كريتر نت – متابعات
تنخدع أسراب الجراد الصحراوي التي تجتاح سماء اليمن بسهولة “غزوتها” فيفاجأ ها اليمنيين بهجوم مباغت يحولها لغنيمة “جوع “ووجبة خفيفة على موائدهم الفقيرة.ويعلن اليمنيون بداية رحلة صيدهم السريعة للجراد بعد أن تخنق أسرابه المتزاحمة ضوء الشمس فينعكس عبورها “ظلال متحركة” على رصيف الشوارع والأزقة فيطلق اليمنيين بعفوية نداءاتهم لمراقبة الاندفاع المتسارع وشهية الفتــك المفرطة للجراد وهي تهاجم الغطاء النباتي المتاح فيباغتها اليمني بهجوم معاكس.
ويعتبر “الجوع “القاسم المشترك بين الجراد واليمني كما يوصفه الحاج( ناصر) الذي يفضل أكل الجراد ويلتهمه بشراهة لفوائده الغذائية ويسارع إلى شرائه في فترة توفره بسعر يتراوح بين 600 و1200 ريال من بائع متجول في جولة (الرويشان) التقاطع الأكثر شهرة وحيوية بأمانة العاصمة و شارع الترفية والتسوق كما يعرفه اليمنيين .سوء تخزيــــــن…؟
ويوضح الحاج ناصر /لـسبأ /أنه تعرض بعد وجبة جراد دسمة إلى مغص معوي حاد نقل على أثره للمستشفى حيث اوضح الطبيب انه الحاج ناصر تعرض لتلوث بسبب التهام الجراد بـــــ”شراهة ” فأزعج تشخيص الطبيب العجوز “النــــَــهم” فبادر بفحص بقية الجراد الناجي من” معركته “الغذائية بعد تعافيه وعودته للمنزل فأكتشف أن بعض الجراد كان متعفن ولم يلاحظ الحاج الستيني ذلك عند شراء الجراد من البائع المتجول الذي لم يهتم بتخزين الجراد في القنينة بشكل صحيح وتركها عرضه لأشعة الشمس لأيام طويلة ما تسبب في تعفن بعضها دون ملاحظة البائع او المشتري.
خــــــير الـــــريف…؟
وتبادر أم عبد الوهاب بتوزيع الجراد على جيرانها كهدية مرحب بها حيث تعتبر هدية الجراد عنوان لوصول عطايا الريف لأم عبد الوهاب التي يرسلها لها محبيها واقاربها من محافظة إب للحفاظ على صحتها .
ويقول ابنها الثلاثيني أن والدته تأكل الجراد باعتباره مفيد في التخلص من السكر والسرطان وبعض الأمراض ويضيف أنها بصحة جيدة ولا تعاني من أي مرض مرجعاً ذلك ” لأنها تأكل جراد”
ويتفق مع أم عبد الوهاب الكثير من اليمنيين وتساندهم دراسة حديثة أجراها علماء من جامعة روما الإيطالية كشفت عن العديد من فوائد الجراد أبرزها منع تطور مرض السرطان في الجسم، وأفادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أن الدراسة أجريت لمعرفة مضادات الأكسدة مثل الفيتامينات C,E,A،و أثبتت أن الجراد، يحتوي على كميات هائلة من مضادات الأكسدة والتقليل من خطر السرطان.
فيما أثبتت دراسة أمريكية، أجرتها جامعة جومو كينياتا للزراعة والتكنولوجيا في كينيا ووزارة الزراعة الأمريكية أن أكل الجراد الصحراوي يدعم صحة الإنسان، ويقيه من أمراض خطيرة، منها أمراض القلب.
وذهب متخصصون في الطب البديل أو العلاج بالأعشاب، إلى أن أكل الجراد يعد علاجًا لبعض الأمراض، مثل الروماتيزم، آلام الظهر، وتأخر نمو الأطفال.
وتشير دراسات أخرى إلى أن الجرادة الواحدة تحتوي على نسبة عالية جدًا من البروتين تصل إلى 62٪، و17٪ من الدهون، وتتوافر فيها مجموعة من المعادن الضرورية لجسم الإنسان مثل الحديد والكالسيوم والفسفور.
ريان العميسي
يدرك ريان جلال العميسي طفل الأربع عشر ربيعاً أن تجارة الجراد مربحة خاصة مع المعتقدات الرائجة عن فوائدها الغذائية فيشترك مع أصدقائه “أبطال معركة الصيد” في يوم عاصف بأمطار رعدية باغتت أمانة العاصمة في صيد الجراد التي أنقضت على شجرة بعيدة عن المباني و ألتهمتها في نوبة جوع وهروب من عواقب السقوط في الشوارع فأكتشفها زياد وأصدقائه وصائدي الجراد كبار السن وسارعوا بجمعها من الأرض والانقضاض عليها في الشجرة.
أخيراً استسلم الجراد للهجوم اليمني المباغت ليصبح صيد يستحق العناء لزياد الذي يبيع القنينة الصغيرة 600 ريال والكبيرة 1200 بدون مفاوضات عن الأسعار فهو يعتبر أسعاره ثابتة وفي حالة كساد تجارته سيختار شوي الجراد واكلة في وجبة غداء مع والده وأسرته.
وتتجاوز أسعار الجراد في بعض الدول 100 دولار ما دفع بعض الأسر في اليمن إلى إرساله لسعودية لبيعه حيث يحظى برواج كبير فتقول أم محمد أن جارتها تشتري الكيس عبوة 50 كيلو بعشرة الآلف ريال وتبيعه لمعارفها بالسعودية والخليج بما يتجاوز ثمانين ألف ريال.
مكافحة اكيلنيكية …..!
ويلتزم اليمنيون بقواعد طهي الجراد حيث يتم وضعة في إناء كبير وتركة في الفرن حتى يكتسب اللون الذهبي ويصبح هش ليكون طبق صالح للتقديم.
و يعتبر نائب مدير مركز مراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي المهندس أمين الزرقة لـ/سبأ/ التهام الجراد “مكافحة اكليينكية” للجراد مؤكداً أن شغف اليمنيين بأكل الجراد لا يحد من انتشاره وهجومه على المحاصيل الزراعية ،حيث تهاجم 50مليون جرادة تغزو كيلو متر المربع الواحد.
وحذر المهندس الزرقة من جائحة لأسراب الجراد ستلتهم أكثر من 80% من المحاصيل الزراعية ببلادنا في منتصف أغسطس المقبل .
وحذر المهندس الزرقة من جائحة لأسراب الجراد ستلتهم أكثر من 80% من المحاصيل الزراعية ببلادنا في منتصف أغسطس المقبل .
مشيراً إلى أن الخسائر الاقتصادية على الغطاء النباتي في بلادنا ستتجاوز خسائر عام 2007م التي بلغ إجمالي الأضرار فيها 80% والتي تجاوزت مليارات الريالات.
المهندس أمين الزرقة
ويرجع المهندس أمين الزرقة أسباب الجائحة إلى توفر البيئة المناسبة لتكاثرها نتيجة الظروف المناخية والبيئية التي تشهدها معظم مناطق البلاد من غزارة الأمطار والرطوبة والغطاء النباتي الأخضر وتداخل موسمين زراعيين بسبب الأمطار والرطب في المناطق الساحلية إضافة إلى قدوم أسراب الجراد من إفريقيا والسعودية لمناطق التكاثر في اليمن .
منوها إلى أن شراهة الجراد تدفعه لالتهام نباتات بمقدار نصف وزنه تقريباً، مما يجعل الجراد بجميع أصنافه أكبر عامل مدمر للحياة النباتية على سطح الأرض ليصبح أشد فتكاً من المبيدات الزراعية على أنواعها ومن الأسلحة المدمِّرة و من نيران الحرائق الكبيرة.
وأوضح لـ/ـسبأ/ أن هجمات أسراب الجراد المتكررة على المزارع في بلادنا وتوفر البيئة المناسبة تسببت في أن تشهد مناطق التكاثر الصيفية والمناطق الساحلية موجة جراد هي الأوسع انتشارا وصلت إلى مناطق الجبلية والمرتفعات لأول مرة في نهم ومديرية خولان بصنعاء .
موضحاُ انه تجري حالياً مكافحة الجراد في الجوف ومأ رب وخولان من خلال 12 فريق ميداني ينقسم إلى فريقين مسح و10 فرق مكافحة ورش .
لافتاً إلى أن مناطق السهل التهامي مناطق تكاثر شتوية للجراد، تكمن خطورتها في حال استمرت الظروف البيئية ملائمة لتكاثر الجراد ما يؤدي إلى انتقاله مرة أخرى إلى مناطق التكاثر الصيفية .
.
وأشار إلى أن الفرق رصدت في مناطق السهل التهامي انتقال الجراد من طور الحوريات (الدبا) إلى الجراد المتجنح والانتقال إلى مرحلة تشكل الأسراب، مشدداً على أهمية المكافحة في تشتيت الأسراب ومنعها من التجمع لفرض السيطرة عليها في مراحلها الأولى قبل ان تتحول لجائحة منتصف الشهر القادم.
وناشد المهندس أمين الزرقة الجهات المختصة بدعم مركز مكافحة الجراد بالمعدات والمستلزمات لتسهيل عمله في مكافحة الجراد الذي يعتبر آفة تأكل المحاصيل الزراعية وتتسبب في خسائر اقتصادية .
لافتاً إلى أن عدم توفر سيارات رش خاصة بالمركز يعيق أدائه حيث لا يتوفر بالمركز سوى سيارتين فقط لتنفيذ عملية الرش في المحافظات
المستهدفة .مثمناً دور منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” في تقديم الدعم للمركز الذي يحتاج إلى دعم مستمر لمتابعة نشاط الجراد وتسارع نموه في مراحلة المختلفة .
وأوضح تقرير صادر عن مركز مراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي أن المساحات التي شملتها أعمال المكافحة التي تم تنفيذها بالتعاون مع منظمة الفاوتضمنت 11 ألف هكتار في شمال تهامة بالمنطقة المحصور بين سوق عبس والزهرة، فيما بلغت المساحة التي تم تغطيتها وسط وجنوب تهامة أربعة آلاف و500 هكتاراً.
تعريــــــف…؟
و تعرف الجرادة بأنها من الحشرات مستقيمة الأجنحة، ولها ما يزيد على 20,000 نوع في العالم وهي نوع من حشرات الجنادب التي تمتلك أرجلا خلفية قوية تساعدها على القفز، وهي حشرات آكلة للنبات تستطيع القفز إلى 20 مرة أطول من جسمها الذي يترواح بين 3 إلى 13 سم، فيما ينقسم جسمها إلى رأس و صدروبطن (مقسم 11 قطعة)وستة أرجل.
ويختلف عمر الجراد ما بين شهرين ونصف إلى خمسة أشهر و يلتهم الجراد في الكيلومتر الواحد حوالي 100 ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة و تتغذى على الأوراق والأزهار والثمار والبذور وقشور النبات والبراعم و يصعب تقدير الأضرار التي تسببها بسبب طبيعة الهجوم العالية، و تعتمد الأضرار حجم الجراد و المدة التي يبقى فيها بالمنطقة الواحدة وحجمه ومرحلة المحصول.
وبالرغم من ان الجراد مهاجم شرس إلا انه يكتسب سمعة غذائية واسعة ويعتبر وجبه مفضلة للعديد من شعوب العالم .
حيث يعتمد طهيه في اليمن على الشوي على النار أو الفحم حتى يكتسب اللون الذهبي ويصبح هش بدون إضافات تفقده مذاقه .
فيما تفضل بعض الشعوب في إندونيسيا وبلجيكا ودول آسيا وإفريقيا غليه في الماء مع إضافة الملح مُدّة خمس دقائق تقريباً ، وبعدها يُمكن أكله بعدَ إزالة الرأس.
وتفضل بعض الشعوب تناوله بعدَ القيام بتجفيفه مُدّة عام كامل، أو شراؤه مُجففاً وجاهزاً أو القيام بتجفيفه في المنزل عن طريق وضعه تحت أشعة الشمس المُباشرة.
ويحظى الجراد بترويج دعائي في مصر حيث تنتشر اعلانات” جراد مشوي” و”جراد مسلوق”، “جراد مقلي”،و”جراد بالمايونيز”، و”صينية جراد بالبطاطس” “ساندويتش جراد بالكاتشاب”.
فيما تنضم حلوى الجراد إلى أغرب 26طبق في العالم حيث يقدم الجراد كنوع من أنواع الحلوى مع استخدام شيكولاتة النوتيللا كحشوة بعد قلية في الزي
وتدور حول الجراد العديد من المعتقدات ابرزها الاعتقاد الصيني أن الجراد يجلب لهم الحظ، إضافة إلى تقليد مصارعة الجراد الذي ورثوه من أيام أباطرة البلاد (قبل نحو 1400 عام).
وتخاف منه بعض الشعوب فإذا هاجمها الجراد تسارع بالاختباء في المنازل باعتباره نذير شؤم وانتهجت بعض الدول طرق مختلفة لمكافحة الجراد ومن أغربها الطريقة الصينية المعروفة بـ “جيش البط “حيث تأكل البطة الواحدة 200 جرادة يومياً و اختارت الهند الطبول لمكافحتها فالاعتقاد أن قرع الطبول يشتت أسراب الجراد حيث يعتقد الهنود أن الضجيج يبعد الجراد فيما تثق بريطانيا بالتكنولوجيا وترسل كمبيوتر عملاق مساعدة للدول المتضررة من أسراب الجراد لتتبع تحركاته عبر الأقمار الصناعية.
يتأهب اليمنيون لمواجهة” العاصفة الصفراء” لأسراب الجراد المهاجر والعابر الجرئ للمحيطات والصحاري والجبال التي تجتاح اليمن “جواً ” فيشبهها اليمني بصيد البحر ويطلق عليها “جمبري الفقراء”….