كريتر نت – صحف
أكدت مصادر سياسية يمنية وصول المشاورات الجارية حول تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى طريق مسدود، في ظل مناورات حزب الإصلاح الإخواني الساعية إلى خلط الأوراق وتعزيز جبهة المناوئين للاتفاق.
ولفتت المصادر إلى هيمنة “تيار قطر” في الحكومة على مجريات النقاش الدائر حول اتفاق الرياض، وتشدد هذا التيار في رفض تنفيذه وفقا للمقاربة التي اقترحها التحالف العربي والتي تعرضت لحالة هجوم سياسي وإعلامي علني من قبل قيادات بارزة في “الشرعية” جاهرت برفضها للاتفاق الذي رعته الحكومة السعودية في نوفمبر من العام الماضي.
وأشارت المصادر إلى وجود رؤية جديدة لدى المجتمع الدولي والتحالف العربي حول فشل تنفيذ اتفاق الرياض بشكله الحالي بعد مرور حوالي تسعة أشهر على توقيعه، وما تخلل تلك المدة من تغيرات سياسية وعسكرية، الأمر الذي يستدعي تقديم مقترحات جديدة أو نسخة معدلة من الاتفاق.
وفي ضوء التعثر في تنفيذ الاتفاق أكدت مصادر محلية في محافظة أبين (شرق عدن) لـ”العرب” تجدد المواجهات العسكرية بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الحكومية المدعومة بميليشيات الإخوان المسلمين التي دفعت بالمزيد من التعزيزات من محافظتي شبوة ومأرب، إضافة إلى دفع وزير النقل المستقيل صالح الجبواني بالمئات من العناصر الذين تم تدريبهم في المعسكرات الممولة من قطر في محافظة شبوة.
ووفقا للمصادر يقوم وزير الداخلية اليمني المقيم في العاصمة العمانية مسقط بشراء الولاءات ودعم جبهات الإخوان في أبين بالأموال التي حصل عليها في أعقاب زيارته السرية للدوحة.
وجاء التصعيد السياسي والإعلامي والعسكري من قبل الإخوان وتيار قطر في الحكومة اليمنية بعد تسرب معلومات مؤكدة عن تقدم المشاورات التي ترعاها الحكومة السعودية في الرياض بين قيادة المجلس الانتقالي و”الشرعية” بمشاركة واسعة من هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني والهيئة الاستشارية للرئيس عبدربه منصور هادي وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية، والتوصل إلى تفاهمات أولية حول تكليف رئيس الوزراء الحالي معين عبدالملك بتشكيل الحكومة القادمة المكونة من 24 وزيرا بناء على مخرجات اتفاق الرياض، إلى جانب التوافق على تعيين محافظ ومدير أمن للعاصمة المؤقتة عدن، وبدء النقاش حول اختيار نائبين للرئيس هادي من الشمال والجنوب.
ويشير مراقبون يمنيون إلى دخول عدة عوامل تهدد بفشل اتفاق الرياض، وفي مقدمة هذه العوامل تصاعد الدور القطري والتركي في الملف اليمني والدور السلبي الذي يلعبه حزب الإصلاح وتيار قطر في الحكومة اليمنية ومؤسساتها، إضافة إلى عمل العديد من القيادات البارزة في “الشرعية”، التي يرجح خروجها من دائرة التأثير أو انتهاء دورها حال تنفيذ اتفاق الرياض، على عرقلته وإفشاله واتهام التحالف الراعي له بممارسة دور الوصاية على الحكومة.
وفي هذا السياق روجت قيادات في حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) خلال الأيام الماضية لوجود مؤشرات على نية المجتمع الدولي والإقليم طي صفحة الرئيس عبدربه منصور هادي ونقل صلاحياته إلى نائب توافقي.
وقال رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، علي الجرادي، في تغريدة على تويتر “هناك توجه من بعض القوى الدولية والإقليمية لإزاحة الرئيس هادي عن المشهد واستبداله بأي صيغة توافقية أخرى، الرئيس ليس مستهدفا كشخص لكن المطلوب إزاحة شرعيته المنصوص عليها بقرار دولي ليتمكنوا من رسم الخارطة بعيدا عن شرعية الجمهورية اليمنية الاتحادية وفق تقسيمات جغرافية ومذهبية جديدة”.
وأكدت مصادر سياسية يمنية مطلعة أن هذا الخطاب يستهدف تعزيز جبهة المناوئين لتنفيذ اتفاق الرياض في الحكومة اليمنية، والإيحاء للرئيس هادي بأنه المستهدف من هذا الاتفاق، في الوقت الذي يرى فيه تيار قطر وجماعة الإخوان أن تنفيذ الاتفاق سيفضي إلى إنهاء تواجد الجماعة في المحافظات الجنوبية وخصوصا محافظة شبوة، في الوقت الذي يضيّق فيه الحوثيون الخناق على محافظة مأرب أهم معاقل الإخوان في الشمال.
وكشفت “العرب” في تقارير سابقة عن شروع الإخوان في نقل ثقلهم العسكري إلى محافظة شبوة، في إطار اتفاق غير معلن رعته قطر وتركيا وإيران لتسليم شمال اليمن إلى الميليشيات الحوثية ونقل الصراع إلى جنوب اليمن الذي يقضي الاتفاق بتسليمه إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وتشهد المحافظات الجنوبية حالة توتر شعبي جراء توقف صرف رواتب الموظفين في القطاعات العسكرية والمدنية لأكثر من خمسة أشهر، وفقا لمصادر في المجلس الانتقالي أشارت إلى أن المجلس تراجع عن حزمة جديدة من القرارات التي كان من المفترض الإعلان عنها خلال الأسبوع الجاري، ردا على سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها الحكومة إزاء المحافظات المحررة في جنوب اليمن
وقالت مصادر “العرب” إن لقاء جمع قيادة البنك المركزي اليمني برئيس الإدارة الذاتية للجنوب أحمد بن بريك فشل في التوصل إلى تسوية نتيجة لاشتراطات وضعها البنك لاستئناف صرف الرواتب ومن بينها تسليم حاويات الأموال المطبوعة في روسيا التي تحفظ عليها المجلس الانتقالي في وقت سابق.
وعلق نزار هيثم، المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي، على الجهود المبذولة لنزع فتيل التوتر، بالإعلان عن فشل التوصل إلى اتفاق مع البنك المركزي بشأن صرف رواتب منتسبي الجيش والأمن.
وأضاف في تغريدة على تويتر “تبذل الإدارة الذاتية برئاسة اللواء أحمد بن بريك جهدا كبيرا لضمان حصول منتسبي الجيش والأمن على حقوقهم كاملة غير منقوصة، ولن تقبل بأي محاولات للالتفاف على مطالب أبطالنا المرابطين في جبهات الشرف والبطولة”.
وفي مؤشر على لجوء الانتقالي إلى خيار التصعيد، دعا أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي الجنوبي سكان حضرموت إلى الخروج في تظاهرة يوم السبت المقبل “لتوفير الخدمات والمرتبات لقواتنا المسلحة الجنوبية والأمن والنخبة والمقاومة وكافة القطاعات المدنية والخدمية”.
في المقابل اعتبرت الحكومة اليمنية، الثلاثاء، خلال اجتماع استثنائي لها، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية اليمنية، “أن عودة تدفق الإيرادات إلى البنك وإطلاق حاويات الأموال تشكل حلا جذريا لهذه الأزمة المؤسفة”.
وقالت الحكومة “إن هذا التصعيد لا يمكن فهمه إلا في سياق توجه يستهدف جهود العودة إلى تنفيذ اتفاق الرياض من جهة، ومحاولات الزج بمؤسسة البنك المركزي في صراع لا يخدم سوى القوى الانقلابية وتنعكس آثاره على العملة والاقتصاد”.
كما طالبت “بإلغاء ما يسمى الإدارة الذاتية وكل ما ترتب عليها وعدم التدخل في أعمال مؤسسات الدولة بشكل كامل والمضي في تنفيذ اتفاق الرياض”.