كريتر نت – متابعات
عكست دعوة للحوار أطلقها مهدي المشاط، رئيس ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى” التابع للحوثيين، عمق المأزق السياسي والمالي الذي تعاني منه الميليشيات الموالية لإيران في اليمن، بعد مرور ست سنوات على سيطرتها على العاصمة اليمنية.
وجاءت دعوة المشاط متزامنة مع تحركات دبلوماسية للمبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث لتحريك طريق السلام “المتعثر”، فقد أطلق غريفيث بدوره دعوة إلى الفرقاء السياسيين بضرورة “اتخاذ خطوة إلى السلام” في البلد الغارق في الفوضى منذ سنوات.
وينظر إلى الدعوة التي أطلقها الحوثيون على أنها محاولة حثيثة من الجماعة الموالية لإيران لاكتساب عامل الوقت وتضييعه في مبادرات تحقق لهم إنجازات آنية وتحافظ على مواقعهم بدلا من العمل على إيجاد مخارج حقيقية للأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية المتواصلة في اليمن.
وأصرّ المشاط، الذي يقود أعلى هيئة تنفيذية في مناطق سيطرة الحوثيين، على ضرورة “الإفراج الفوري عن سفن النفط والغاز ورفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي أمام حركة الملاحة”.
وكشف رئيس ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى” عن مبادرة قدمها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي للمبعوث الدولي إلى اليمن بشأن الوضع في مأرب، لكنه لم يعط أي تفاصيل بخصوص بنودها التي قال إنها تتضمن تسع نقاط.
وتستميت الميليشيا الحوثية في السيطرة على محافظة مأرب الاستراتيجية، وهي البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء. وتعمل الميليشيا بشكل مستمر على إحداث تغيير عميق في توازنات الصراع في اليمن عبر تدعيم مناطق نفوذها وتوسيعها بما يخدم مصلحتها لتعويض النقص الحاد في التمويل المقدم من إيران.
ويسعى المتمردون إلى استغلال أي مفاوضات برعاية الأمم المتحدة لتحقيق اختراقات في ملفات تهم تحسين أوضاعهم في مناطق سيطرتهم أكثر من تحقيق نقلة نوعية في الوصول إلى تسوية سياسية شاملة. وعكست دعوة المشاط للحوار هذا التوجه بعد إصراره على البحث في ملفات الرواتب والغاز والنفط على حساب ملفات الأمن والحاجة إلى التخلص من تداعيات انقلاب 2014.
ودعا المشاط، في كلمة متلفزة بثت مساء الأحد بمناسبة سيطرة ميليشياته على صنعاء، التحالف العربي والحكومة اليمنية إلى الدخول في مفاوضات جادة لوقف الحرب، مطالبا في الوقت نفسه التحالف والحكومة بالقبول بالمبادرة المقدمة للمبعوث الدولي حول مأرب.
ويقول الحوثيون إن المبادرة تستهدف تحييد موارد مأرب من النفط والغاز وذهابها لصالح صرف رواتب الموظفين.
وترجم التصعيد العسكري الحوثي الأخير على أكثر من جبهة وخاصة في مأرب والجوف، استغلال الجماعة الموالية لإيران دعوات التهدئة لاكتساب مناطق نفوذ جديدة. وكان الجيش اليمني قد استعاد، الأحد الماضي، بإسناد من التحالف العربي مواقع عسكرية استراتيجية في محافظة الجوف.
ويرى مراقبون أنه على الرغم من النبرة الاستعلائية التي جاءت في كلمة المشاط بشأن الدخول في حوار مع التحالف العربي والحكومة اليمنية، إلا أنها تعكس أيضا عمق الأزمات المتفاقمة في مناطق سيطرة الحوثيين بعد تشديد الخناق على الداعم الرئيسي لهم في طهران من قبل الإدارة الأميركية.
ويعاني اليمن اليوم من مصاعب كبيرة في شتى مناحي الحياة بعد فرض سيطرة الحوثيين على المقار الرسمية والإدارية والعسكرية في صنعاء عام 2014 وما تبعه من متغيرات ومتاعب إضافية صعّبت من إيجاد تسوية شاملة للأزمة.
وقال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث “في هذا اليوم، أتمنى أن تفكّروا وتجدوا الشجاعة اللازمة لتأخذوا الخطوة الأولى نحو منح اليمنيين السلام الذي يحتاجونه ويستحقونه.. لنعمل معا بشكل عاجل لإنهاء هذا النزاع بشكل شامل. لنعمل معا من أجل السلام”.
الخناق يضيق على الحوثي
وأضاف، في رسالة وجهها إلى أطراف النزاع اليمني، “بينما نحتفل باليوم الدولي للسلام، علينا التفكير في الأعوام الخمسة من الحرب التي مزّقت اليمن وتسببت في مقتل الآلاف ومعاناة الملايين”.
وكانت مباحثات بين الحكومة اليمنية والحوثيين قد انطلقت قبل أيام في جنيف بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي لبحث ملفات إطلاق سراح المحتجزين من الطرفين. لكن هذه المباحثات على الرغم من بعدها الفني إلا أنها لا تعطي دفعا لاقتراب الفرقاء اليمنيين من تحقيق اختراق في ملفات هامة على صعيد العملية السياسية.
وقال معمر الإرياني وزير الإعلام في الحكومة اليمنية إن “ميليشيا الحوثيين تلاعبت بالجهود الدولية لإنهاء الحرب وعطلت الحلول السياسية للأزمة”، مشيرا إلى أن الحوثيين استغلوا جولات الحوار لالتقاط الأنفاس وتعويض الخسائر وتهريب الأسلحة من إيران.
وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر أن ذكرى 21 سبتمبر 2014 “أحد أيام الجمهورية الحالكة السواد، وأكبر انتكاسة في تاريخ اليمن الحديث منذ انطلاق شرارة الثورة المباركة في 26 سبتمبر 1962، من خلال محاولة ميليشيا الحوثي إعادة البلد إلى عهود الحكم الكهنوتي البائد، وتحويله إلى مقاطعة إيرانية”.
ويتوافق مع هذا الرأي الباحث والمحلل السياسي اليمني نجيب غلاب الذي أكد أن الميليشيات الحوثية تعمل على “تأسيس طغيان يستند على شرعنة حكم عصابة عنصرية محكومة بالعرقية الفاشية المستندة على أوهام الاصطفاء العرقي وجعل اليمن مزرعة لكاهن يدعي أنه مختار من الله كسيد على اليمنيين”.