كتب : د. صادق القاضي
من الأيام الأولى لما تُسمَّى”ثورة 2011″: عندما كانت عيون “الرفاق” في تعز على منصة ساحة الاعتصام، كانت عيون “الإخوان” على البنك الزراعي المجاور للساحة.!
دخل الرفاق الساحة بالأعلام والحناجر والصدور العارية، ودخلها الإخوان بالعصي والخناجر والحبال والأزاميل والمطارق ومفكات الأقفال..
في النهاية غادر الرفاق الساحة وهم يحملون الكدمات والإهانات والشتائم.. وغادرها الإخوان وهم يحملون الخزائن والمؤسسات والحقائب الوزارية.!
لاحقاً. خلال مقاومة 2015: منذ البدء. كانت عيون الرفاق على “الشرعية والحوثي”.. وكانت عيون الإخوان على صناديق الأموال والأسلحة الخليجية، والممتلكات العامة والخاصة..
حمل اليسار البنادق.. وحمل الإخوان -كالعادة- بجانب الأسلحة: الحبال والأزاميل والمطارق ومفكات الأقفال.. لكن بكميات هائلة هذه المرة.!
في المحصلة.. خرج الرفاق وهم يحملون الجروح والتهم وصورة الشهيد الحمادي وجثة “أصيل” الممزقة.. وخرج الإخوان وهم يحملون: معسكرات الجيش، وخزائن البنوك، ومولدات الطاقة، ومنازل الأغنياء.. وصولاً إلى أثاث وبلاط بيوت المواطنين.!
ليست مفاصلة مطلقة بين ملائكة وشياطين، بل مقارنة نسبية بين: فئة لا تخلو من الانتهازية، لكن تغلب عليها الغفلة والمثالية وحسن النوايا.. وبين فئة لا تخلو من الغباء والغفلة، لكن يغلب عليها اللؤم والأنانية والانتهازية..
في الأغلب. كانت قلوب الرفاق معلقة بالثورة والشرعية والدولة.. وقلوب الإخوان معلقة بالثروة والسلطة والسلاح.. والأجندات المحلية والدولية المشبوهة.
هذا هو الفرق، وهذه هي المحصلة العملية لعلاقة عجيبة بين من يُفترض أنهم ينتمون إلى تحالف سياسي وعسكري واحد، وشركاء كفاح وسلاح وقضية.
ليست نهاية المطاف.. لكن حتى الآن: خسر الرفاق كل شيء تقريباً: قضاياهم وبوصلاتهم وشعبياتهم اليسارية.. وحتى كياناتهم وقراراتهم الحزبية التي باتت منخورة ومستلبة من قبل الإخوان.
في المقابل. ربح الإخوان مؤقتاً كل شيء تقريباً: الثورة والثروة والسلاح والمقاومة، والجيش والدولة والشرعية والسلطة.. جاعلين من تعز عاصمة إمارتهم الخاصة في اليمن.