كريتر نت – العرب
يرى سكان ونشطاء وسياسيون بينهم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن التفرقة العنصرية الصارخة كانت واضحة للعيان في الولايات المتحدة. بعد أن اقتحم غوغاء أغلبهم من البيض المؤيدين للرئيس دونالد ترامب مبنى الكونغرس (الكابيتول) بسهولة الأربعاء الماضي ثم غادروا دون عواقب تذكر.
وتعتبر العنصرية من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الولايات المتحدة، والتي تشق أنصار الحزبين الرئيسيين، من الجمهوريين والديمقراطيين. وعادة ما تستخدم من قبل المرشحين للانتخابات الرئاسية خلال الحملات الانتخابية لجذب الأصوات مثلما هو الحال مع قضية حيازة السلاح والفقر والدين.
واجتاح مثيرو الشغب في ذلك اليوم الحواجز الأمنية وهشموا النوافذ وسرقوا تذكارات تاريخية ودخلوا لمكاتب الكونغرس وقاعاته، والتقط بعضهم صورا مع أفراد الشرطة وحمل آخرون ما اعتبروه “جوائز” لما فعلوه لدى خروجهم.
وتناقض الافتقار إلى الإجراءات الأمنية المناسبة والعدد المحدود لأفراد الشرطة الموجودين في المكان، رغم دعوات منذ أسابيع لاحتجاج مناصر لترامب اندلعت بعده أعمال الشغب، تناقضا صارخا مع ما حدث خلال احتجاجات سلمية نظمتها حركة “بلاك لايفز ماتر” أو حياة السود مهمة في واشنطن قبل ستة أشهر.
تشارلز مكيني: رد قوات إنفاذ القانون إعلان صارخ للعنصرية الممنهجة
وقالت بياتريس ماندو التي حضرت احتجاجات ”بلاك لايفز ماتر” العام الماضي “قالت لي أمي إذا فعلت ذلك ستقتلين بالرصاص.. إنها محقة. لو كانت تلك المجموعة من السود لكان المئات من الأشخاص وربما أكثر سقطوا قتلى”.
واتفق بايدن في خطاب أدلى به الخميس الماضي مع فكرة وجود تناقض صارخ في التعامل مع المجموعتين. وقال “لا يمكن لأحد أن يقول لي إن المعاملة لن تختلف اختلافا تاما وبالغا إن كان من احتجوا أمس هم مجموعة من بلاك لايفز ماتر بدلا من حشد الخارجين عن القانون الذين اقتحموا الكابيتول”.
ويؤكد مشاركون في احتجاجات حياة السود مهمة في واشنطن أن طريقة التعامل معهم كانت مختلفة للغاية. وقالت آبي كونيخو تعمل في شركة صغيرة في العاصمة واشنطن لوكالة رويترز لقد “كان هناك أفراد من الشرطة في كل تقاطع في واشنطن.. عند كل النصب التذكارية.. وعند الكابيتول وأمام البيت الأبيض”.
وواجهت احتجاجات حياة السود مهمة في واشنطن صفوفا من قوات الحرس الوطني أفرادها ملثمون عند نصب لينكولن التذكاري في يونيو الماضي إذ تعهد ترامب وقتها بنهج أمني صارم مع من وصفهم بأشرار وبلطجية خارجين عن القانون.
وذات ليلة أطلقت الشرطة وأفرادها قنابل الدخان والصوت والطلقات المطاطية لإبعاد محتجين سلميين عن البيت الأبيض حتى يتمكن ترامب من السير إلى كنيسة قريبة ويلتقط صورة وهو يرفع الإنجيل. وقالت كونيخو “عاملونا وكأننا أعداء.. أين كان هذا الغضب الخميس؟ لماذا عاملوا هؤلاء الناس كأصدقاء”؟
ويرى تشارلز مكيني الأستاذ المساعد في التاريخ بكلية رودس في ولاية تينيسي أن أحداث الأربعاء في واشنطن كانت تذكرة “بالفوارق الضخمة” في الطريقة التي تعاملت بها جهات إنفاذ القانون بين السود والبيض. وقال إن “رد قوات إنفاذ القانون كان إعلانا صارخا للعنصرية الممنهجة. كان إظهارا لحظوة البيض والفوارق في تنفيذ القانون في هذا البلد”.
وعلى الرغم من ظهور ترامب في أكثر من مرة في موضع قوة للرد على المحتجين ضد العنصرية، فإن الكثير من الأوساط السياسية تقر بأن العديد من الحوادث السابقة خلال فترة حكمه أثرت حتما على نتائج الانتخابات الرئاسية، بعدما أصبح الرئيس الجمهوري متهما حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض بأنه عنصري ومعاد للسود بشكل خاص.
والحرب الأهلية التي مزّقت الولايات المتحدة بين 1861 و1865 كان سببها الأساسي نظام العبودية، الذي انقسمت بشأنه البلاد بين ولايات شمالية حاربت هذا النظام وأخرى جنوبية رفضت تحرير العبيد وأعلنت انفصالها عن الاتحاد وتأسيس كونفدرالية.
وبعد يومين على أعمال العنف التي اجتاحت مبنى الكابيتول وهزت الولايات المتحدة وأثارت صدمة في العالم، تبدو رئاسة دونالد ترامب على حافة الانهيار بعد صدور دعوات للاستقالة وخطط لإجراءات عزله مع توجيه سائل من الانتقادات لرئيس متهم بأنه قوّض المؤسسات وصبّ الزيت على النار.
وقبل 12 يوما على انتهاء ولايته بات ترامب منعزلا في البيت الأبيض ووحيدا إلى حد كبير، ولا يزال يتشبث بمواقفه. حيث أعلن في تغريدة مقتضبة الجمعة أنّه لن يحضر مراسم تنصيب جو بايدن رئيساً. وكتب يقول “إلى جميع من سألوا، لن أحضر مراسم التنصيب في الـ20 يناير” الجاري.