كريتر نت – العرب – الجمعي قاسمي
يزداد حجم المخاوف الليبية من مناورات إخوان ليبيا وفرض حساباتهم بعد اتفاق “بوزنيقة” المغربية، حيث ظهرت ثغرات جديدة بين طرفي الحوار تنذر بإمكانية التراجع عن التفاهمات الأولية المتوصل إليها بخصوص المناصب السيادية في البلاد.
تتعرض تفاهمات جولة الحوار الليبي-الليبي التي جرت في ضاحية “بوزنيقة” المغربية، إلى تحدّ كبير على خلفية ظهور فجوات جديدة بين طرفي الحوار، تسببت فيها حسابات الأجندات الخفية لجماعة الإخوان المسلمين التي تُسيطر على المجلس الأعلى للدولة.
وفرضت هذه الفجوات التي جاءت بعد تلميحات وفد المجلس الأعلى للدولة إلى إمكانية التراجع عما تم التوصل إليه من تفاهمات بخصوص منصب محافظ البنك المركزي، أجواء من القلق بدأت وتيرتها تتصاعد وسط شكوك مُتزايدة في إمكانية صمود تلك التفاهمات أمام مُناورات إخوان ليبيا.
واستضافت ضاحية “بوزنيقة” المغربية، خلال الأسبوع الماضي، جولة حوارات مكثفة بين وفدي مجلس النواب(البرلمان)، والمجلس الأعلى للدولة، انتهت بالإعلان عن تفاهمات أولية حول توزيع المناصب السيادية في ليبيا، والمعايير والآليات التي يتعين اعتمادها لاختيار الشخصيات التي ستتولى تلك المناصب.
وشملت تلك التفاهمات أيضا، التوافق على القضايا العالقة، وعلى وضع آليات لمحاربة الفساد في المناصب السيادية، وعلى الاستفادة من الخبرات الدولية لبناء مؤسسات الدولة، حيث تم السبت التوقيع على المسودة النهائية لهذه التفاهمات التي وُصفت بأنها اختراق إيجابي نحو تسوية سياسية في ليبيا.
وذكرت وسائل إعلام ليبية أن تلك التفاهات شملت التوافق على توزيع 7 مناصب سيادية من أصل 10 مناصب، على الأقاليم الليبية الثلاثة، أي إقليم برقة وفزان وطرابلس.
وأكد طرفا الحوار في بيان مشترك، تلاه إدريس عمران، عن مجلس النواب الليبي، بحضور وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، استئناف هذا الحوار خلال الأسبوع الأخير من الشهر الجاري من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تنفيذ وتفعيل التفاهمات المذكورة.
لكن الأجواء الإيجابية التي أشاعها التوقيع على تلك التفاهمات لم تصمد أمام مناورات إخوان ليبيا، حيث بعث وفد المجلس الأعلى بعد ساعات قليلة من انتهاء مراسم التوقيع، برسائل سلبية منها التلويح بإمكانية التراجع عن منح منصب محافظ البنك المركزي لإقليم برقة.
وأمام هذا الوضع المُستجد، لم يتردد علي التكبالي، عضو مجلس النواب الليبي في طبرق في دعوة الليبيين إلى التظاهر السلمي “لتخليص البلاد من محاولات المجتمع الدولي لتمكين جماعة الإخوان التي وصفها بـ’الإرهابية’، من السيطرة على مفاصل الدولة”.
واعتبر في تصريحات تلفزيونية أن هناك “إخلاصا من رئيس البرلمان، عقيلة صالح، لإنجاح المفاوضات، إلا أنه يغفل، أن الانبهار بالجلوس مع جماعة الإخوان المسلمين هو مضيعة للوقت، حيث ما تريده هذه الجماعة ليس ما يتحاورن عليه”.
وكان رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح قد رحب بنتائج جولة الحوار في بوزنيقة المغربية، الذي قال إنها “لم تكن من أجل توزيع المناصب على أشخاص كما يُشاع، وإنما من أجل تقسيم المؤسسات السيادية على أقاليم ليبيا، ضمانا لعدم تهميش أي منطقة من الوطن”.
وقبل ذلك، أكد النائب البرلماني الليبي، فتحي المريمي، أن البرلمان الليبي رحب بمخرجات حوار “بوزنيقة” المغربية، الذي تم فيه الاتفاق على توزيع المناصب السيادية بين أقاليم ليبيا الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، وكذلك أيضا بنتائج اجتماع سويسرا الذي عُقد بالتزامن مع حوار “بوزنيقة” المغربية.
وأشار إلى أنه تم خلال هذه الاجتماعات الاتفاق على أن يتكون المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين ورئيس حكومة منفصل، على أن تكون مدة عمله 18 شهرا تعمل خلالها الحكومة والمجلس الرئاسي على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وعلى توحيد المؤسسات الليبية.
ولفت إلى أن مدينة سرت ستكون مقرا للمجلس الرئاسي ومجلس النواب ومصرف ليبيا المركزي، وذلك إلى حين القضاء على الميليشيات الإرهابية، وعودة الأمن إلى العاصمة طرابلس.
مخاوف من مناورات جديدة لإخوان ليبيا
غير أن هذا الترحيب لم يُقنع النائب البرلماني علي التكبالي، الذي شدد في تصريحاته على أن الإخوان “يُريدون أن تكون ليبيا هي بيت المال، وهم بذلك لن يسمحوا أبدا لأي طرف بالحصول على مصرف ليبيا المركزي أو مؤسسة النفط الوطني أو أي شيء يدر المال”، على حد قوله.
ويرى مراقبون أن الخشية التي عبّر عنها النائب علي التكبالي، مشروعة، ولها ما يُبررها، لاسيما وأن الرسائل المُلتبسة لإخوان ليبيا ترافقت مع تصعيد أبداه صلاح النمروش، وزير الدفاع في حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، تجاه الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، حيث زعم في تصريحات له أن الجيش الليبي حاول أكثر من مرة اختراق اتفاق وقف إطلاق النار، وأنه يواصل عملية التحشيد.
ويرى مراقبون أن الخشية التي عبّر عنها النائب علي التكبالي، مشروعة، ولها ما يُبررها، لاسيما وأن الرسائل المُلتبسة لإخوان ليبيا ترافقت مع تصعيد أبداه صلاح النمروش، وزير الدفاع في حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، تجاه الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، حيث زعم في تصريحات له أن الجيش الليبي حاول أكثر من مرة اختراق اتفاق وقف إطلاق النار، وأنه يواصل عملية التحشيد.
وتابع قائلا بلغة فيها الكثير من التهديد، “لن نتخلى عن سرت أو الجفرة أو أي شبر من ليبيا.. وغرفة عمليات سرت والجفرة جزء لا يتجزأ من وزارة الدفاع الليبية، ونحن نتواصل معها وندعمها بكافة التجهيزات، ونحن ماضون إلى إعادة السيطرة على التراب الليبي بالكامل”.
ويأتي هذا التصعيد، فيما اشترط الجيش الليبي توفير ضمانات دولية حول توزيع عائدات النفط، قبل إعادة فتح الحقول والموانئ المغلقة منذ شهر يناير الماضي، لاستئناف الصادرات النفطية.
وطالب في هذا الصدد، بوضع آلية واضحة وشفّافة تضمن التوزيع العادل لعوائد النفط على كل الشعب الليبي وكافة الأقاليم وعدم ذهابها لدعم الميليشيات المسلحة والمرتزقة الأجانب، وتتيح معرفة كيفية ووجهات إنفاقها.