كريتر نت – العربية نت
لا يزال مخيم “الهول ” الواقع في ريف محافظة الحسكة السورية، يشكل التحدّي الأكبر بالنسبة لعدة دول أوروبية لجهة استعادة أفراد وأطفال من عائلات مقاتلين في تنظيم داعش قتلوا أو سجنوا في سوريا
إلا أن تطورا جديدا أعاد رسم التساؤلات حول مصير العددي من أطفال هذا المخيم المنسيين من قبل حكومات بلدانهم الأجنبية التي تتلكأ بشكل مستمر في استعادتهم وأهلهم. إذ تستعد السلطات البلجيكية لاستعادة عشرات الأطفالٍ القاصرين الذين يعيشون مع والداتهم في تلك المنطقة
وتحوّل مخيم الهول الذي يضم أكثر من 74 ألف نسمة إلى أكبر تجمّعٍ للداعشيات وأطفالهن مع إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” عن القضاء النهائي على التنظيم المتطرّف والسيطرة على آخر جيوبه في بلدة الباغوز على الحدود السورية ـ العراقية أواخر آذار/مارس من العام الماضي.
وبداية الأسبوع الحالي طالب توماس رينارد، الباحث والأكاديمي الأوروبي، باستعادة نساء داعشيات يعشن في مخيم الهول وخاصة أطفالهن باعتبارهم “ضحايا خياراتٍ سيئة لذويهم”، وهو وصف أطلقه عليهم في خطابه الموجّه للسلطات البلجيكية في الثالث من الشهر الجاري.
ودعا رينارد، سلطات بلاده، إلى استعادة مواطنين يحملون الجنسية البلجيكية سبق لهم وأن شاركوا في القتال مع “داعش” في سوريا وتزوجوا وأنجبوا أطفالاً هناك، معتبراً أن استعادتهم ستمنحهم فرصة جديدة للتخلص من التطرّف.
استعادة أطفال بلجيكيين
وفي هذا الصدد، أكد مسؤول في منظمة محلية بالهول، وجود تواصلٍ فعلي مع السلطات البلجيكية لاستعادة أطفالٍ يحملون جنسيتها، لافتاً إلى أن “الأوضاع الحالية مع تفشي فيروس كورونا المستجد وإغلاق المطارات في المنطقة أدى لتأخير عودتهم”.
وبحسب منظمة حماية الطفل الدولية (اليونيسيف)، يعيش ما يتراوح من 40 إلى 60 طفلا بلجيكيا في مخيم الهول الذي تعيش فيه أكثر من 10 آلاف من أرامل وزوجات مقاتلي تنظيم “داعش” المعتقلات في سجون “سوريا الديمقراطية”.
يتامى و مرضى
من جهته، قال فنر الكعيط وهو نائب الرئاسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” إن “الإدارة تقدّم كافة التسهيلات للدول المعنية فيما يتعلق باستعادة الأطفال اليتامى أو المرضى الذين يعانون من أمراضٍ مزمنة”.
وأضاف لـ “العربية.نت” أنه “لا يتم تسليم الأطفال لحكوماتهم أو ممثلين عنها إلا بعد الحصول على موافقة أمهاتهم”. وتابع أن “الاستجابة الدولية محدودة، فالحكومات تستعيد في بعض الأحيان طفلا أو اثنين من إجمالي 50 طفلاً يحملون جنسيتها”.
وتطالب “الإدارة الذاتية” المجتمع الدولي، بضرورة محاكمة عناصر تنظيم “داعش” المعتقلين لدى “سوريا الديمقراطية” مع زوجاتهم، في محاكم خاصة ضمن مناطقها باعتبارهم ارتكبوا جرائمهم فيها.
ومن بيروت، قالت سارة الزوقري المتحدّثة باسم “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” في منطقة الشرق الأوسط إن “منظمتنا متواجدة في الهول ولدينا زيارات دائمة إلى هذا المخيم ونعمل فيه على أنشطة كثيرة مع النساء والأطفال الذين ينحدرون من مختلف دول العالم”.
رسائل بين سكان المخيم وعائلاتهم
وأضافت أنه “عادةً نلعب دور الوسيط في نقل الرسائل بين سكان المخيم وعائلاتهم للمّ شملهم، وأحياناً هناك من يحب أن يخبر أسرته أو سفارات بلاده بوجوده في المخيم، فنتولى هذه المهمة من خلال التواصل مع عائلاتهم أو سلطات بلادهم، لاستعادتهم”.
ونهاية شهر أيار/مايو الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية عن إعادة 10 أطفال فرنسيين من مخيم الهول إلى فرنسا. كما أعلنت عن نيتها إعادة 150 طفلاً في وقتٍ لاحق.
وفي خطوةٍ غير مسبوقة، أعادت بروكسل 3 من أرامل مقاتلي تنظيم “داعش” مع أطفالهن بعد نجاحهم بالفرار إلى تركيا من مخيم الهول، وفق ما أعلنت السلطات البلجيكية.
ويبلغ تعداد سكان المخيم نحو 74 ألفاً، بحسب مسؤولين في “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، ويعد هذا الرقم ضخماً، ويشكل الأطفال أكثر من ثلثي هذا الرقم، حيث تصل نسبتهم في المخيم إلى 66% من عدد السكان.
ويعيش معظم هؤلاء الصغار في ظروف معيشية وصحية واجتماعية صعبة، كما أن أغلبهم لا يملك أوراقا ثبوتية، كما لا يذهبون إلى المدارس، وقد يخضعون في ظل البيئة التي يتوادون فيها، إلى تشرب أفكار متطرفة.