوحي النبوي الرسولي. والخطورة اليوم أن يتجمد العقل، أو يتوقف الإجتهاد العقلاني الإبداعي في قراءة النص، أو يحاول البعض حجره أو حجزه في حدود تأويلاتهم الأيديولوجية والسياسية، الخاصة، وإيقافه عند لحظة من التأريخ تعود لقرون سالفة، ناسين دور الناس في التأريخ واجتهاداتهم في إعادة إنتاج حياتهم وتأريخهم وفكرهم، بعد تحويل النص إلى أيقونة يزمر بها من يريد ما شاء من الأنغام، والإيقاعات والأقوال، ويمارس في ضوئها ما شاء من المواقف والأفعال، بعد تحويل أقواله وأفعاله الى نصوص مقدسة مطلقة، وهو ما نشاهده اليوم في موقف البعض من المرأة: دورها، وحقوقها، ومكانتها، بعد أن سعى البعض الى تحويلها الى عورة، والى جنس خالص، لا عقل ولا فعل لها في الواقع سوى القعود في المنزل، وترتيب أمور السرير في انتظار عودة بعلها أو رجلها لإطفاء نار شهواته، أو حسب تعبير سيد قطب ” تربية الأفراخ الزغب “، أو قوله ” تملأ البيت عطراً و شذىً وترعى الأفراخ الزُغب”(2).
وهي مصادرة وإلغاء لدور أكثر من تصف المجتمع في التنمية وفي الحياة.
أي أن ما عليها ـ المرأة ـ إلا ان تقعد في المنزل تتعطر وتتطيب في انتظار الرجل ” وتربية الأفراخ الزغب”. ونفس الخطاب نقرأه في كتاب “الفتاوى” لابن تيمية الحراني، فالمرأة ليست إلا مملوكة للرجل، المهمة الأساسية لها النكاح عبر الزواج الشرعي ومن حقه حبسها . (3). بل هو يضعها، في سياق النسيج الفكري الذي يقدمه في كتبه، مساوية للعبد إن لم تكن ـ في بعض المواضع ـ أقل مكانة من العبد، أو الأسير. وهذا هو الخطاب الفقهي التقليدي الذي يتكئ عليه الخطاب الأصولي السياسي السلفي المتطرف اليوم، حيث الخطاب السياسي الديني ـ المتأسلم ـ حول المرأة وغيرها من القضايا والإشكاليات المعاصرة إنما يقوم على فكرة قياس الشاهد على الغائب، قياس الحاضر والمستقبل على الماضي الذي كان ـ الفردوس المفقود ـ الذي لا نستطيع ان نفهم حاضرنا ـ وواقعنا ـ وأنفسنا ومستقبلنا إلا به ومن خلاله ـ أي الماضي الذي كان ـ
ومن هنا حكمهم على أن ما نعيشه اليوم وما تحياه المرأة وتطالب به إنما هي مطالب “جاهلية”، وان عصرنا الراهن إنما يشبه عصور “الجاهلية الأولى” .
وبذلك نجد أنفسنا أمام خطاب أصولي “في نطاق مكانة المرأة أو موضعها، ووظيفتها ـ
خطاب يستند إلى أحكام تخلقت في رحم أنساق اجتماعية / ثقافية، تغيرت تماماً، وبشكل لم يكن يخطر على بال مخلتف عن الأنساق الاجتماعية المعاصرة في مجتمعاتنا العربية، بحيث يصبح من المستحيل محاولة إيجاد علاقة بينهما. ولكي نستطيع رسم صورة تقريبية لهذا التغيير المذهل، فلنتخيل قرية مثل الطائف منذ أربعة عشرة قرناً ونقارنها بأحدى العواصم العربية المعاصرة، مثل القاهرة أو دمشق أو بيروت …” .(4)
إذا كان الإسلام الحنيف جاء تجاوزاً ونقيضاَ لكثير مما كان سائداً قبل الإسلام، فترة ما تسمى مجازاً أو تجاوزاً بــــِ “الجاهلية”، جاء لنشر النور والعلم والتعليم، نور العقلانية الدينية الإسلامية في مجتمع الصحراء والبداوة، والقهر والظلم، والجهل. حيث لم تكن هناك ـ كما تقول كتب التأريخ ـ امرأة متعلمة، أو كما يقول المفكر الإسلامي خليل عبد الكريم ” لم يترك لنا تأريخ ـ قبل الإسلام امرأة كانت تعرف، ولا نقول تجيد القراءة والكتابة، ودبت فيها روح وثابة بظهور الإسلام، دفعت المرأة فيه إلى أن تتعطش إلى العلم والتعلم. ولما كان العلم الديني هو العلم الغالب بل هو العلم الذي كان يعد علماً فحسب، فإن المرأة المسلمة نزعت إلى تعلمه وبرعت فيه، ولم تجد أدنى حرج في السؤال عن أكثر الأمور حساسية ودقة ” (5)، واليوم نسمع من يدعو إلى قعود أو حجز المرأة في منزلها ومنعها من التعلم، وفي أحسن الأحوال تعلم القراءة والكتابة الأولية، ومنعها من حقها في العمل، وحقها في الميراث، وفي المشاركة في الحياة الإجتماعية والسياسية، والحجر عليها من تولي أي موقع، ناهيك عن بعض المواقع القيادية العليا في الدولة أو في القضاء، واعتبارها عورة، ناقصة ـ كما يقولون ـ عقل ودين . بل ان بعض دول الإسلام النفطي، إسلام البترودولار، تمنع حصول المرأة على البطاقة الشخصية أو قيادة السيارة، – قبل التطورات الأخيرة في السعودية – كما أن تعليمها يتم من وراء حجاب، وعبر شاشات التلفزيون، ودون حوار مع الأستاذ أو الدكتور، وكأنهم ـ حسب تعبير خليل عبد الكريم ـ يستخدمون وسائل التقدم العلمي لتكريس مظاهر وظواهر التخلف، والجمود الاجتماعي والثقافي والعقلي، وهي مفارقة مضحكة، مبكية في الآن ذاته. والجذر الأساس المفسر لهذه المفارقة أنهم يتكئون على خطاب ايديولوجي وسياسي أصولي متشدد بل ومتطرف، خطاب لا علاقة له بالنص الديني في اجتهاداته العقلانية المفتوحة على الواقع وعلى الحياة والعصر إلا بما يخدم مصالح هذه الجماعات، وتلك الأنظمة الاستبدادية المطلقة .
إنهم باختصار يستخدمون وسائل التقدم العلمي (الحداثة) لخدمة التقليد، في محاولة عبثية لإعادة انتاج الماضي عبر أدوات الحداثة. وفي هذا السياق وحول هذه القضية يقول د. طه حسين ” لا أعرف في كتاب الله وسنة رسوله نصاً يحرم اجتماع الفتيان والفتيات حول أستاذ يعلمهم، العلم والآداب، والفن، ولا أعرف شيئاً حدث في الجامعة يخوف من الفتنة ويدعو إلى الإحتياط بالتفرقة بين الفتيان والفتيات في قاعة الدرس “. (6).
إن وسائل الحداثة والتقدم العلمي توظف في بعض الجامعات الخليجية (السعودية)للفصل بين الفتيان والفتيات عبر حواجز أو ستائر بمثل ما تبرع أو تبدع أجهزة التعذيب الأمنية الحديثة في انتزاع الاعترافات من المعارضين، وفي قمع وقهر حرية الناس، وفرض قيم الإستبداد الماضوية على المجتمع.
” فالفكر الديني إذن يتأثر بالظروف، وفي كثير من الأحيان يكون تبريراً لأوضاع اجتماعية واقتصادية بعينها “(7)، وهو نفس السلوك السياسي والأيديولوجي الذي مارسته السلطات والدويلات العربية الإسلامية في القرون الماضية، وما تمارسه أنظمة الحكم المتخلفة و الإستبدادية العربية اليوم في علاقتها بالنص الديني، وتحديداً في موقفها من قضايا الحريات وحقوق الإنسان، ومن المرأة: دورها ومكانتها ووظيفتها، وتعليمها، وعملها، وقضية حجابها، وكافة حقوقها المحرومة منها .
هذا بعد ان تحولت لديهم قضية الحجاب بالطريقة التي يدعون لها إلى قضية القضايا مع ” ان الشريعة الإسلامية لا تفرض الحجاب بمعنى الحرمان من المشاركة الاجتماعية، كما لا تفرض الحجاب القاسي (النقاب)المتعارض مع مصلحة المرأة في حالات كثيرة والمتمثل في حجب الوجه عند الخروج “(8) ، لأنه ليست هناك نصوص دينية صريحة حول هذه المسألة، وحتى النص الديني (الآية)حول ضرب الخمار على الوجه فهي نزلت لتخص النساء / زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان هناك ما يشبه الإجماع بأن مفهوم ومعنى “الحجاب” لا يدخل في نطاقه تغطية الوجه والكفين . وحول هذه القضايا جرت سجالات ونقاشات ومحاورات عديدة و طويلة ـ لا مجال لمناقشتها في هذه التوطئة ـ خلاصتها أن عفة وتقوى المرأة لا يمكن حصرها في قضية الحجاب، وفي الشكل الخارجي لمعنى “الحشمة” التي تستدعي ضرورة وضع المرأة داخل البرقع والنقاب والحجاب من قمة الرأس الى أخمص القدمين . إن حجاب المرأة الحقيقي هو تحريرها من الجهل ومن الظلم والإستبداد والخوف، ومنع تحويلها إلى سلعة أو بضاعة جنسية تتم المتاجرة بها لتشبع رغبات المهووسين جنسياً بإسم الدين . وإلا كيف نفهم ظاهرة زواج القاصرات الصغيرات، وكيف نفهم أن الإسلام وضع المرأة والرجل في حال الإحرام والحج في مرتبة واحدة من حيث المظهر و الزي، والملبس، بدون نقاب ولا حجاب، ولا قفازين، كما تحاول أن تكرسه أنظمة الإستبداد الأبوية البطريركية التي تسعى الى حصر قضية المرأة في الحجاب ولا ترى عفة وتقوى المرأة وحشمتها إلا من خلال هذا المستوى من الرؤية والقراءة. وفي تقديري ان ليست من أسباب فتنة المرأة، أو عفتها وتقواها وحشمتها إلا سبب عدم تعلمها وتربيتها على أساس من المعرفة والعلم بأمور الدين والحياة، وهو المدخل العملي لصلاحها ولمشاركتها الفاعلة في بناء المجتمع وفي تربية الأولاد تربية سليمة، وهو ما أكد عليه قبل أكثر من قرن من الزمان رجال الإصلاح والتنوير، أمثال رفاعة رافع الطهطاوي، أو للشيخ الإمام محمد عبده، وقاسم أمين وغيرهم. وتاريخ الخلافة الراشدة، يكشف لنا بوضوح الدور البارز لأم المؤمنين زوج رسول الله عائشة بنت أبي بكر كيف أنها تدخلت في السياسة الدينية/ الفقهية، والعملية والعسكرية، وكيف أنها أصبحت طرفاً أساسياً في الصراع حول قضية الخلافة والإمامة، التي قال فيها الشهرستاني في كتابه “الملل والنحل ” ما معناه، أنه ما سل سيف في الإسلام بمثلما سل حول قضية الإمامة، أو الخلافة. ولا داعي لذكر موقف الإسلام من تعليم المرأة، ومن واقع مشاركتها في الحياة الاجتماعية والسياسية العامة، إذْ يروى عن “أم عطية أنها قالت” وغزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وكنت أخلفهم في رحالهم وأضع لهم الطعام، وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى”. ويقول الإمام محمد عبده ” إن الشريعة خولت للمرأة ما للرجال من الحقوق، وألقت عليها تبعة أعمالها المدنية والجنائية، وللمرأة الحق في إدارة أموالها والتصرف فيها بنفسها، فكيف يمكن للرجل أن يتعاقد معها من غير أن يراها ويتحقق شخصيتها !!” (9 ).
المرأة ليست عورة أو سوءة، مطلوب إخفاؤها وحجبها، خوفاً من منظرهاً، بل عقل إنساني مفتوح على الحياة والمستقبل وبدون دورها ومشاركتها الفاعلة لا تنمية ولا تقدم لكل المجتمع والدولة .
تلحق الحلقة الثانية.
الهوامش:
-1- ايمن عبد الرسول، مجلة أدب ونقد، يوليو 2000م العدد 179، ص
2- انظر سيد قطب كتاب ” في ظلال القرآن ” في تفسيره لصورة الأحزاب الطبعة الخامسة عشر 1402هـ 1982 م دار الشروق بمصر، ص 2859 ـ 2860 .
3- انظر كتاب ” الفتاوى ” لابن تيمية، باختصار الجزء الأول من المجلد الثاني ط أولى 1988م دار الغد العربي القاهرة، ص 207، 208 ، وانظر كذلك كتاب ” دقائق التفسير ” الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية، جمع وتقديم وتحقيق: د. محمد السيد الجليند، الجزء الرابع، ط أولى 1981م ، دار الأنصار مصر، ص 249 .
4- خليل عبد الكريم الأعمال الكاملة الجزء الأول ” الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية دار مصر المحروسة، ص 214 .
5- خليل عبد الكريم نفس المصدر ص 213.
6- نقلاً عن د. هدى زكريا، مجلة ” الديمقراطية ” المصرية، فصلية متخصصة تعنى بالقضايا المعاصرة للديمقراطية العدد التاسع شتاء 2003م ص 2104 .
7- – د. زينب الخضيري من مقدمتها لكتاب قاسم أمين ” المرأة الجديدة ” إعادة طباعة الكتاب القديم نفسه الذي طبعته، مطبعة المعارف بأول شارع الفجالة مصر سنة 1900م، ص 15 .
8 – من مقدمة د. زينب الخضيري لكتاب قاسم أمين ” المرأة الجديدة ” نفس المصدر ص 21 .
9 – انظر الإمام محمد عبده الأعمال الكاملة الجزء الثاني جمعها وحققها محمد عمارة ط أولى سبتمبر 1972م المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ص 106 – 109.