كتب : عبدالستار سيف الشميري
في ظل تأخر إنجاز اتفاق الرياض وتأخر تشكيل الحكومة، هل نحن في وضع حكومة تصريف الأعمال، أم تصريف الأموال؟!
لا شيء يقول إن هناك تصريفاً لأعمال وخدمات في الحد الأدنى، بينما مئات الشيكات الحكومية تهرول إلى البنك المركزي كل يوم بمبالغ تثير الدهشة: فواتير فنادق مستحقات وزراء، سفريات نثريات، استحقاقات متأخرة لمسؤولين، بدل مخاطر، بدل مهام إضافية، موازنات مفتوحة للرئاسة، أوامر مذيلة بتوصيات محسن، عشرات المليارات.
شيء لا يصدق ويبعث على الدهشة، ويجعل من الحكومة الحالية، حكومة تصريف الأموال، يحدث ذلك حتى في مأرب باسم الجيش والجبهات والنفقات الأخرى، ويحدث في تعز ويحدث على مستويات رئاسية وحكومية.
إلى اليوم مر عام كامل على الموعد المقرر لإعلان حكومة بالتوافق وفقاً لاتفاق الرياض، ومن المفترض أن الحكومة الحالية تصرف الأعمال وتتواجد وتقوم بدورها الخدمي ذلك أن المهمة الطبيعة لأي حكومة تصريف أعمال هي القيام بكامل المهام ذات الطابع الإداري والخدمي.
إن توصيف مثل هذه الحكومات المتحولة من حكومة طبيعية بكامل الصلاحيات إلى حكومة محدودة الصلاحيات والتي غالباً ما تكون في فترات انتقالية لأي سبب كان، قد يكون بسبب ممارسة دستورية طبيعية ناجمة عن واقع سياسي جديد يتمثل إما باستقالة الحكومة أو باعتبارها بحكم المستقيلة أو لظروف استثنائية وتوافقات سياسية وغير ذلك مما هو حال اليمن منذ العام 2011م.
لكن في كل البلدان تبقى أي حكومة تصريف أعمال، مسؤولة عن كل التفاصيل شأنها شأن الحكومة العادية والتي لا تزال في السلطة ومتقلدة لأمور سلطتها دون تقييدها وحصرها في ميدان تصريف العاجل من الأمور والمستجدات فقط.
في بعض الأحيان استعمل هذا المصطلح (تصريف) كوسيلة من قبل الحكومات المستقيلة للتهرب من اتخاذ القرارات ذات الطبيعة المحرجة سواء من النواحي (السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية)، لكن في الوضع اليمني ما يتم هو استغلال هذه الفترة ببشاعة وتحويلها لحكومة تهريب وتصريف أموال ومكافآت في بلد تسعين في المئة من شعبه تحت خط الفقر، فإنها جريمة بحق الشعب من حكومة ليس لها أثر من واقع على الأرض.
الجميع يعلم أن حجم الدخل من الموارد أصبح شحيحا وتضطر دول التحالف إلى ضخ أموال جديدة، والدولار يقترب من التسعمائة ريال، وسوف يصل إلى مستقر الألف إذا بقي الحال على هذا الوضع، والاستنزاف من قبل رجالات الدولة للاموال والموارد لا سيما ان استحقاقاتهم بالعملة الصعبة، وهناك في خارج الوطن يدور نشاط محموم بين المسؤولين في البنوك واسواق العقارات، في دول مختلفة،
اعضاء مجلس النواب يشكون أنهم الأقل حظا في هذا السباق المحموم في بورصات العقار، وما يتقاضونه من التحالف عشرين ألف ريال سعودي فقط شهريا مع مكافآت متقطعة أو بدل أسفار ومهام، وهذا المبلغ لا يتعدى خمسة ملايين يمني شهريا، وقياسا بالسادة الوزراء والمستشارين فهو أقل مما يجب، إنها مهزلة حكومة تصريف الأعمال والتي عمرها الآن عام، ويتم استهلاك الميزانية على هذا المنوال، والبنك المركزي يصرخ إن العام القادم سيكون عام إفلاس وعدم القدرة على استئناف دفع الرواتب أو دعم المستشفيات، وغير ذلك من الالتزامات الخاصة بقطاع الكهرباء والمياه.
واقع حزين، والموت والفقر يحاصر الشعب المنكوب في الداخل ويلاحق المنفيين في الخارج، إنها حكومة تهريب الأموال وتصريفها بامتياز، إلى أجل غير مسمى.