كتب : عبدالله الديفي
الخلافات السياسية في البمن ، والمتمثلة بالخلافات بين الأحزاب السياسية لن تنتهي ولن تتوقف ، وهي – أي الخلافات – لم تكن وليدة اليوم ، وكان بإمكانها أن تظهر منذ زمن بعيد وبأشد مما هي عليه اليوم، لكن النظام السابق وظفها لصالحه وتحكم بمسارها وجعلها تظهر بمظهر يليق بها ولو بشكل نسبي حتى تكون مجرد ديكور ووجه آخر للنظام الذي يدعي أنه ديمقراطي ، ما أن انهار هذا النظام وتوقعنا أن تظهر تلك الأحزاب بمظهر قوي بعد أن غادرت الهامش الديمقراطي الذي طالما ظلت تدندن وتشكو أن حركتها محصورة في نطاق ذلك الهامش، وبعد أن وجدت لها أفقاً واسعاً ومساحة كبرى للحركة، وتوقعنا أنها سوف تتجه بشغف وهمة متقدة لبناء اليمن الديمقراطي الحديث بعد أن تحررت من القيود وأزيلت العقبة الكؤود التي كانت تقف أمامها مضيِّقة عليها عمق ميدانها، لكن تأتي الرياح بمالاتشتهي السفنُ، حصل عكس ماتوقعنا وانكشفت ورقة التوت التي كان يغطي بها النظام على تلك الأحزاب لغرض توظيفها لصالحه كما أسلفت، والظاهر أن هذه الأحزاب، والتي هي جزء من المجتمع اليمني ككل لن تصل إلى طريق لأنها لم تصل إلى النضج الذي يؤهلها لممارسة العملية الديمقراطية بتقاليدها وأدبياتها وأسسها المعروفة كما هي في الدول الديمقراطية الحديثة، فتعرت وانكشفت سوأتها وظهرت لنا أنها في المكان والزمان الخطأ،
وهذا الوضع لايقتصر على اليمن وحسب، بل لربما هو نفس الحال في كل الوطن العربي، ولنا في العراق عبرة ، فأين كانت العراق أيام حكم صدام حسين ( النظام الشمولي كما كان يوصف ) وأين هي اليوم بعد أن تحررت ودخلتها الديمقراطية، وشهدت فيها أحداثاً أعادت صدام حسين إلى الذاكرة العراقية والحنين إلى أيامه، في ظل المنظومة الجديدة والتي وإن كانت تستند إلى شرعية الانتخابات والاحتكام لصناديق الاقتراع إلا أنها تفتقد لأي التزام تجاه المعايير الأساسية للحياة الديمقراطية،
ونجد أكثر الدول استقراراً في المنطقة العربية هي دول سلطوية ملكية أو ذات أنظمة شمولية وإن كانت تحاول الظهور بعكس ماهي عليه، وإلا هاتوا لي دولة عربية فيها حرية الرأي وحرية الصحافة وحرية التعددية السياسية وتداول السلطة سلمياً وتكون في حالة استقرار !
لذلك الوضع سوف يستمر كما هو وسنفقد الدولة والنظام كل يوم حتى نصل إلى حالة انهيار كلي وستعم الفوضى، والواقع يشهد بهذا ولن تشهد اليمن أي نوع من الاستقرار وفي حدوده الدنيا إلا إذا حلّت هذه الأحزاب نفسها وأوجدنا إطاراً آخراً لنظام الحكم بعيداً عن الأنظمة الديمقراطية الشكلية، وكذلك بعيداً عن الأنظمة الطائفية ، والذي لن يكون سوى النظام السلطوي أو شقيقه المسمى بالنظام الشمولي(التوليتارية).