كريتر نت / متابعات
أعربت جماعة الحوثي، الخميس، عن استعدادها لإطلاق سراح ضباط سعوديين مقابل إفراج الرياض عن أعضاء في حماس، في تصريح يعكس عمق الروابط بين الحركة الفلسطينية والجماعة اليمنية المدعومة من إيران.
وقال زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي في خطاب تلفزيوني بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية دعما للشرعية “نعلن استعدادنا للإفراج عن أحد الطيارين السعوديين وأربعة من ضباط وجنود النظام السعودي، مقابل الإفراج عن المعتقلين المظلومين من أعضاء حركة حماس في السعودية”.
واعتبر محللون أن عرض عبدالملك الحوثي لا يمكن ان يُقرأ على أنه مبادرة فردية من قبل جماعته، خاصة بعد التصريحات التي أطلقها قيادي في حركة حماس الأربعاء والتي أبدى من خلالها ثقة مفرطة في قرب إطلاق سراح الموقوفين من الحركة لدى السلطات السعودية، حيث قال إن ذلك سيتم قبل شهر رمضان.
وكان باسم نعيم، عضو مكتب العلاقات الدولية في حماس، كشف في حوار مع وكالة “الأناضول” التركية أن حركته تجري اتصالات مباشرة وعبر وسطاء مع السعودية لإطلاق سراح معتقلين وجهت لهم المملكة اتهامات بدعم وجمع تبرعات لكيانات إرهابية. وقال إن السلطات السعودية بدأت في 8 مارس الجاري، بمحاكمة نحو 62 فلسطينيا (بعضهم من حملة الجوازات الأردنية)، يُقِيمون داخل أراضيها.
وأضاف “يؤسفنا أن الفلسطينيين الذين تمت محاكمتهم، هم من الذين يقيمون منذ عشرات السنين داخل السعودية، وساهموا في بناء المملكة ودعم المجتمع العربي السعودي”، معتبرا أن “هذه المحاكمات تأتي في سياق الانفتاح على الاحتلال (الإسرائيلي) وتمرير الرؤية الأميركية الجديدة للسلام”. ومن المقرر، وفق نعيم، أن تعقد جلسة المحاكمة الثانية للمعتقلين في أواسط رمضان (خلال مايو المقبل)، لكنّه توقّع أن يتم “إغلاق” هذا الملف قبل حلول شهر رمضان.
وشنت السلطات السعودية العام الماضي حملة على عناصر تنتمي إلى حركة حماس داخل المملكة متورطة في جمع تبرّعات للحركة التي وصفت بعد صمت طويل تلك الحملة بـ“الغريبة والمستهجنة”.
وقالت حماس في بيان قبل فترة “إن جهاز مباحث أمن الدولة السعودية، يعتقل منذ أشهر القيادي محمد الخضري ونجله”، لافتة إلى أن المذكور كان مسؤولا عن إدارة “العلاقة مع المملكة على مدى عقدين من الزمان، كما تقلّد مواقع قيادية عليا في الحركة”.
وأضافت الحركة أن اعتقال الخضري يأتي “ضمن حملة طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في السعودية”. وطالبت في بيانها، السلطات السعودية بالإفراج عن الخضري ونجله والمعتقلين الفلسطينيين.
وكانت قيادة حماس بررت صمتها الطويل إزاء الاعتقالات برغبتها في تسوية الأمر بعيدا عن الأعين، بيد أن كثيرين من أبنائها شككوا في ذلك معتبرين أن خروج القيادة وإعلان ذلك جاء نتيجة ضغوط واتهامات لها بعدم التحرك لدى السلطات السعودية للإفراج عن هؤلاء.
ويقول المحللون إن ضغط حماس عبر الحوثيين على السعودية بشأن عناصرها مؤشر خطير جدا، ويشي بعمق العلاقة القائمة بين الطرفين وأن هناك تنسيقا متقدما بينهما، وهذا ليس بغريب حيث أن كليهما يدور في الحلف ذاته الذي تقوده إيران.
ويضيف المحللون أن تصريحات القيادي الفلسطيني بشأن ارتباط محاكمة عناصر حماس بصفقة القرن الأميركية تحول لا يقل خطورة ويشي بتحول في تعاطي الحركة مع السعودية والذي لطالما اتسم في السابق بالحذر. واعتبر رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، سمير غطاس، أن تصعيد قيادات حماس ضد السعودية يندرج في سياق الحملات المدفوعة الأجر لإيران التي تستهدف الرياض على أصعدة عدة، إذ لطالما استخدمت حماس في تلك المعركة.
شنت السلطات السعودية العام الماضي حملة على عناصر تنتمي إلى حركة حماس داخل المملكة متورطة في جمع تبرّعات للحركة
ورجح الباحث في الشؤون الفلسطينية طارق فهمي، في تصريحات لـ“العرب”، أن تمضي الرياض في استكمال التحقيقات مع الموقوفين، وحديث حماس عن الإفراج عنهم بشكل ودي لن يحدث في ظل الخطاب الإعلامي التصادمي الذي تنتهجه الحركة مع الرياض ويستهدف حشرها في الزاوية.
واعتبر أن سير الحركة على النهج الحالي يوحي بسيناريوهات أكثر حدة وحزم في تعامل السعودية مع هذا الملف، لأن التساهل معه ربما يفتح أبوابا لفئات أخرى ارتكبت جرائم لا تقل خطورة عن جرائم متهمي حماس.
وتشهد العلاقة بين حماس والسعودية حالة قطيعة جراء سياسات الحركة الفلسطينية وارتباطاتها الوثيقة بمحورين في المنطقة، المحور الإيراني أو ما يسمى بـ”محور الممانعة” والمحور القطري التركي الذي يعدّ تنظيم الإخوان المسلمين -المنبثقة عنه الحركة الفلسطينية- جزءا أصيلا منه، وكلا المحورين يكنّان عداء شديدا للرياض.
ويخشى نشطاء في الحركة أن تنعكس التصريحات غير المسؤولة لقيادتهم سلبا على فرص إطلاق سراح المعتقلين.