كريتر نت – العرب
يطلق رئيس حركة النهضة التونسية تصريحات متناقضة بشأن استمراره على رأس الحركة من عدمه. وفي فترة سابقة كان الغنوشي يقول إن المؤتمر القادم للحركة سيد نفسه، بمعنى أنه يمكن أن يقبل ترشحه لدورة رئاسية جديدة عبر تنقيح الفصل 31 الذي يمنعه من التجديد.
وأحيانا كان يطلق تصريحات غامضة في الإعلام المحلي من نوع: سأظل ملتزما بالقانون الداخلي للنهضة طالما بقي قانونا، في إشارة إلى أن هذا القانون يمكن أن تغيره موازين القوى التي تخدم مصالحه.
لكن في حديثه الأخير لقناة “الجزيرة” أكد الغنوشي أنه يحترم هذا القانون الذي يمنعه من الترشح لولاية ثالثة لرئاسة الحركة. وقال إن “من واجبي أن أحترم قوانين النهضة وأنا أفعل ذلك، ومن هذه القوانين الفصل 31 وكل فصول النظام الأساسي محل احترام وتقدير”.
وينص الفصل 31 من النظام الأساسي لحركة النهضة على أنه لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين.
لكن مراقبين محليين يقولون إن حديث الغنوشي للإعلام الخارجي يختلف عن تصريحاته للداخل، وأنه ربما سعى لإظهار التزامه بقرار المؤسسات، وأن حركته تلتزم بالديمقراطية الداخلية في سياق التسويق الخارجي لنفسه ولتجربة “الإسلام الديمقراطي”.
وكانت تسريبات إعلامية قد أفادت بتظلم الغاضبين (جماعة عريضة المئة) من سلوك الغنوشي وتمسكه باحتكار السلطة لدى جهات إسلامية خارجية، وربما أراد الغنوشي الرد على هذا التظلم وطمأنة “أصدقائه” بأنه لا يريد البقاء على رأس الحركة مدى الحياة.
وتعرض الغنوشي في الفترة الأخيرة إلى هجوم حاد من “أصدقاء قدامى” في المشرق بعد تصريحات أدلى بها في لقاء مع سفير فرنسا بتونس أندري بارون، اعتبر فيها أن موجة الاحتجاجات على الرسوم المسيئة للنبي محمد “عابرة وهامشية”.
واستنجد الغنوشي ببعض الوجوه الإسلامية في المشرق لنصرته ودعم التمديد له تحت بند “الضرورات تبيح المحظورات”، ومن بين هؤلاء الفلسطيني منير شفيق، عضو المؤتمر القومي الإسلامي، الذي حذر من أن نظام الدورتين في رئاسة حركة النهضة قد يوسع دائرة الانقسامات داخلها.
كما دعم منير شفيق فكرة الغنوشي عن الفصل بين القيادة العادية وبين الزعامة، حين اعتبر أن أعضاء جماعة المئة “لا يفرقون بين الزعامة الشعبية والوطنية والتاريخية من جهة وبين التداول على سلطة الحكم، أو قيادة وظيفية للحزب”.
ووقع مئة قيادي في حركة النهضة، منتصف سبتمبر الماضي، على عريضة موجهة إلى الغنوشي طالبوه فيها بالإعلان عن عدم الترشّح لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم.
ورد الغنوشي على العريضة المذكورة، آنذاك، في رسالة ورد فيها أن “السياسيين والقادة يتم استبدالهم عبر الانتخابات لأنهم يخضعون أساسا لعوامل التهرئة الناتجة عن الحكم، أما الزعماء فجلودهم خشنة”، وفق إعلام محلّي.
وعقدت حركة النهضة أول مؤتمر علني لها في الثاني عشر من يونيو عام 2012 بعد سنوات من العمل السري، تم خلاله انتخاب الغنوشي على رأس الحركة لعهدتين متتاليتين، من 2012 إلى 2020.
وقال نشطاء محسوبون على جماعة المئة إن مناورة الغنوشي الجديدة تهدف إلى امتصاص غضب الغاضبين وأنصارهم، وسحب البساط من تحت أقدام قيادات سابقة تريد أن توسع دائرة التمرد وتستثمره في تكوين حزب جديد.
واستبعدوا أن تنهي هذه المناورة موجة الغضب الداخلي التي قد تظهر مع أول خلاف آخر ولو كان جزئيا، وسط شكوك في أن الغنوشي سعى بهذا التصريح إلى ربح الوقت وتخفيف الضغوط بشأن الرغبة في عقد المؤتمر قبل نهاية العام، وهو أمر بات شبه مستحيل لأسباب موضوعية مثل عامل الوقت، وخاصة الظروف الصحية المعقدة التي يفرضها وباء كورونا.