كريتر نت – متابعات
أظهرت وثيقة صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة موجهة لرئاسة الحكومة تخبط البنك المركزي بعدن في إدارة الوضع وسط انهيار متواصل للعملة الوطنية.
واتهم الجهاز، في مذكرة صادرة عنه في 23 يونيو 2020م البنك بانتهاج سياسة الغموض في التعامل وسط غياب تام للشفافية منذ نقل إدارته من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن .
وكشفت الوثيقة عن توقف في إصدار النشرة المصرفية للبنك للأربعة الأعوام المنصرمة، والذي وفقا للوثيقة يعد مخالفة صارخة للمعيار الدولي المتعلق بالإفصاح.
وأشارت المذكرة إلى المخاطر المترتبة على هذه المخالفات، والتي لا تقتصر على تقديم إفصاحات ومعلومات عن النشاط والوضع المالي للبنك، بل توفر المؤيدات الرقابية عن مدى قانونية العمليات المالية.
وأضافت المذكرة أن غياب تلك التقارير السنوية ولوائح إصدار القوائم المالية والمصادقة عليها عملت أصلا لمنع التلاعب بالإجراءات لمختلف العمليات المالية، والذي لم يعد متوفرا خلال الأربع السنوات الماضية.
تأتي هذه المذكرة في ظل تهاو متواصل للعملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، خلافا للتحسن المستمر الذي تشهده العملة في مناطق سيطرة الحوثيين .
سياسة الغموض
الصحفي الاقتصادي “فاروق الكمالي” علق على الوثيقة بالقول إنه “وفي ظل انهيار للعملة، يتبع البنك المركزي اليمني سياسة “الغموض”، مع غياب تام للشفافية، حيث توقف عن إصدار نشرة التطورات المصرفية منذ 2015.
وأضاف “الكمالي” في تغريدة له على “تويتر” أن البنك كذلك “توقف عن إصدار القوائم المالية السنوية للأعوام الأربعة الماضية، في مخالفة للمعيار الدولي رقم (30)، بشأن الإفصاح”.
ويزيد سعر صرف الدولار الأمريكي في مناطق سيطرة الحكومة عن 800 ريال، والريال السعودي يتجاوز الـ200 ريال، بينما يحافظ الريال في مناطق الحوثيين على قيمة 600 بالنسبة للدولار الواحد و 160 ريالا للريال السعودي.
ويأتي التحسن في مناطق الحوثيين عقب منع تداول اوراق العملة النقدية الجديدة التي أصدرها البنك المركزي بعدن، ورفع عمولة التحويل من مناطق سيطرة الحكومة إلى نسبة تصل إلى 38 % من اجمالي المبلغ المحول.
فشل إداري وفساد
وتقف إدارة البنك المركزي بعدن موقف العاجز، وسط سيطرة وتحكم شركات الصرافة على المشهد المالي.
وبحسب مصادر مصرفية فإن شركات صرافة ناشئة باتت تسيطر على الوضع المالي بعدن وتنظم أسعار الصرف، وبنت إمبراطورية مالية هائلة خارج البلاد.
وكشفت المصادر، التي فضلت عدم الإفصاح عن هويتها، أن البنك المركزي يعمل كأي محل صرافة بعدن، حيث يقوم بشراء العملات الأجنبية ومن ثم المضاربة بها في السوق السوداء للكسب.
المصادر أشارت إلى أن الفساد ينخر البنك في ظل قيادة هزيلة تحارب من أجل الكسب وبناء الثروات دون أي حس وطني، جعل البنك عاجز عن تحسين سعر الصرف سابقا أثناء تواجد الوديعة السعودية.
فبدلا من تخصيص الوديعة لدعم اعتمادات شراء المواد الأساسية للتخفيف عن كاهل المواطن، ذهبت مبالغ كبيرة لجيوب القائمين على البنك للمصارفة بها في السوق السوداء، حيث نفدت الوديعة ولم ترفع العملة كما لم تساهم في تخفيض أسعار الغذاء لشعب يعيش أعقد وضع إنساني.
إصلاحات عاجلة
وعن أهمية مبدأ الشفافية في العمل المصرفي، يرى “الكمالي” أن “الجهاز المصرفي هو العمود الفقري لاقتصاديات الدول، وفي اليمن يعد البنك المركزي رمزا سياديا للدولة التي غابت عقب انقلاب الحوثيين، واستعادة الدولة يبدأ من تفعيل دور البنك واستعادة الثقة في القطاع المصرفي بتطبيق إصلاحات وبسيطرة “المركزي” على السياسة النقدية”.
وانتقد “الكمالي” “بجاحة القائمين على إدارة البنك وعدم اكتراثهم للنقد الموجه لهم والرد عليه، فيما يتم غض الطرف وابتلاع الألسن فيما يخص الانهيار المتواصل للعملة الوطنية.
وقال “خرج البنك المركزي أمس من خلال تصريح هزيل، ردا على مواقع مغمورة نشرت موضوعا بعنوان (إقصاء الكادر الجنوبي.. كيف سيطر الحوثيون على قرار البنك المركزي عدن)، فيما يغيب عندما يتعلق الأمر بتهاوي الريال، ويغيب في جانب إدارة سياسة نقدية تعتمد الشفافية وضبط سوق الصرف وتطبيق مبادئ الإفصاح”.
ويمر اليمن بوضع إنساني سيئ دفع منظمات الأمم المتحدة لطلب مزيد من الدعم المالي لمواكبة الاحتياجات الإنسانية، وسط توقف عدد من برامج الإغاثة نتيجة لضعف الدعم.
وتسبب تدهور العملة الوطنية في انهيار الوضع الاقتصادي وتسريح آلاف الموظفين في القطاع الخاص في ظل ارتفاع جنوني لأسعار السلع الأساسية، زاده سوءا انقسام البنك المركزي الذي لم تستطع إنجازات المبعوث الأممي ضمه لقائمتها.