الادارة الأميركية أبلغت المعنيين بأن الحكومة سقطت في الاختبار
كريتر نت – دنيز رحمة فخري – أندبندنت
ألغى الجيش اللبناني، مادة اللحوم كلياً من الوجبات الغذائية التي تقدم للعسكريين أثناء تأديتهم الخدمة، في محاولة لخفض النفقات، تزامناً مع الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
وبحسب مصادر في قيادة الجيش أوضحت لـ “اندبندنت عربية”، أن القرار اتخذ بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، ما اضطرها إلى ترشيد الإنفاق في موازنة المؤسسة العسكرية، وأكدت المصادر نفسها أن القيادة لن تحرم العسكري من البروتيين، وهي ستعوّض له بمواد غذائية أخرى توفر له احتياجاته الضرورية لوجبة غذائية سليمة.
شحّ في الأموال وارتفاع في الأسعار
ويبلغ عديد عناصر الجيش اللبناني 80 ألفاً، وتقدم يومياً لمن هم في الخدمة من رتباء وأفراد ثلاث وجبات، ومن أيام الأسبوع السبعة، يخصص يومان لوجبات تحتوي على اللحوم ويوم ثالث لوجبات تحتوي على دجاج، ويوم رابع تقدّم أخرى تحتوي على السمك، أما الأيام الثلاثة المتبقية فتتضمّن الخضار والحبوب.
ويساهم كل عنصر في الجيش اللبناني بنفقات الغذاء ويُقتطع من راتبه الشهري مبلغ يحدد نسبة إلى الرتب العسكرية، أما المبلغ الأجمالي لتكاليف الغذاء في المؤسسة العسكرية فتتكفل به وزارة المال وفقاً لأرقام موازنة المؤسسة التي ترفعها مديرية تخطيط الموازنة في الجيش وأركان الجيش للتخطيط إلى وزارة الدفاع التي تحولها بدورها إلى مجلس الوزراء ومنها إلى وزارة المال لمناقشتها.
وشح الأموال في خزينة الدولة بلغ مسامع اليرزة (مقر قيادة الجيش)، وتم تخفيض أرقام موازنة الجيش الذي اضطر إلى استبدال نظام غذاء جنوده، فعمدت المديرية العامة للإدارة في الجيش إلى إلغاء العقود الموقّعة مع المتعهدين المختصين باللحوم الطازجة بعد ارتفاع الأسعار، إذ بلغ سعر كيلو غرام لحم البقر في السوق المحلية 36 ألف ليرة (23.8 دولار بحسب السعر الرسمي) ولحم الغنم 50 ألف ليرة (33.11 دولار)، والأسعار ترتفع يوماً بعد يوم.
حتى في عزّ الحرب لم تنقطع اللحوم عن الجيش
“لن يتوقف أي جندي جيد عن القتال، إذا كانت يزّته العسكرية ممزقة وإذا أكل أقلّ”، هكذا يعلّق أحد الضباط المتعاقدين على قرار وقف اللحوم في وجبات الجيش، لكنه يعترف أن ذلك سيؤثر في معنويات الجنود، وعرفت مؤسسة الجيش اللبناني أزمات سابقة، هددت غذاءه لكنها سقطت كلها.
ففي عام 1988 كان رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون قائداً للجيش، عندما علت أصوات من بعض القيادات السياسية حينها تطالب النواب عشية جلسة مناقشة الموازنة في مجلس النواب، بالامتناع عن التصويت على موازنة المؤسسة العسكرية ومن ضمنها الأموال المخصصة للغذاء، فعمد بعض الضباط ومن بينهم قائد الجيش الحالي جوزف عون، والضباط شامل روكز وجورج نادر ومارون حتي، وهم من المعارضين الحاليين للحكم، وبخطوة غير مسبوقة وغير مألوفة، عمدوا إلى زيارة عدد من النواب في منازلهم وإقناعهم، وإن بأسلوب عسكري، على التصويت لصالح موازنة الجيش وهكذا حصل.
وفي سبتمبر (أيلول) عام 2019، ومع بدايات تباشير أزمة لبنان المالية والاقتصادية، كادت المؤسسة العسكرية أن تعاني من فقدان الطعام، بعد وقف المتعهدين تزويدها به نتيجة عدم حصولهم على مستحقاتهم من وزارة المال، علماً أن وزير المال علي حسن خليل نفى حينها أي تأخير في صرف المستحقات معتبراً أن الإجراءات أخذت وقتها الطبيعي.
الغذاء ثم السلاح؟
إذا كانت الأزمة الاقتصادية والمالية قد تمكّنت من اختراق الجندي في غذائه وفي راتبه الذي لم يعد يستطيع أن يؤمن له ولعائلته الحد الأدنى من احتياجاته، نتيجة تدهور الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، فماذا عن الأزمة السياسية؟ هل يدفع الجيش اللبناني ثمن خيارات الدولة اللبنانية والحكومة الحالية فتنعكس على المساعدات الأميركية للمؤسسة؟
وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية لـ “اندبندنت عربية” أن الإدارة الأميركية في واشنطن أبلغت المعنيين في لبنان بأن الحكومة اللبنانية سقطت في الاختبار ولم تتمكن من إثبات استقلاليتها ولم تقدم في المقابل على أي خطوة إصلاحية، ما يعني لا مساعدات للبنان في ظل الحكومة الحالية.
لا قلق ولا خوف
وفي اليرزة، لا قلق ولا خوف من وقف المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، وتعتبر أوساط عسكرية أن الأميركيين أعلنوا أكثر من مرة استمرار الدعم، وأن دعمهم ليس مشروطاً كما أن هناك ثقة في المؤسسة العسكرية لأنها عامل ثقة وقد استثمر الجميع فيها ولا يزال.
وتبلغ قيمة المساعدات الأميركية سنوياً للجيش اللبناني حوالي 200 مليون دولار أميركي، وعلمت “اندبندنت عربية” أن الولايات المتحدة الأميركية رصدت في سنوات سابقة، إضافة الى السلاح والعتاد، مبالغ مالية للجيش اللبناني، خصصتها لاحتياجات الجيش التي لم تكن مشروطة بشراء معدات عسكرية، لكن صرفها تمت عرقلته أكثر من مرة لأنه كان يحتاج الى موافقة وزراء الدفاع الذين تعاقبوا على الوزارة سابقاً وكانوا من حلفاء “حزب الله”.