كريتر نت – متابعات
معاناة تلو أخرى، يتكبدها المواطن التعزي واليمني بشكل عام كتبعات لانهيار العملة وتدهور الريال اليمني مقابل العملات الصعبة، آخر هذه التبعات هي انعدام الخبز والروتي في المخابز صباح الثلاثاء الفائت في مدينة تعز.
لم يتوقع عزيز المعافري وهو طالب في جامعة تعز أن يجد باب المخبز القريب منه في حي الجامعة موصدا أمام المواطنين الذين تفاجؤوا بانعدام رغيف الخبز في ليلة وضحاها رغم اعتماد أغلبهم بشكل كلي على المخابز والأفران في المدينة ذات الكثافة السكانية المرتفعة والمحاصرة منذ ستة أعوام.
في حديثه لـ”الموقع بوست” يرى المعافري أن الأمر كارثي بالنسبة للطلاب ومعظم الأسر التي تعتمد بشكل أساسي على الرغيف والروتي من مخابز المدينة.
عواد الشرعبي اشتكى هو الآخر من الإضراب المفاجئ للمخابز قائلا: “نحن الطلاب نعتمد بشكل أساسي على المخابز في الحصول على رغيف الخبز وخصوصا الذين يعيشون بعيدا عن أهاليهم وظروفهم المعيشية صعبة، لكني فوجئت بإضراب المخابز المجاورة لي في حي الثورة”، مضيفا أنه حاول الذهاب إلى أكثر من مخبز لكن دون جدوى.
خبز المواطن في خطر
إضراب الأفران بتعز وانعدام الرغيف يعتبره كثيرون بمثابة ضريبة مضاعفة يدفعها المواطنون في تعز في ظل وقوعهم تحت وطأة غلاء الأسعار وشحة المواد الغذائية وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية في البلد.
وخلال أسابيع قليلة فقط ارتفعت أسعار الدقيق والقمح بشكل جنوني جراء هبوط الريال اليمني، وأتى إغلاق المخابز بعد أيام من إضراب جزئي للتجّار ومحال الصرافة في المدينة، احتجاجاً على الانهيار غير المسبوق للعملة المحلية.
وبخصوص ارتفاع الأسعار تحدث التاجر عبد الحكيم الشرماني لـ”الموقع بوست” قائلا: “كنا نشتري الكيس الدقيق من المصنع في عدن بمبلغ 16550 ريالا، وخلال الأسبوع الفائت ارتفع سعره إلى 18550 ريالا.
الصحفي الاقتصادي سلمان المقرمي قال في وقت سابق إن “إضراب المخابز والأفران أمر طبيعي، نتيجة الغلاء الفاحش، لكنه غير فعَّال ولن تهتم الحكومة به”، حسب رأيه.
ويضيف المقرمي أن “ملاك المخابز والأفران سيعودون لممارسة أعمالهم ورفع الأسعار، كما هو معتاد”، مشيراً إلى أن الحكومة عاجزة عن فعل أي شيء تجاه مختلف القضايا.
مضربون عن العمل
بدورهم يشكو أصحاب المخابز في مدينة تعز من الارتفاع المهول لأسعار الدقيق، ويحملون الجهات الرسمية كامل المسؤولية، مضيفين أن الإضراب جاء تعبيرا عن الاحتجاج وصرخة في وجه الحكومة لإيجاد حلول توقف تدهور العملة وارتفاع الأسعار.
يقول ماجد وهو عامل في أحد أفران تعز في حديثه لـ”الموقع بوست” إن الإضراب جاء بالتنسيق مع بقية مخابز المدينة كلها وذلك احتجاجا على ارتفاع الأسعار المتزايدة بشكل يومي، مشيرا إلى أن سعر الكيس الدقيق كان بـ15 ألف ريال وبغضون أسبوعين فقط أصبح سعره 17 ألف ريال، والآن وصل إلى 19500 ريال.
ويضيف ماجد: “كنا نبيع أربع حبات روتي بـ100 ريال، ولكن الآن لم يعد هذا الأمر مجديا لكوننا أصبحنا نبيع بخسارة”.
ويعتقد ماجد أنه في حال قررت المخابز بيع ثلاث حبات روتي بـ100 ريال لن يقتنع المواطن ولذلك لا يستطيعون رفع السعر لأن الناس لن يوافقوا، حسب قوله.
من جانبه ذكر أحد العاملين في مخبز السلام بتعز أن الإضراب جاء رفضا لارتفاع سعر الدقيق ولكي يخرج المواطنون للمطالبة بخفض أسعار المواد الأساسية للغذاء، مضيفا أن هذا الإجراء أتى بعد أيام من إضراب جزئي للتجار ومحال الصرافة في المدينة، احتجاجا على الانهيار غير المسبوق للعملة المحلية.
ويسود الشارع اليمني حالة من السخط والغضب الشعبي، جراء التدهور الاقتصادي المستمر، والذي جعل الحصول على لقمة العيش الضرورية أمراً صعباً خلال الفترة الأخيرة.
صمت حكومي
تحت ظل الصمت الحكومي وانعدام الرقابة تتفاقم معاناة الناس وتشتد مأساتهم، وتتهم الجهات الرقابية بالمحافظة نقابة المخابز والأفران بتعقيد الوضع الإنساني بالمحافظة.
بينما ارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني إثر انهيار سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر الروتي الواحد 35 ريالا، أي 3 أقراص روتي بـ100 ريال.
ويرى عزيز وهو طالب جامعي أن الطلاب وغالبية الأسر يدفعون ثمن الأسباب التي يتعلل بها مُلاك المخابز في إضرابهم كالارتفاع في سعر المواد الأساسية للغذاء وغيرها من المواد التي ازداد سعرها نتيجة لارتفاع الدولار وفارق الصرف بين كل من صنعاء وعدن.
ويعتبر هذا الانهيار الأكثر إضرارا بالمواطنين في تاريخ العملة اليمنية، خصوصا أن غالبية السكان يعتمدون بشكل أساسي على ما تنتجه الأفران من خبز وروتي.