كتب : فؤاد مسعد
توفي اليوم الأحد الكاتب الصحفي البريطاني الشهير والمخضرم (روبرت فيسك)، المتخصص في تغطية شؤون الشرق الأوسط منذ خمسين سنة. جراء إصابته بسكتة دماغية.
الصحفي فيسك من أهم وأبرز الصحفيين الغربيين الذين سجلوا حضورهم ووثقوا شهاداتهم في مجمل صراعات الشرق الأوسط والحروب التي نشبت في مختلف بلدانه منذ سبعينيات القرن العشرين حتى الصراعات المسلحة الأخيرة التي أعقبت ثورات الربيع العربي.
عمل روبرت فيسك (المولود في ميدستون بمقاطعة كنت البريطانية) مراسلا في الشرق الأوسط لعدد من الصحف العالمية كالتايمز والاندبندنت البريطانيتين، حيث عمل مراسلا للاولى حتى استقال منها عام ١٩٨٩، عقب خلافه مع مالك الصحيفة روبرت مردوخ إثر ضغوط من اللوبيات الإسرائيلية التي اتهمته بدعم الفلسطينيين. لينتقل بعدها إلى صحيفة الاندبندنت.
وخلال فترة عمله في الشرق الأوسط غطى الحرب الأهلية في لبنان، وكان أحد أربعة صحفيين أجانب بقوا في بيروت ابان اشتداد المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة، كما كان من أبرز الصحفيين الذين غطوا الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، كما وثق بكثير من المقابلات والصور والوثائق مجزرة صبرا وشاتيلا.
وقد جمع أهم المواقف والمحطات التاريخية والسياسية عن حرب لبنان والقضية الفلسطينية في كتابه(ويلات وطن)، متضمنا كثيرا من لقاءاته الصحفية مع زعماء دول ومنظمات وفصائل وقادة عسكريين وسياسيين في مختلف دول المنطقة.
غطى روبرت فيسك أيضا أحداث ثورة الخميني في إيران بداية العام ١٩٧٩، وكذلك الحرب الإيرانية العراقية(١٩٨٠: ١٩٨٨)، وأحداث حماة السورية ١٩٨٢، مسجلا ملاحظاته الدقيقة حول ما كان يجري حينها، وقد عاد إلى حماة مرة أخرى في ٢٠١٢، بعد ثلاثين سنة من المواجهات الأولى لتغطية الصراعات التي نشبت من جديد في أعقاب اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد.
أتقن فيسك اللغة العربية وقرأ تاريخ المنطقة ما أتاح له الإحاطة بقضايا الشرق الأوسط وتعقيداتها وتشابكاته، وعرف بمواقفه الناقدة للإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، وحصد العديد من الجوائز عن تغطيته لشؤون الشرق الأوسط.
فيما يتعلق بحواراته الصحفية فقد اجرى كثيرا من اللقاءات مع زعماء ورؤساء دول وحكومات وقادة بارزين وفاعلين مهمين ومؤثرين، كما أجرى مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عدة مقابلات، ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ أخذت الحرب على الإرهاب مساحة واسعة من عمله وتغطياته، وقد أجمل ما يتعلق فيها من أفكار وملابسات في كتاب أسماه (الحرب العظمى من أجل الحضارة: غزو الشرق الأوسط).
نقلت بي بي سي عن الرئيس الأيرلندي مايكل دي هيغينز قوله تعليقا على وفاة فيسك: بوفاته فقد عالم الصحافة والتحليل الصحفي لشؤون الشرق الأوسط أحد أفضل المعلّقين.