كريتر / سكاي نيوز عربية
رغم تشدق حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالعمل على مكافحة التطرف لا سيما في الجارتين سوريا والعراق، تعمل منظمات متسترة بغطاء العمل الخيري، على تجنيد مسلحين وإرسالهم للقتال إلى جانب تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، وبعلم السلطات.
وكشف “مركز ستوكهولم للحريات” النقاب عن منظمتين على الأقل تعملان جنوب شرقي تركيا قرب الحدود مع سوريا، بقيادة أسماء معروفة بانتمائها للتنظيمين الإرهابيين، على توظيف مسلحين وإرسالهم لمناطق القتال في صفوف المتشددين، وسط تساهل حكومة أنقرة.
وتورط قيادي تركي بارز في تنظيم القاعدة، يعرف باسم عيتاك بولات، في أنشطة جماعة تخفي نشاطها المتشدد تحت عباءة الأعمال الدينية والخيرية، ورغم ورود اسم مؤسسته أمام القضاء بتهمة إرسال مقاتلين إلى سوريا، فإن بولات لم يمس من قبل السلطات، ويعمل بحرية مع مؤسسته.
وبولات رئيس منظمة تسمى “جمعية الشباب الموحدين للتربية والثقافة والعلوم الاجتماعية والإحسان”، وهي جماعة تزود الشباب الأتراك بأفكار راديكالية، وتجمع الأموال لتوفير إمدادات لوجيستية للجماعات الإرهابية مثل القاعدة وفروعها.
وربطت جهات التحقيق التركية الجمعية بتنظيم “داعش”، خلال محاكمة المشتبه بهم بعد هجوم إرهابي شهدته أنقرة في أكتوبر 2015، استهدف مسيرة سلمية خارج محطة القطارات الرئيسية بالعاصمة وأسفر عن مقتل 107 أشخاص.
وفي شهادته أمام المحكمة، قال يعقوب شاهين، أحد المشتبهين في انتمائهم لتنظيم “داعش”، الذي اشترى وخزن المواد المتفجرة في غازي عنتاب، إنه كان يواظب على حضور محاضرات الجمعية.
وعندما تم اعتقاله، أقر شاهين بأن رئيس الشرطة طمأنه وطلب منه ألا يقلق لأن “المدعي العام والقضاة معنا”.
وبالإضافة إلى شهادة شاهين في قضية “داعش”، أشار 3 مشتبه بهم آخرون في الهجوم إلى ترددهم على الجمعية، منهم حسين تونك الذي كان مسؤولا عن شراء ونقل المواد المتفجرة، حيث قال للمدعي إنه بدأ يحضر هناك بعد أن توقف عن تعاطي المخدرات.
قصة صعود إرهابية
وكان بولات يعمل خبازا عندما ترك وظيفته للانضمام إلى القاعدة في أفغانستان، وتخلى عن زوجته وابنته البالغة من العمر 4 سنوات وابنه ذي السنة الواحدة عام 2001، استجابة لدعوة الزعيم الراحل للتنظيم أسامة بن لادن بعد أحداث 11 سبتمبر.
ذهب بولات إلى أفغانستان عام 2001 للمشاركة في الحرب برفقة القيادي التركي محمد يلماز ومجموعة مكونة من 20 مسلحا، لكنه فر إلى باكستان لاحقا وعاد إلى تركيا عام 2002، حيث اعتقل في 12 فبراير لدى وصوله مطار أنقرة.
لكن بعد وصول حكومة أردوغان إلى السلطة في نوفمبر 2002، أطلق سراح بولات مع العديد من المتطرفين، كجزء من مشروع قانون العفو الذي تم تمريره عبر البرلمان من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وواصل بولات نشاطه مع القاعدة، حتى وصفه الجيش الأميركي بأنه “إرهابي معروف وزعيم بارز في القاعدة يقود خلية تسهل حركة المقاتلين الأجانب إلى العراق لعمليات التنظيم”.
وفي يناير 2008، ألقي القبض على بولات مرة أخرى بعد مداهمة للشرطة التركية في غازي عنتاب، أسفرت عن اعتقال 25 شخصا ومقتل آخرين، وطالب المدعي العام التركي بأحكام سجن تراوحت بين 7 و16 عاما بالنسبة للمشتبه بهم بتهم الإرهاب، لكن مرة أخرى تم إطلاق سراحه وجميع المشتبه بهم الآخرين في يناير 2009.
والآن يواصل بولات وزملاؤه العمل في جنوب تركيا تحت غطاء المنظمات الخيرية، رغم وصف محكمة لمؤسسته بـ”بوابة داعش”، فيما امتنعت الحكومة عن الرد على تساؤلات برلمانيين معارضين عن نشاطه، وتجاهلت وسائل الإعلام الموالية لأردوغان تغطية القصة.
20 جمعية أخرى
وتعمل منظمة بولات مع جمعيات أخرى تحت الستار الخيري، أهمها منظمة تعرف باسم “جمعية الإحسان للتعليم والثقافة والسلام والتضامن” التي تستخدم الشعار ذاته، مقاتل يركب حصانا ويحمل علم التوحيد.
وتتعاون مع المنظمتين ما يزيد على 20 جمعية أخرى أصغر، على ارتباط بالقاعدة و”داعش” في المقاطعات القريبة من الحدود مع سوريا، لكن الحكومة التركية لم تتخذ أي إجراءات بحقها.
وفي 10 أكتوبر 2014، كشف الكاتب في صحيفة “حرييت” يالسن باير عن رسالة تلقاها من أحد قرائه، قال فيها المرسل إن بعض أقاربه انضموا إلى “داعش” في سوريا بعد أن بدأوا التردد على محاضرات تنظمها جمعية بولات، وشكا القارئ من أن إدارة الشرطة في غازي عنتاب لم تبال بشأن مخاوف الأسر بسبب انضمام أعضائها إلى “داعش”.
بل إن رد الشرطة جاء فيه إن “الجمعية لا تقوم بأي شيء غير قانوني، ببساطة توفير الدورات الدينية، وإذا أصبحوا شهداء (المنضمون لداعش) فسيكون ذلك جيدا لبقية أفراد الأسرة لأنهم سيحصلون على مكافآتهم في الآخرة”.
كما قال القارئ إنه حاول نقل مخاوفه لمديري الجمعية، لكن تم تهديده بالإيذاء إن لم يلتزم الصمت.
وأوضح أنه تعرف على شخص يدعى أنيس بن قعب (وهو على الأرجح اسم حركي)، كان يجمع مقاتلين للانضمام إلى المتطرفين في سوريا، يعتقد أنه جذب حوالي 6 آلاف شخص إلى “داعش”، ورغم الشكاوى التي قدمت للشرطة ضد هذا الرجل لم يتم إجراء تحقيق بحقه، ولكنه احتجز لفترة وجيزة على الحدود التركية السورية بينما كان ينقل البنادق والمتفجرات.