كتب – محمد الثلايا
أكد الدكتور عبدالعزيز الواصل سفير السعودية الدائم لدى منظمة الامم المتحدة في خطاب القاه الاثنين الماضي امام مجلس حقوق الانسان التابع للمنظمة بجنيف تمسك بلاده بمرجعيات الحل الثلاث المتعلقة بحل الازمة وانهاء الحرب باليمن، الخطاب جاء كعادته مؤكدا الموقف الثابت للمملكة والمعهود تجاه الازمة اليمنية منذ بدأت، لكن هل هذا هو حقا ما يدور في مخيلة القيادة السعودية ورؤيتها لحل النزاع اليمني اليوم؟ وهل لازال الخطاب المعلن هذا يعكس حقيقة القناعات السعودية المتشكلة على إثر معطيات ووقائع خلفتها سنوات الصراع الفارطة بعد ان اضحت واقعا يستحيل تجاوزه اليوم؟
في 22 سبتمبر المنصرم اي في اليوم العالمي للسلام غرد نائب وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان على تويتر قائلا: (..ونسعى مع دعاة السلام واشقائنا في اليمن للوصول الى سلام شامل ودائم من خلال تنفيذ اتفاق الرياض وتكامل الجهود مع المبعوث الاممي لإنجاح مقترحه “الاعلان المشترك” لإنهاء الأزمة وعودة اليمن الى محيطه الخليجي والعربي).
أظنك هنا لست بحاجة أن أشرح لك معنى دعم المملكة لمقترح الاعلان المشترك والمثير للجدل في تجاوزه لمرجعيات الحل الثلاث، وأظنك ايضا لست بحاجة اخبارك بأن حديث الامير الوزير يعد تصريحا رسميا يعبر عن موقف وقناعة حاضرة يتشاركها بالضرورة مع بقية أعضاء القيادة السعودية وإلا لما تحدث الرجل بأسم المملكة وألفاظ ” نسعى..مع اشقائنا ..”
فما الذي يعنيه إذن قبول السعودية مقترح المبعوث الأممي( الإعلان المشترك)؟
هل بالإمكان ان يكون ذلك فعلا هو الخيار الأنسب الذي طالما تحدثنا عنه في معرض قراءات سابقة حاولنا من خلالها تفسير خط سير سياسات التحالف العربي باليمن والكيفية التي تدير بها القيادة السعودية اليوم الصراع شمالا وجنوبا؟ ذلك الخيار الذي يجسد جدية بحث المملكة عن ضالة الخروج من مستنقع الحرب اليمنية.
في تقديري ان خطاب السفير التزم نسقا دبلوماسيا وعملا بروتوكوليا يتوجب على القيادة السعودية تأكيده في كل مرة يتم خلالها الحديث عن المسار النمطي لحل الازمة اليمنية امام المجتمع الدولي، غير انه وبصراحة سيبدو ان تغريدة الامير خالد بن سلمان جاءت أكثر واقعية بل ومنطقية جدا لفهم القناعات السعودية المستجدة عقب ستة اعوام حرب لم يتحقق خلالها ولو الحد الادنى من قائمة اهداف تدخل التحالف العربي باليمن بل ان سلسلة الاخفاقات المتلاحقة وخلخال الصراع المتجدد أضحيا كابوسا مزعجا يؤرق قيادة المملكة ويدفع بها الى سرعة البحث عن حلول سياسية قد تبدو في نظرها اليوم اكثر قربا للتطبيق وأقل كلفة من حيث تنفيذها وبخاصة انها حظيت فعلا بالتأييد الإقليمي والدولي اللازم .
فهل أزفت لحظة الأعلان عن خارطة طريق جديدة وغايات سياسية اخرى تستند على وقائع الارض وبعيدا عن حائط المرجعيات الثلاث؟
ربما من المبكر حقا القول ان قبول المملكة لمبادرة جريفيثس (الاعلان المشترك) سيعني قطعا انه خيار السعودية الانسب ذاك، وان الامر أنتهى هنا.
فبغير ترجمة ذلك سياسيا من خلال تأكيد الحليفين الأهم أميركا وبريطانيا دعمهما للقناعة السعودية المستجدة تلك الى جانب تعهدهما علنا بتوفير كل الامكانات والسبل الهادفة الى تحويل خارطة الاعلان المشترك واقعا ملموسا على الارض أظن ان رحلة الخيار الأنسب ستبدو حينها لازالت في بداياتها وان تغريدة الأمير خالد لن تعدو كونها مجرد دغدغة سياسية وحسب.
وعلى هامش هذا الحديث أود فقط الاشارة الى ان ثمة حقيقة باتت تتشكل اليوم وهي ان : (هنالك مؤشرات حصاد سياسي دفعت إليه متغيرات طارئة وليس تقاسم كعكة مخطط له سلفا كما يظن البعض،كما ان تجديد خطاب التمسك بمرجعيات الحل الثلاث في ظل وقائع الأرض والأحداث السياسية التي أستجدت مؤخرا والتي بات من المستحيل اليوم تجاوزها سيبدو عملا سياسيا منفصلا عن الواقع ولامعنى له .
فهل حقا تبدلت القناعات السعودية باليمن واصبح ما نراه اليوم ليس الا تبادل ادوار ريثما يتم ترجمة تلك القناعات واقعا عمليا؟ أم ان ما نشاهده ليس سوى تباين رؤى طبيعي في أطار دائرة الموقف الثابت للمملكة تجاة الصراع باليمن؟