كريتر نت – العرب
تراجعت حماسة أصحاب القرار في الأردن لوصول إدارة أميركية جديدة برئاسة الديمقراطي جو بايدن، حيث أن الإشارات القادمة من الولايات المتحدة لا تبدو مطمئنة لجهة عودة الاهتمام الأميركي بالمملكة كحليف استراتيجي في المنطقة على الأقل في فترتها الأولى.
وتوجد على طاولة بايدن، الذي سيتسلم مهامه كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير المقبل، العديد من الملفات الحارقة منها إعادة ترتيب الفوضى التي خلّفتها إدارة دونالد ترامب، والتحدي الذي يفرضه تنامي النفوذ الصيني والروسي، فضلا عن جائحة كورونا التي لا يبدو أنها على مشارف الانتهاء مع ظهور سلالات جديدة للفايروس قد تكون أكثر عدوانية وفتكا.
وكانت عمان من بين عدة دول تتطلع شوقا إلى انتهاء ولاية ترامب، لاسيما وأن سياسات الأخير دفعت بها إلى هامش الأحداث في المنطقة، مع تركيز الرئيس الجمهوري على إحداث تحوّل جذري على مستوى العلاقات الجيوسياسية في الإقليم من خلال اتفاقات أبراهام التي رعاها فريق مضيق في إدارته وقادت إلى اختراق كبير في العلاقات الإسرائيلية الخليجية، ومرجح أن تؤسس لتحالف جديد يتصدى للتهديدات المشتركة ومنها إيران.
ويرى محللون ومسؤولون أردنيون سابقون أنه من غير المتوقع أن يقدم بايدن على الإطاحة بكل ما تحقق في المنطقة منها اتفاقيات السلام بين إسرائيل والدول العربية، رغم كل ما يثار من حديث حول هذا الموضوع، كما أن الرئيس الديمقراطي ليس في وارد التركيز على دفع عجلة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين خاصة خلال الفترة الأولى، وهو أمر يتناقض مع الرغبة الأردنية.
وتوقع وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر، ألا تقدّم إدارة بايدن على أي جديد بالنسبة إلى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنها إذا ما أعطته أي اهتمام فسيكون
اهتماما لفظيا حول التشبث بحل الدولتين دون أن يرافق ذلك أي إجراءات على الأرض.
وأوضح المعشر في ندوة عقدت مؤخرا في عمان أن إدارة ترامب تجاهلت تماما دور الأردن، مرجحا أن تتحسن العلاقات الأردنية الأميركية على المستوى التفصيلي في ظل الإدارة الديمقراطية عما كانت عليه في عهد الرئيس الجمهوري.
ولطالما كانت علاقات الأردن أقوى مع واشنطن خلال فترة حكم الديمقراطيين الذين تربطه بدوائرهم علاقات قوية، لكن الأولويات ستفرض نفسها على إدارة بايدن هذه المرة، وهذا الأمر يبدو أن أصحاب القرار في المملكة يتحسّبون إليه، ومن هنا يسعون جاهدين إلى مسايرة التحولات الجارية في المنطقة وعدم معاكسة التيار.
وكان الأردن حرص على كسر الجمود الحاصل على مستوى علاقته مع الإسرائيليين، وهو ما ترجم في لقاء وزير خارجيته أيمن الصفدي مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي قبل نحو ثلاثة أسابيع في لقاء هو الأول منذ سنوات على هذا المستوى، وقبله الإعلان عن اتفاق السماوات المفتوحة.
وبالتوازي مع ذلك سارع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى توثيق التقارب مع الدول الخليجية لاسيما التي وقعت اتفاقات سلام مع إسرائيل، وتجاوز بعض المنغصات التي شابت العلاقات معها خلال السنوات الأخيرة.
وبعد شهر من زيارته إلى الإمارات قام العاهل الأردني الاثنين بزيارة إلى البحرين ولقاء الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وبحث الجانبان خلال اللقاء الذي عُقد في قصر الصخير العلاقات الثنائية والمستجدات على الساحتين العربية والإقليمية.
وكانت مصادر صحافية إسرائيلية تحدثت قبل أيام عن توافق أردني إماراتي بحريني على تيسير وصول السياح الخليجيين إلى القدس.
ويرى مراقبون أن الأردن يحاول أن يحجز لنفسه مكانا ضمن التغييرات التي أفرزتها اتفاقات أبراهام، في ظل قناعة بأن المسار الجاري في المنطقة مستمر في حضرة الإدارة الأميركية الديمقراطية، وأن هناك دولا عدة وازنة بدأت تعيد النظر في مواقفها مع أنها في موقع أفضل منه سياسيا واقتصاديا.
ويشير المراقبون إلى أن الإشكال يكمن في مدى تفاعل الأطراف المقابلة مع المملكة. وأكد الكاتب الصحافي عريب الرنتاوي، أن ما يحصل في المنطقة “حلف بطبيعة استراتيجية، وهياكل هذا الحلف سوف تحل محل الهياكل القديمة التي عرفناها في المنطقة”.
وقال الرنتاوي في ندوة عقدها منتدى السبيل الإعلامي السبت، حول تداعيات فوز بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية على الأردن، إن “إسرائيل لم تعد تقيم وزنا كبيرا لدور الأردن”.
ويرتبط الأردن باتفاقية سلام مع إسرائيل منذ العام 1994، تعرف باتفاقية وادي عربة، وقد نجح في استثمارها بما يخدم تعزيز موقعه السياسي في المنطقة بلعبه دور الوسيط، لكن مع صعود التيار اليميني في إسرائيل إلى السلطة تغيرت الأوضاع في غياب الكيمياء بين الطرفين.
وشهدت العلاقات توترات بلغت أقصاها في العام 2017 حينما قتل أردنيان داخل السفارة الإسرائيلية في عمان، واليوم ومع انتفاء الدور الوظيفي للمملكة كوسيط بعد توقيع اتفاقات أبراهام، لم تعد تل أبيب مهتمة بمسار علاقتها مع الأردن، رغم وجود أصوات لاسيما من داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية تدعو إلى تحسين الروابط مع عمان.