كريتر نت- تقرير / محمد مرشد عقابي
“مريم عبد الله صالح مثنى” طفلة من منطقة عهامة بمديرية المسيمير محافظة لحج، هذه الطفلة ظلت منذ ولادتها تعاني من مرض سوء التغذية الحاد الوخيم، فكان جلدها ملتصق بعظامها، وجسدها يشبه الهيكل العظمي، جراء إصابتها بهذا المرض الفتاك.
سوء التغذية افترس حق هذه الطفلة الحوشبية في النمو واضمحلت معه آمالها في الحياة، لكن عناية الله حالت دون ذلك، وتجلى لطفه تعالى بان سخر لهذه الطفلة البرئية من يهب لنجدتها وإنقاذ حياتها من خطر محدق وموت محقق.
حيث تدخلت ايادي الرحمة المتمثله بفريق “cssw” المتخصص في معالجة أمراض سوء التغذية للإعتناء بمريم وإخراجها من وضعها الصحي الخطير، ففي هذه المنطقة النائية المتميزة بطابعها الريفي والقروي قعدت والدة “مريم تحتضن طفلتها وتحكي تفاصيل قصتها المؤلمة حتى تكون عبرة للأمهات الذين يعاني اطفالهن ذات المرض، قائله : بسبب العوز والفقر وضيق الحال تردت حالة طفلتي وما زاد اوضاعنا سوءً هو وجودنا في هذه المنطقة المعزولة والتي تفتقد ابسط مقومات الحياة، وتضيف : عند سماعي بمجيء فريق العربة الطبي التابع لـ cssw الى قريتنا حملت طفلتي “مريم” واتجهت بها الى الأطباء في هذه العربة، فما كان منهم إلا ان استقبلوا طفلتي بصدر إنساني رحب وقاموا بإتخاذ الإجراءات العلاجية بدءً من إجراء القياسات اللأزمة على “مريم” والتي اثبتت اصابتها بمرض سوء تغذية من نوع “الحاد الوخيم”، لتخضع بعدها لبرنامج علاجي وتغذوي مكثف استمر لعدة أشهر حتى تحسنت حالتها الصحية وتماثلت للشفاء.
وأختتمت حديثها بالقول : الحمد لله تنعم اليوم طفلتي “مريم” بوضع صحي جيد، وهي تتناول حالياً الطعام بصورة طبيعية، وتمتلك شهية مفتوحة للأكل بعكس أيام اصابتها بالمرض، وكل ذلك يعود لحرص واهتمام اعضاء فريق العربة الطبية الذي قدموا مشكورين كل اشكال العناية والإهتمام بحالة طفلتي الصحية منذ اللحظة الأولى التي حظيت فيها بالوجبات والحصص الغذائية والعلاجية بشكل دوري ومستمر، ناهيك عن منحهم لها المغذيات الدقيقة التي كانت تحتاجها والتي تعتبر احد العوامل التي ساعدت “مريم” في ان تستعيد صحتها وعافيتها ونشاطها وحيويتها التي ظلت تفتقدها مدة طويلة من عمرها، معربه عن شكرها الجزيل لأعضاء فريق عربة cssw الطبية الذين كرسوا كما قالت جهودهم لإنقاذ حياة فلذة كبدها في وقت عجزت في الأسرة ذاتها عن تحمل اعباء ونفقات وتكاليف علاج “مريم”.
على ذات الصعيد يقول الدكتور “سليمان الزبيري” المتخصص في معالجة حالات سوء التغذية بان هذه الحالة جرى استقبالها من قبل اعضاء فريق العربة المتنقلة التابع لـcssw وتم تسجيل أسم الطفلة في سجل القبول واخذ القياسات عليها وتشخيص حالتها والتي من خلالها تأكد اصابتها بالمرض من نوعية “الحاد والوخيم”، وبعد شهرين تحسن وضعها الصحي تماماً، حيث اصبح طولها( … ) سم بدلاً من ( … ) سم ووزنها ( 6.5 ) كجم بدلاً من ( 3.5 ) كجم والمواك ( 11.5) بدلاً من (9) اي ان الطفلة اضحت في وضع طبيعي وحالة صحية ممتازة كبقية اقرانها، وجرى إخراجها وهي بكامل قواها الصحية والبدنية وتنعم بحيوية ونشاط كبير.
ودعا الدكتور “سليمان” جميع الآباء والأمهات ممن يجدون في اطفالهم أعراض مثل (الهزال والإرهاق ونقص الوزن والإسهال وجفاف الجلد وتورم اللثة والأيدي والقدمين وانتفاخ البطن) سرعة التوجه بهم الى اقرب مركز صحي للكشف طبياً عن حالتهم ومعرفة اسباب هذه الأعراض التي قد تكون علامة للأصابة بأمراض سوء التغذية، لأفتاً الى ان الآثار المترتبة على هذا المرض القاتل قد يغفل عنها الكثيرين اذا لم يتم تدارك الطفل ومعالجته مبكراً، مؤكداً بانه وفي حال لم يهتم الأهل بصحة اياً من اطفالهم ممن تظهر عليه مثل هذه الأعراض والعلامات فمن الممكن ان تتدهور حالته الصحية وتسوء وقد يتسبب ذلك بحدوث عاهة مستديمة عقلية او جسديه تصيب الطفل او حتى الموت اذا قدر الله.
من جهتها تحدثت مسؤولة التغذية بعربة cssw المتنقله بمديرية المسيمير محافظة لحج الدكتور “سارة سالم عبد الله” المشهود لها بالكفاءة والجهود الإنسانية الكبيرة والعطاء الطبي الوافر لخدمة شريحة المرضى من النساء والأطفال منذ ما يزيد عن 3 سنوات قائله : حالات سوء التغذية المزمنة عند الأطفال بمديرية المسيمير محافظة لحج ترجع اسبابها لظروف الناس المعيشية وللفقر المدقع الذي تعاني منه اغلب الأسر سيما في القرى والمناطق الريفية التي تبعد عن مراكز تقديم الخدمة الطبية، مشيرة الى ان المرض هو عبارة عن نقص متواصل في العناصر الغذائية الدقيقة والمهمة للبناء ولتقوية جهاز المناعة مثل “الحديد والزنك والفيتامينات والبروتينات والطاقة” وغيرها من المغذيات خاصة بعد الشهر الخامس من عمر الطفل وهي الفترة التي تجهل فيها الكثير من الأمهات برنامج التغذية السليم للطفل، بل ان بعض الأمهات يتبعن النظام الغذائي الدقيق لابنائهن لكن لديهن تصور خاطئ في اسلوب الغذاء الصحي وهو ان الطفل وفي سن مبكرة لابد ان يأخذ المنبهات مثل “الشأي والحليب الصناعي او حليب الماشية” لكي يتحسن وينمو وهذا خطأ فادح وكبير ومن العادات السيئة التي يجب الأقلاع منها لما لها من اضرار جسيمة وخطيرة على صحة الطفل.
وخاطبت الدكتورة “سارة” جميع الأمهات بضرورة مراقبة نمو اطفالهن ومقارنة هذا النمو بالأطفال الأخرين من نفس الأعمار، وحثت في حديثها كافة الآباء والأمهات بضرورة الإهتمام بالطفل في مراحل نموه بسنين عمره الأولى من خلال زيارة مراكز تقديم الخدمة الطبية وعمل الفحوصات والتحاليل الدورية اللازمة لحماية ووقاية الطفل من الإصابة بالأمراض حتى نضمن جيل ينعم بالصحة والعافية ويخلو من الأوبئة والعوارض الصحية الأخرى.