كريتر نت – العرب
عزز توقيع حكومة الوفاق الليبية، واجهة الإسلاميين، اتفاقا عسكريا جديدا، مع قطر هذه المرة، المخاوف من استنساخ التجربة الصومالية في ليبيا حيث تدفع الدوحة وأنقرة إلى استدامة الفوضى وتعميق الانقسامات داخليا من خلال تشكيل قوات موالية للبلدين في ليبيا وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها قوات نظامية.
يعكس الاتفاق العسكري الذي وقعته حكومة الوفاق الليبية الثلاثاء مع قطر، وهو اتفاق يتيح إرسال الدوحة مستشارين عسكريين لتدريب ميليشيات الوفاق الإسلامية، محاولات الدوحة وأنقرة تشكيل قوات موالية لكلاهما في ليبيا في استنساخ للتجربة الصومالية.
ووقعت قطر وحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج، وهي واجهة الإسلاميين في ليبيا، اتفاقا عسكريا مساء الاثنين يقضي بتدريب وتعزيز ميليشيات حكومة الوفاق، إضافة إلى تركيز كليات مشتركة للتدريب.
ويرى مراقبون أن من شأن هذه الخطوة أن تعمق الانقسام داخل ليبيا من خلال إمكانية تشكيل قوات موالية للدوحة وأخرى موالية إلى تركيا وهي تجربة قامت بها الدوحة وأنقرة في الصومال وقادت الأخير إلى المزيد من الفوضى.
وتحاول قطر وتركيا من وراء ذلك التسويق إلى أن تلك القوات نظامية للتخفيف من حدة الضغوط الدولية التي تدفع نحو تفكيك الميليشيات الإسلامية وتأسيس جيش نظامي في طرابلس يحل مكان الميليشيات.
وبالرغم من التحذيرات الدولية لتركيا وحكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين في ليبيا، التي يرأسها فايز السراج من التصعيد والهجوم على مدينة سرت الاستراتيجية إلا أن هذا الاتفاق، إلى جانب مواصلة حشد المرتزقة السوريين والعرب، يؤكد رغبة أنقرة والدوحة معا في مواصلة الدفع نحو المزيد من التوتر.
وأعلن وكيل وزارة الدفاع في حكومة الوفاق صلاح النمروش الثلاثاء أنه تم التوصل إلى اتفاق مع قطر وتركيا على إرسال مستشارين عسكريين إلى طرابلس للمساعدة في تعزيز قدرات ميليشيات حكومة الوفاق العسكرية.
وتُعد هذه المرة الأولى التي تنخرط فيها قطر عسكريا في ليبيا حيث اقتصر دورها في وقت سابق على الدفع لتركيا مقابل تسليح المرتزقة من سوريا وغيرها وإرسالهم إلى دعم حكومة السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
وبدورها، ترتكز أنقرة على اتفاقية عسكرية مثيرة للجدل وقعتها مع حكومة الوفاق العام الماضي للتدخل العسكري المباشر في ليبيا ما عمق الأزمة، حيث بات هدف تركيا تثبيت موطئ قدم راسخة لها في ليبيا لتستفيد بذلك من التنقيب عن الثروات الطبيعية على سواحل البلاد.
وزارة الدفاع بحكومة الوفاق أعلنت الاتفاق مع قطر وتركيا على إرسال مستشارين عسكريين لتعزيز قدرات الميليشيات
وتأتي هذه التطورات لتكشف التناقضات التركية القطرية حيث تؤكد أنقرة والدوحة معا على ضرورة الحل السياسي للأزمة الليبية، بينما تواصلان حشد المرتزقة السوريين والعرب لتدعيم ميليشيات حكومة الوفاق من جهة، والدفع نحو تأسيس قوات نظامية موالية لهما من جهة أخرى، وفقا لمراقبين.
وفي وقت سابق، اتهم الجيش الليبي أنقرة بمواصلة حشد المرتزقة إلى مصراتة التي تستعملها تركيا كمنصة للهجوم على مدينة سرت الاستراتيجية والجفرة وهي مناطق تحذر العديد من الأطراف الفاعلة إقليميا ودوليا من استهدافها.
وقال النمروش “اتفقنا مع وزيري الدفاع التركي خلوصي أكار والقطري خالد بن محمد العطية على التعاون الثلاثي في بناء المؤسسة العسكرية في مجالي التدريب والاستشارات”.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الدوحة تسعى من وراء هذه الاتفاقية إلى تأسيس جيش موال لها في ليبيا ما يثير تساؤلات عن نوايا قطر وحكومة الوفاق.
وتتمحور هذه التساؤلات بالأساس حول ما إذا كانت قطر تستهدف إرسال مستشارين وضباط للتدريب أو قرع طبول الحرب على مدينة سرت الاستراتيجية. وزار وزير الدفاع القطري طرابلس الاثنين أثناء زيارة وزير الدفاع التركي للمدينة، لمناقشة التعاون العسكري “الثلاثي” بين الدوحة وأنقرة وطرابلس.
وصرّح النمروش بعد محادثات مع الوفدين التركي والقطري بأن الاتفاق يشمل أيضا “إرسال مستشارين عسكريين إلى ليبيا وإتاحة مقاعد للتدريب في كليات البلدين الشقيقين”.
وأثناء اجتماع عقده رئيس حكومة الوفاق مع الوزيرين التركي والقطري الاثنين، “تناولت المحادثات مستجدات الأوضاع في ليبيا والتحشيد العسكري شرق سرت ومنطقة الجفرة” إلى الجنوب منها، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق.
وفي مسعى منه للتهدئة تراجع الجيش الوطني الليبي في وقت سابق بعد هجومه على طرابلس بغية تحريرها من سطوة الميليشيات التي شلت عمل مؤسسات الدولة.
وعقب 14 شهرا من القتال الشرس، تراجعت قوات الجيش باتجاه سرت، وهي المدينة الساحلية الواقعة 450 كلم شرق طرابلس.