كريتر نت – العرب
ضيق قرار السلطات السودانية سحب جوازات سفر سودانية من أجانب كانوا حصلوا عليها إبان النظام السابق، الخناق على أعداد من الإسلاميين العرب الهاربين من أحكام قضائية في بلدانهم الأصلية، ووجدوا الحماية من نظام عمر البشير، ما يجعلهم بلا هويات ثبوتية يتحركون بها بعد انقضاء صلاحيات هوياتهم الوطنية.
وتمكّنت السلطات الأمنية السودانية إلى حدّ الآن من سحب الجنسية عن الآلاف من الأجانب الذين حصل الكثير منهم عليها بطرق ملتوية أو لاعتبارات سياسية حين فتح البشير أبواب البلاد أمام شخصيات إسلامية معروفة، منها من أقام لفترة محدودة، ومنها من استمر لسنوات، لكن أغلبهم حصل على جوازات سفر سودانية أتاحت لهم التنقل بحرية، والوصول إلى أوروبا للحصول على اللجوء السياسي مثلما حصل مع عناصر حركة النهضة الإسلامية في تونس، وعلى رأسهم رئيس الحركة راشد الغنوشي.
وفيما قالت الأنباء إن الغنوشي كان من ضمن المشمولين بالقرار السوداني الأخير بسحب الجوازات، فإن القيادي في حركة النهضة فتحي العيادي قال في تصريح لـ”العرب” إن الغنوشي هو من تخلّى عن الجواز بعد أن حصل على جوازه التونسي ثم على جواز دبلوماسي.
وأضاف العيادي، وهو رئيس سابق لمجلس الشورى في حركة النهضة، “لدى الغنوشي جواز سفر سوداني احتاجه للسفر والتنقل بعد مغادرته تونس في 1992، لكن بعد الثورة وعودة رئيس حركة النهضة إلى تونس تخلّى عن هذا الجواز”.
فتحي العيادي: الغنوشي تخلّى عن الجواز السوداني ويتنقل بجواز دبلوماسي
ولفت إلى أن تخلي الغنوشي عن الجواز السوداني “غير مرتبط بموقف السلطات السودانية الحالي”، كاشفا عن أن رئيس حركة النهضة “لا يستعمل جواز السفر السوداني باعتبار أنه يملك جواز سفر تونسيا وآخر دبلوماسيا”.
ومن شأن قرار السودان بسحب الجنسية عمّن حصلوا عليها بسبب انتمائهم لجماعات الإسلام السياسي أن يخرج إلى العلن الكثير من الحقائق عن الشبكات التي وظّفت السودان في أنشطتها لاستهداف بلدان بعينها مثل مصر، أو كنقطة خلفية لأنشطة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين واجتماعات قياداته.
واستقبل السودان خلال فترات متباعدة قيادات من إخوان مصر أو من جماعات مصرية كانت اتهمت بتنفيذ هجمات أو أعمال لضرب استقرار البلاد. وكثيرا ما صدرت اتهامات مصرية للسودان بالتساهل مع أنشطة هذه العناصر الهاربة. وبعد الثورة التي أطاحت بالبشير اعتقلت السلطات بعض تلك العناصر وسلمتها للقاهرة، خاصة من المرتبطين بحركة “حسم” التي نفذت هجمات ضد الجيش والشرطة في السنوات الأخيرة.
ويرى مراقبون أن القرار السوداني سيضيّق الخناق على العشرات من العناصر التي فشلت في الانتقال إلى أوروبا والحصول على جوازات سفر من دول غربية ما جعلها تستعمل الجواز السوداني للتنقل وحضور اجتماعات وفعاليات إخوانية في الدوحة أو في إسطنبول.
وإذا كان البعض مثل الغنوشي قد حلّ الإشكال بأن أصبح يتحرك بجواز دبلوماسي، لكن الآخرين سيجدون أنفسهم عالقين في قطر أو تركيا. ومن شأن التقارب التركي السعودي، ومناخ المصالحة الذي يجري تلطيفه بين قطر ومحيطها الخليجي، أن يجعل هؤلاء غير مرغوب فيهم.
وإذا عمّمت السلطات السودانية القرار على منظومة فحص الجوازات عالميا، فهذا يعني أن الجواز السوداني سيلغى مباشرة وليس عندما تنتهي صلاحيته الزمنية. كما أن أشخاصا مثل الغنوشي سيجدون مشكلة لأن المنظومة ستؤشر إلى وجود جواز باسمهم قد تم إلغاؤه، مما يعني تحقيقات عند التحرك والسفر.
وفي سبتمبر الماضي، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان قرارا بسحب الجنسية السودانية من 3548 أجنبيا، منحت لهم في عهد نظام البشير (1989 – 2019).
وقال بيان لوزارة الداخلية السودانية إنه قد “تم سحب الجنسية نسبة لتقارير طبية وأمنية سالبة، أو منحت لهم بما يخالف شروط منح الجنسية بالتجنس”.
وأشار البيان، إلى أنه “ستتم مخاطبة منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) ومخاطبة بعثات السودان بالخارج بتفاصيل الأسماء لاتخاذ ما يلزم من إجراءات”.
وفي مايو 2019 أعلنت الوزارة تشكيل لجنة فنية لفحص ومراجعة الجنسيات السودانية، التي منحت لبعض الأشخاص، خلال الفترة الماضية.