كريتر نت – العرب
قالت مصادر يمنيّة مطلعة لـ”العرب” إن قيادة التحالف العربي لدعم “الشرعية” في اليمن قد مارست ضغوطا على الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي لتقديم تنازلات متبادلة من أجل التسريع في تنفيذ اتفاق الرياض.
وذكرت أن قيادة التحالف تمكنت من إقناع الرئاسة اليمنية بتقديم تنازلات في ما يتعلق بالمرشحين للحقائب الوزارية وتقديم أسماء توافقية، مقابل موافقة المجلس الانتقالي على الشروع في تنفيذ المرحلة الأولى من الشق العسكري والأمني قبل تنفيذ الشق السياسي وإعلان الحكومة، وهو الأمر الذي كان الانتقالي يرفضه من قبل.
وأكدت مصادر “العرب” أن التحالف قدم ضمانات للطرفين الموقعين على اتفاق الرياض، بالإشراف بشكل دقيق على إيفاء كل طرف بالتزاماته في الاتفاق، واتخاذ موقف صارم تجاه أي طرف يحاول الانقلاب على الاتفاق أو الهروب من استحقاقاته.
وتوقعت أن ينجح التحالف العربي في تجاوز عقبة التراتبية في تنفيذ بنود اتفاق الرياض من خلال الإشراف على انسحاب متزامن من خطوط المواجهة في منطقة شقرة ومحيطها، وصولا إلى إعلان الحكومة الجديدة، غير أن المصادر رجحت في ذلك الوقت ازدياد النشاط السياسي والإعلامي وربما العسكري من قبل ما يعرف بتيار الدوحة في “الشرعية” اليمنية الذي يرفض بشده اتفاق الرياض ويدفع باتجاه سيناريو مواجهة شاملة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي.
وكشفت هذه المصادر عن استكمال التوافق حول قائمة المرشحين لشغل الحقائب الوزارية في الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض، والتي شهدت في الأيام الماضية حالة من التباين الشديد بسبب زج بعض الأطراف بشخصيات مثيرة للجدل كمرشحين في الوزارات السيادية الأربع (الدفاع، الداخلية، الخارجية، المالية)، الأمر الذي قوبل وفقا للمصادر برفض المجلس الانتقالي وتحفّظ التحالف على بعض المنتمين إلى تيار قطر في “الشرعية” الذين لديهم تاريخ من التصريحات المعادية للتحالف.
وأعلن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، عن استكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض، الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019.
وقال مصدر مسؤول في التحالف في بيان صحفي نشرته وكالة الأنباء السعودية، مساء الخميس، إنه تم التوافق على تشكيل الحكومة التي يرأسها معين عبدالملك وتتكون من 24 وزيرا بالمناصفة بين الشمال والجنوب بمشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي والمكونات السياسية اليمنية الأخرى، والتي تم التوافق -بحسب المصدر- على إعلانها فور اكتمال تنفيذ الشق العسكري في غضون أسبوع.
وأشار البيان إلى أنه تم تجاوز عقبة الخلافات بين الحكومة والانتقالي حول تراتبية تنفيذ الشقين العسكري والسياسي، من خلال الانتهاء من استيفاء كافة الخطط العسكرية والأمنية اللازمة لتنفيذ الشق العسكري والأمني.
وأضاف المصدر أن قيادة القوات المشتركة للتحالف ستقوم من خلال المراقبين العسكريين من التحالف على الأرض ابتداء من الخميس بالإشراف على فصل القوات العسكرية في محافظة أبين (شرق عدن) وتحريكها إلى الجبهات، ومن العاصمة عدن إلى خارج المدينة، وأنها ستستمر في دعم الوحدات الأمنية للقيام بمهامها الجوهرية في حفظ الأمن والاستقرار ومحاربة التنظيمات الإرهابية.
وأكدت مصادر محلية في محافظة أبين لـ”العرب” وصول قوات وعربات مدرعة تابعة للتحالف العربي إلى مقر اللجنة العسكرية في منطقة شقرة للإشراف على انسحاب قوات الحكومة إلى محافظة شبوة، وعودة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى مدينة عدن، قبل البدء بالمرحلة التالية التي تشمل سحب القوات العسكرية من عدن إلى نقاط التماس مع الحوثيين، وانتشار قوات الحزام الأمني لبسط الأمن في العاصمة المؤقتة.
وعلق الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، نزار هيثم، على بيان التحالف في تغريدة على تويتر بالقول “لأجل السلام، فلنؤجل التباينات، وفي سبيل حقن الدماء سنتنازل ونتصالح ونتقارب”.
وفي تصريح لـ”العرب” قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي منصور صالح، إن “المجلس يعتبر المباشرة الجدية في تنفيذ الاتفاق إنجازا كبيرا يعزز حالة الأمن واستكمال تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الرياض برعاية السعودية”.
ويعتبر المراقبون أن العقبة الرئيسية لاتفاق الرياض لا تكمن في الانسحاب من مناطق المواجهات في أبين أو تشكيل الحكومة، بل تكمن في دفع طرفي الاتفاق إلى تقديم تنازلات مؤلمة ينص عليها الاتفاق في ما يتعلق بالمراحل اللاحقة من الترتيبات العسكرية والأمنية التي تتضمن تسليم الأسلحة الثقيلة وانسحاب القوات العسكرية من محافظات يعتبرها كل طرف منطقة نفوذ خاصة به، كما هو الحال مع محافظة شبوة التي يعتبرها الإخوان أحد معاقلهم الرئيسية بعد خسارة الجوف ونهم، كما لا يبدو الانتقالي متقبلا لفكرة تخليه عن نفوذه الأمني في عدن في ظل حالة عدم الثقة المتنامية بين الطرفين.
وينص الشق العسكري من اتفاق الرياض على عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية شهر أغسطس 2019 إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها لتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة.
كما ينص الاتفاق على تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن إلى معسكرات داخل عدن تحددها وتشرف عليها قيادة التحالف، ونقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحددها قيادة التحالف، وتوجيهها بموجب خطط معتمدة وتحت إشراف مباشر من التحالف، ويستثنى من ذلك اللواء الأول حماية رئاسية الذي تناط به مهمة حماية القصور الرئاسية ومحيطها وتأمين تحركات الرئيس، وتوفير الحماية الأمنية لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن.
وينص اتفاق الرياض بصيغته التي تم التوقيع عليها في نوفمبر 2019 على توحيد كافة القوات العسكرية في عدن ولحج وأبين وضمّها إلى وزارة الدفاع.
ووفقا للشق الأمني من الاتفاق، تتولى قوات الشرطة والنجدة في عدن مسؤولية تأمين المحافظة مع العمل على إعادة تنظيم القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي، إضافة إلى إعادة تنظيم القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب وقوات حماية المنشآت التي تناط بها مهمة حماية المنشآت المدنية والحيوية في عدن والمحافظات المحررة وموانئ المكلا والضبة والمخا ومنشأة بلحاف النفطية، كما ينص الاتفاق على توحيد وإعادة توزيع القوات الأمنية وترقيمها وضمها إلى وزارة الداخلية في كل من عدن وأبين ولحج وبقية المحافظات الجنوبية الأخرى.