كريتر نت – الشارع
بثت قناة المسيرة التابعة لمليشيا الحوثي، مقابلة مع مقاتل حوثي يدعى “علي المروني”، زعم فيها أنه مر بتجربة الموت بعد إصابته في إحدى المعارك وهو يقاتل في صفوف المليشيا، مقدماً تفاصيل عن زيارته الخاطفة للجنة، التي قال إن الناس فيها يلبسون “الأخضر”، في إيحاء إلى أن اللون الأخضر، وهو اللون الرمزي لجماعة الحوثيين، هو اللون السائد في الجنة.
وادّعى المروني، في اللقاء الذي أثار موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه أصيب في قصف لمدفعية هاون وهو يقاتل في صفوف المليشيا الحوثية، في إحدى جبهات القتال على الحدود مع المملكة العربية السعودية، وعلى إثرها فارق الحياة قبل أن تعود إليه مجدداً، قائلاً: “صعدت روحي لا عند واحد صاحبي، يعني.. أسقاني ماء بااارد لا أنساه طول عمري سبحان الله، وأنا كنت عاطش قبل ما أجرح، قلت له كيف يا أبو صريح؟ أيش بتفعل هنيه (يقصد في الجنة)، قال أنا استشهدت، وأنت قد استشهدت؟ قلت: له أيوه أنا استشهدت”.
وأكمل: “بنرجع بنلوي أنا وياه ونتجابر والناس كلهم لابسين أخضر.. يعني عالم غير العالم هاناااك، لابسين أخضر كللللهم.. لا بيبسروا لا شمس ولا برد، ولا شي، عالم أخضر كله، وبعدين إن به ناس بيدعوني، جي جي، وهم بيذبحوا أطلى، وهو شبحني (يقصد صديقه أبو صريح)، وأنا أشتي أخطى وهو قال لي ورع، عاد احنا نشتي نتجابر احنا وياك، قلت له خليني أخطى، قال لا”.
وأردف: “الله أراد لي أن ترجع روحي إلى الأرض بعد ما جلست في الثلاجة مدري كم يوم أو يومين”.
وأثارت ادعاءات المقاتل الحوثي موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت الناشطة سامية الأغبري، في منشور على صفحتها في فيس بوك مصحوب بمقطع من المقابلة: “بعد ما قتل وراحت روحه خص نص لعند صاحبه، عمل لفة كم يوم للجنة ورجع الآن يصف لكم شكل الجنة وطقسها اللي هو لا حار ولا بارد، وطبعاً الناس كلهم لابسين أخضر في أخضر”.
وعلق الكاتب والصحفي علي جعبور: “مش يستقبلهم الحسين طوالي كيف هذا استقبله أبو صريح”، في إشارة إلى ما درج عليه شيعة إيران من أن الحسين دائماً يستقبل قتلاهم في الجنة، وقول المروني إن روحه صعدت إلى عند واحد صاحبه دعاه “أبو صريح”.
وأرجع عدد من النشطاء ما رواه المقاتل الحوثي من تخيلات إلى تعاطي المقاتلين الحوثيين الحشيش والمخدرات في الجبهات، وقال شخص يدعى “أبو زياد”: “حبوب الهلوسة التي تعطى للمقاتلين لها تأثير خطير على الدماغ”.
وقال زكي مريسي: “كم يشبه هذا الدجال الحوثي سلفه البعيد حسن الصباح قائد الحشاشين في زمن غابر”، في إشارة إلى طائفة الحشاشين الشيعية التي ظهرت في القرن السابع- التاسع الهجري، وكانت استراتيجيتها العسكرية تعتمد على الاغتيالات التي يقوم بها “فدائيون” لا يأبهون بالموت، تحت تأثير تناولهم الحشيش.
وظهر المدعو المروني، وهو شاب في العشرينيات من عمره، واستعد جيداً للقاء كما يبدو من مظهره، وهو يتحدث على قناة المسيرة في 6 من الشهر الجاري، في حلقة كاملة من برنامج “حكاية حرب”، الذي يعنى بتقديم محتوى إعلامي يستهدف رفع معنويات المقاتلين الحوثيين، معظمه مبني على قصص مختلقة.
وقال مقدم البرنامج، وهو يظهر في كادر تلفزيوني، فيه محاكاة لمترس حربي: “دخل علي المروني في غيبوبة طويلة تراءت له صور زملائه الشهداء السابقين، وكانت حالته الصحية متدهورة للغاية، وكان الأطباء يرشحون حالته لمفارقة الحياة، أو على الأقل بفقدان دائم للذاكرة أو الشلل الجسدي الدائم”.
وعلى النقيض من ذلك، قال المقاتل المروني: “الله أراد لي أن ترجع روحي إلى الأرض بعد ما جلست في الثلاجة مدري كم يوم أو يومين”.
قبل أن يعود ليناقض نفسه بالقول: إنه أسعف من صعدة إلى مستشفى الكويت بصنعاء، وتم إخبار والديه إنه فارق الحياة، ولم يعلموا إلا اليوم الثاني، عندما عالجه الدكتور وأجرى له عملية في رأسه، وقدمه، وقال إن احتمال عودته للحياة هي 1%”.
وأضاف: قال الدكتور إنه لو استشهد إنه أفضل له: “كنت مشلول نصفي لقفي عدم وانا في غيبوبة، وهذه الرجل مكسورة وهذه الرجل متوقفة”.
والمدعو المروني، بحسب تقديمه لنفسه في مقدمة البرنامج التلفزيوني، انضم إلى جماعة الحوثيين قبل دخولهم العاصمة صنعاء، وقرأ ملازم حسين بدر الدين الحوثي من صغره، بعد أن عرف ذلك من أسرته “بيت المروني”، ليقاتل في عدة جبهات، في نهم وعسير، قبل أن يصبح خبيراً في المجال الأمني والعسكري، ويساهم في نشر الوعي.
”نشر الوعي” هي واحدة من مهام جهاز إعلامي- أمني داخل جماعة الحوثيين، مهمته اختلاق الشائعات ونشرها في أوساط الناس فيما يعرف بـ “الإعلام الشعبي”، بالإضافة إلى اختلاق الخرافات والكرامات ونسبتها إلى زعماء الجماعة، ومقاتليها، خصوصاً فيما يتعلق بالكرامات المزعومة للمقاتلين الحوثيين التي يخدعون بها العامة من قبيل “الحرز” الذي يقي صاحبه من الموت، و”مفاتيح الجنة” التي يوزعونها على مقاتليهم ليدخلوا بها الجنة، بالإضافة إلى خرافات عن مشاركة الحيوانات في القتال إلى جانبهم، أو تسخير الله لها من أجلهم.
وزعم المدعو المروني، في اللقاء التلفزيوني المذكور، إن ثعباناً قد أنقذهم من قصف للطيران عندما كانوا يقاتلون في جبهة عسير. قائلاً إنه وفي يوم من الأيام وهو نائم في أحد الكهوف شعر بشيء يتحرك عند قدميه، وعندما التفت رأى ثعباناً، فخاف وخرج ليخاطب الحراسة الأمنية، فجاؤوا ولم يروا شيئاً، عاد فرأى عقرباً عند رأسه، فخرج مرة أخرى إلى رفاقه، فطلبوا منه العودة إلى النوم، حتى رأى شخص آخر منهم عقرباً مماثلاً، فعندها اقتنعوا أنها إشارة من الله وخرجوا من الكهف، ولم تمر نصف ساعة حتى قصف الطيران الكهف بكل ما فيه.
وأضاف: “كان أبو حسن الغيلي هو واثنين معه في الربوعة في الموقع ورأوا حية، فقال أبو حسن الغيلي، وقد هو داري لأنه رجل قرآني، يلا نخرج.. وواحد صاحبه كان يشتي يقتلها، قال له لا تقتلها خلها لله جنود السماوات والأرض”.
وتأسس تاريخ “الإِمَامَة الزَّيْدِيَّة” في اليمن، على سلسلة من الخرافات المَبْنِيِّة على الأكاذيب والأوهام، والمبالغات القائمة على الفذلكة، والتناقضات المشحونة بعماء التَّعَصُّب السُّلَاليّ. وقام على أسطرة “الأئمة”، واختلاق “بطولات” و”كرامات” لهم.
وجميع قادة “الزِّيدِيِّة السياسية”، منذ “الهادي” وحتى “الحوثي”، قالوا إنهم يُمَثِّلون الله، وأن مقاتليهم هم “جنود الله”، فيما أعداؤهم “كُفَّار” يُمَثِّلون “الشيطان”! وقد تم اختلاق “معجِزات” لـ “الهادي” في عدد غير قليل من المعارك التي خاضها ضد أعدائه. مثلما يتم اختلاق معجزات مماثلة لزعيم المليشيا الحوثية عبد الملك الحوثي، وقبل ذلك أخيه حسين بدر الدين الحوثي، المؤسس الأول للجماعة.
ويعد الحوثيون مقاتليهم بالجنة، وفي فترات سابقة، عثر على جثث قتلى من مليشيات الحوثي في أكثر من جبهة قتالية، وقد وضعت في معاصمهم سلاسل حديدية تم إيهامهم أنها “مفاتيح الدخول إلى الجنة”.