كريتر نت – العرب
تحركت إيران بشكل مكثف عشية القمة الخليجية، التي من المقرر عقدها الثلاثاء في مدينة العلا السعودية، من خلال الكشف عن نسبة متقدمة من تخصيب اليورانيوم بلغت 20 في المئة، واحتجاز ناقلة نفط في مياه الخليج، وذلك لإظهار أنها رقم محدد في المنطقة سواء عالج الخليجيون خلافاتهم أم ظلوا على خلاف.
وبعثت طهران بذلك رسالة أيضا إلى إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بهدف خلق أمر واقع جديد يكون أرضية لأي تفاوض بشأن الاتفاق النووي.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني للتلفزيون الإيراني أن بلاده “بدأت إجراءات إنتاج يورانيوم مخصّب بنسبة 20 في المئة في منشأة الشهيد علي محمدي فوردو” المقامة تحت الأرض. وهي نسبة أعلى بكثير من تلك المحددة بموجب الاتفاق النووي المبرم بينها وبين ست دول كبرى في 2015.
ويعد هذا الإجراء الأحدث والأكثر أهمية في سلسلة خطوات اتخذتها إيران، وتراجعت من خلالها عن معظم التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق حول برنامجها النووي في أعقاب قرار الولايات المتحدة الانسحاب بشكل أحادي من هذا الاتفاق في 2018.
إلين ليبسون: استعادة التزام واشنطن بالاتفاق النووي مع إيران لن تكون كافية
ورأى الاتحاد الأوروبي أن إعلان إيران “مخالفة كبيرة” لاتفاق فيينا النووي، ستكون لها “تبعات خطرة على حظر انتشار” الأسلحة النووية.
في الوقت نفسه، أعلنت طهران احتجاز ناقلة نفط ترفع علم كوريا الجنوبية في مياه الخليج، لمخالفات “بيئية”.
وأفاد الحرس الإيراني في بيان نشره موقعه الإلكتروني “سباه نيوز”، بإقدام قوته البحرية “صباح الاثنين” على “توقيف سفينة مملوكة من كوريا الجنوبية”، وأنها “كانت في طريقها من ميناء الجبيل في السعودية، وتم توقيفها بعد مخالفات متكررة للقوانين البيئية البحرية”.
كما يجري الجيش الإيراني اعتبارا من الثلاثاء، مناورات عسكرية “مشتركة وواسعة النطاق” في وسط البلاد تركز على الطائرات المسيّرة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” الاثنين.
وأوضحت الوكالة أن المناورات، التي تستمر يومين، ستشارك فيها “مئات الطائرات المسيّرة التابعة للقوات البرية والجوية والبحرية، في منطقة سمنان (المحافظة الواقعة في وسط إيران) وأجزاء مختلفة” من البلاد.
وقال مراقبون إن اختيار موعد الإعلان عن هذه النسبة العالية من التخصيب، واحتجاز السفينة، واستعراض المسيرات، وكذلك تهديدات الحوثيين باستهداف مواقع سعودية، كلها رسائل من طهران إلى دول الخليج، وإلى السعودية التي تحتضن القمة الخليجية، ومفادها أن أمن الخليجيين وأمن الملاحة في المنطقة وأمن المنشآت النفطية وناقلات النفط، كله تحت رحمتها ورحمة أذرعها.
وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن الرسالة الأكثر وضوحا التي تتعلق بالتخصيب تقول للخليجيين إن إيران التي راهنت على تطوير إمكانياتها العسكرية نجحت في تحدي العقوبات والرقابة الدولية، وهي في طريقها إلى فرض الأمر الواقع على الوكالة الدولية، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة التي ضغطت بالعقوبات لمنع تطوير هذا البرنامج، فيما اكتفى الخليجيون بالرهان على الضغوط الدولية لتحقيق أهدافهم ومنع خصمهم التاريخي -إيران- من تطوير برنامجه النووي، وكان عليهم أن يراهنوا على أنفسهم.
وسيكون متأخرا جدا على دولة مثل السعودية أن تسلك طريقها الخاص في السباق نحو التسلح والوصول إلى وضع مشابه لما حققته إيران التي يمثل البرنامج النووي بالنسبة إليها علامة تفوّق واعترافا دوليا بدورها كقوة إقليمية تمكنت من زرع شبكة وكلاء تحيط بالخليجيين من كل اتجاه (جنوبا الحوثيون، شمالا الميليشيات الموالية لها في العراق، فضلا عن تمددها في سوريا ولبنان والبحرين).
وهدد الحوثيون في اليمن، الاثنين، باستهداف 10 مواقع “حيوية وحساسة” في السعودية.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي للمتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع، في صنعاء، أوردته فضائية “المسيرة” التابعة للحوثيين.
وقال سريع “هناك 10 مواقع حيوية وحساسة في عمق السعودية، ضمن أولويات أهدافنا قد تتعرض للاستهداف في أي لحظة”، دون تحديد طبيعتها.
وأضاف “مستعدون لتنفيذ تلك الضربات النوعية للأهداف الحيوية بالسعودية، خلال 24 ساعة إذا قررت القيادة ذلك”.
وأشار إلى أن جماعته أطلقت 75 صاروخا باليستيا ومجنحا استهدف السعودية، فيما أطلقت 178 صاروخا آخر على مواقع عسكرية تابعة للقوات الحكومية اليمنية خلال عام 2020.
وبالتوازي مع الرسائل إلى القمة الخليجية، تهدف إيران إلى إيصال رسالة خاصة إلى الإدارة الأميركية الجديدة مفادها العودة إلى المفاوضات حول برنامجها النووي دون أي تعديل على أرضية التفاوض السابقة التي جرت في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وخاصة ما يتعلق بربط التفاوض حول البرنامج النووي بشروط تتعلق بوضع إيران الإقليمي وكذلك برنامج الصواريخ الباليستية.
واعتبر محللون سياسيون أن إيران، التي نجحت في استبعاد ضربة مفاجئة تستهدف منشآتها في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب التي اعتمدت سياسة “ضغوط قصوى” بحق طهران، تريد أن تحقق مكاسب إضافية في عهد رئيس ديمقراطي يسير على خطى أوباما في نزوعه إلى الحوار مع إيران دون مراعاة مصالح الحلفاء الإستراتيجيين لواشنطن في الخليج.
واعتبرت إلين ليبسون، مديرة برنامج الأمن الدولي في جامعة جورج ميسون الأميركية، أن إيران تشكل اختبارا صعبا لإدارة بايدن.
وقالت ليبسون، التي سبق أن عملت مع المخابرات الأميركية في إدارة الرئيس جورج بوش، إن “مجرد استعادة التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي لعام 2015 لن يكون كافيًا؛ وقد يأخذ خبراء منع الانتشار النووي في إدارة بايدن زمام المبادرة ويقترحون إدخال تعديلات على الاتفاق النووي والعمل مع الحلفاء للإبقاء عليه، في حين أن سلوك إيران الإقليمي سيكون من مشمولات المسؤولين الإقليميين في وزارتي الخارجية والدفاع”.