كريتر نت – العرب
لم تعد جماعة الإخوان المسلمين الأردنية تملك الكثير من أوراق القوة للمناورة والحفاظ على تأثيرها على الساحة السياسية، بعد أن خرجت خالية الوفاض في ماراثون تشكيل اللجان البرلمانية جراء النتائج الهزيلة التي حققتها في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وتشجّع حالة الضعف التي تبدو عليها الجماعة السلطة التنفيذية على السير قدما في تنفيذ القرار القضائي القاضي بحلها.
منيت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بانتكاسة جديدة حيث فشلت في تسجيل حضورها ضمن أي من اللجان النيابية الخمسة عشرة، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.
وكانت الجماعة، ممثلة في التحالف الوطني للإصلاح، نجحت في حصد ستة مقاعد فقط في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في 10 نوفمبر الماضي بخسارة نحو ثلثي مقاعدها التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية السابقة (16 مقعدا).
ولم تستطع الجماعة تشكيل تحالفات، وهو ما يفرضه النظام الداخلي للمجلس النيابي الذي يشترط تمثيل 10 في المئة من إجمالي أعضاء المجلس، وآلت معظم اللجان إلى النواب الجدد الذين بلغ عددهم 98 من أصل 130 نائبا.
وجرى اختيار معظم اللجان عن طريق الانتخاب فيما تم تشكيل 5 لجان عن طريق التوافق، في مجلس مختلف عن سابقيه، يرنو إلى كسر الصورة النمطية التي حافظت عليها المجالس السابقة لجهة طريقة العمل والأداء الذي كان دون طموحات الشارع الأردني.
ويرى مراقبون أن عدم نجاح جماعة الإخوان في الانضمام إلى اللجان، سيجعلها على الهامش في المجلس، ولن تكون لها القدرة على التأثير خاصة من الناحية التشريعية.
ويعد البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان من خلال وجود نواب لذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن الوضع تغير، ولم يعد لهذا الحزب اليوم أي تأثير نيابي، في مقابل تلاحق الجماعة قرارات قضائية تطالب بحلها.
15 لجنة دائمة تحت سيطرة أعضاء حديثي العهد على المجلس النيابي
وقامت وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرا بنشر إعلان رسمي في وسائل الإعلام الأردنية، عن القرار الصادر عن محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في المملكة، في يونيو الماضي والقاضي بحل جماعة الإخوان في خطوة اعتبرتها الأخيرة غير ودية، وتشي بتوجه رسمي لتطبيق القرار القضائي.
وكانت محكمة التمييز صرحت في قرارها رقم 2013/2020، أن “جمعية الإخوان المسلمين التي جرى تأسيسها عام 1946، تعتبر منحلة حكما من تاريخ 16 يونيو 1953 تطبيقا لحكم المادة 12 من قانون الجمعيات الخيرية رقم 36 لسنة 1953 المنشور على الصفحة 550 من عدد الجريدة الرسمية رقم 1134 وبعد مرور شهر على نشره في الجريدة الرسمية”.
ودعت وزارة التنمية في منشورها الدائنين والمدنيين إلى مراجعتها بخصوص أي متطلبات مالية أو حقوقية معززة بالوثائق والمستندات والمتطلبات أو الالتزامات المترتبة الأخرى عليهم خلال شهر من نشر هذا الإعلان.
وفي رد على ما جاء في إعلان الوزارة قالت الجماعة إنه “يأتي في سياق حملة رسمية واسعة تستهدف مسار الإصلاح والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان في البلاد”.
وأوضحت في بيان أنه “يجري التوسع في التطبيقات المتشددة لقانون الدفاع وتم استهداف طيف واسع من القوى والأحزاب والنقابات والشخصيات الوطنية، ولا تزال الإجراءات الرسمية التي تهدف إلى الإجهاز على الحياة السياسية والتجاوز على الحريات وحقوق الإنسان وتعطيل مسار الإصلاح الوطني مستمرة دون توقف”.
وأضاف البيان أن “الجماعة التي لم يفاجئها الإجراء الرسمي الأخير الذي يأتي تتويجا لمخطط استهداف القوى والهيئات الوطنية، ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين، لتعبر عن استنكارها لهذا الإجراء المتعسف”. وذكر البيان أن “الجماعة فكرة ورسالة، لا يلغيها قرار، ولا ينال منها إجراء، وإن شرعيتها الواقعية المستمرة لأكثر من سبعة عقود أقوى من أي قرار أو إجراء”.
واستعان البيان بنظرية المؤامرة بالإشارة إلى أن “استهداف الجماعة في هذا التوقيت الدقيق والحساس الذي يمر به وطننا وأمتنا، والذي يستدعي تمتين الجبهة الداخلية وتعزيز التلاحم المجتمعي، ليعبر عن ارتباك، وضيق أفق وعن تغليب اعتبارات ضيقة، ومصالح موهومة على حساب المصالح الوطنية، لاسيما وأن ما تم الاستناد إليه من قرارات لا يعد حجة قانونية على الجماعة، خصوصا وأنها لم تكن طرفا في القضية التي تم الاستناد إليها في تشكيل اللجنة”.
ويرى مراقبون أن قيام وزارة التنمية الاجتماعية بنشر القرار القضائي الصادر بحق الجماعة هو مقدمة لتطبيقه على أرض الواقع، وأن هناك أمرا صادرا على أعلى مستوى للسير فيه.
وسبق وأن ترددت السلطة التنفيذية في الاستجابة للقرارات القضائية الصادرة بحق الإخوان المسلمين لاعتبارات يقول المراقبون إنها سياسية في ظل مخاوف من ردود فعل الجماعة.
ويعتبر المراقبون أن تلك المخاوف خفّت في ظل إدراك من أصحاب القرار داخل المملكة، بأن الإخوان لم يعد يملكون التأثير الكبير، بعد تآكل قاعدتهم الشعبية، وهو ما أكدته نسب التصويت لفائدتهم في الاستحقاق التشريعي الأخير.
وتعرضت جماعة الإخوان خلال السنوات الأخيرة إلى ضربات قاسمة، لعل أبرزها الانشقاقات التي عصفت بها والتي طالت قيادات من الصف الأول.
وتبدو جماعة الإخوان اليوم مكبّلة، ولم تعد تملك أوراق القوة للمناورة، والضغط على أصحاب القرار في المملكة، وسط توقعات بإمكانية حدوث المزيد من الانشقاقات في صفوفها لاسيما وأن الكثير من كوادر وأعضاء الجماعة كانوا متحفظين على المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الأخير.