كتب – عدنان سعيد
تعود على حياته.. انه القدر الذي كتب عليه.. يذهب مجاهد باكراً بعد ان زرع ما غثاه السيل على ضفة الوادي.. كاد ان يفقد حياته.. لكن الله نجاه.. ذلك السيل الجارف الذي حاول فيه ان يسقي ماتبقى من ارض صغيره.. وكلما حل به التعب تذكر اباه.. وهو على فراش المرض.. حيث لازمه حتى قضى الله أمره بينما اخيه سالم كان يدعي انه يقوم بمتابعة الأرض والمزرعة.. بينما تخطئ غير ذلك.. وتنكر لأخيه ولم يعطه إرثه.
ذات يوم تكالبت عليه الديون ومرضت حليمه بنته الوحيدة التي اسماها على إسم أمه المتوفية يوم ولادته.. حاول مجاهد ان يقنع اخيه انه له حق في المزرعة لكن دون جدوى..
استعان بالحاج مقبل والخال مصطفئ. لكن سالم عنيد..
هذا مالي ..
هذه مزرعتي..
هذه ارضي.. مالك شي عندي..
لم يحتمل مجاهد القهر..حليمه في حالة صحية حرجه.. وزوجته خديجه في شهرها الثامن.. يزداد انينها كل ليلة.
لم يحتمل كل هذا..
فأتخذ القرار..
ونهض من فراشه نحو المزرعة.. وأخذ ماهو معد من شوالات البطاطس.. لكن حارس المزرعة استطاع ان يبلغ اخيه سالم.. فأخذ سلاحه الناري وقابل أخيه مجاهد.
انت ماتسمع الكلام.. اخرج من ارضي..اخرج.
فيرد مجاهد عليه..
هذه ارض ابوي وابوك ولي فيها مثلك.
يزداد سالم شططاً..
مالك شي اخرج اخرج
لم يكمل الكلمة الأخرى آلا ورصاصة الموت قد سكنت رأس أخيه.. اهتز.. سقط البندق من يده..
مجاهد مجاهد.. قم قم.. خذ ماتريد. شل البطاطس كله.. قم مجاهد..
ذهب مجاهد ولن يعود.. دمه امتزج بحبات البطاطس وخده علئ تراب ارضه..
صراخ صراخ صراخ عويل.. زوجي.. ابي.. آه آه.. لم تحملها ارجلها.. ظلت تبكي حليمة على حافة غرفتها..
اغمي على أمها.. اجهضت مؤخراً وأصيبت بالخرس.. فقدت ذاكرتها.. لم تعد تعرف احد او تسمع احد..
لكن الأرض المشؤومة ظلت باقية وكل من مر بقربها تذكر ذلك الصراخ المجروح.