كريتر نت – العرب
رغم دعوات التهدئة المتوالية، تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تصعيدها في محافظة مأرب شمال اليمن، ما أجج المخاوف من مخاطر كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها.
ووفق إحصاءات عسكرية رسمية أسفرت المعارك الضارية بين يومي الجمعة والسبت عن مقتل نحو 22 مقاتلا من القوات الحكومية، بينهم قائد القوات الخاصة في مأرب العميد عبدالغني شعلان، وأكثر من 28 من المتمردين الحوثيين في مواجهات مستمرة.
وأكدت مصادر عسكرية اندلاع قتال عنيف السبت على مختلف الجبهات في مأرب “دون أي تقدم لأي طرف”.
وتحدث الحوثيون عبر قناة المسيرة الناطقة باسمهم عن 12 غارة جوية في محافظة مأرب السبت، ومن النادر أن يعلن المتمردون الحوثيون عن خسائرهم، لكن الجيش اليمني الموالي للحكومة الشرعية أعلن السبت مقتل أكثر من 350 عنصرا من الحوثيين في معارك بمحافظة مأرب.
وقال المركز الإعلامي للقوات المسلحة في بيان ”إن رجال الجيش الوطني مسنودين بالمقاومة الشعبية وطيران تحالف دعم الشرعية، خاضوا خلال الـ30 ساعة الماضية معارك عنيفة ضد ميليشيا الحوثي في جبهات صرواح والكسارة والمشجح أسفرت عن مصرع أكثر من 350 عنصرا من الميليشيا، إلى جانب العشرات من الجرحى والأسرى”.
وأضاف أن “المعارك خلفت كذلك خسائر أخرى للحوثيين في العتاد، ومن ضمنها تدمير 8 دوريات كانت تحمل معدات وذخائر، فيما دمّر طيران تحالف دعم الشرعية 6 دوريات حوثية كانت تحمل تعزيزات في طريقها إلى الميليشيا في ذات الجبهات”.
وقالت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا السبت إن المتمردين الحوثيين قصفوا مدينة مأرب ليل الجمعة بعشرة صواريخ باليستية.
وأكدت وكالة سبأ للأنباء الحكومية الرسمية أن “مأرب تتعرض ومنذ مطلع فبراير الجاري لأكبر وأشرس هجمات حوثية استخدمت فيها الميليشيات كل أنواع الأسلحة، بما فيها الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية”، مشيرة إلى أن المدينة “تعرضت لـ10 صواريخ باليستية” ليل الجمعة.
ولم يتطرق البيان إلى وقوع أضرار أو إصابات من هذه الصواريخ، بينما لم يعلق المتمردون الحوثيون على ذلك.
والجمعة، قتل 60 مقاتلا على الأقل من الجانبين في معارك اندلعت في عدة جبهات في المحافظة، كانت هي الأعنف منذ بدء هجوم المتمردين على المحافظة هذا الشهر.
ومنذ عام ونيّف يحاول المتمرّدون الحوثيون المدعمون من إيران السيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط، والتي تعد آخر معاقل الحكومة في شمال اليمن.
وبعد فترة تهدئة، استأنف الحوثيون في الثامن من فبراير هجومهم على القوات الحكومية اليمنية المدعومة من تحالف تقوده السعودية.
وبقيت مدينة مأرب الواقعة على بعد حوالي 120 كيلومترا شرق العاصمة صنعاء، حيث يفرض المتمردون سيطرتهم منذ 2014، في منأى عن الحرب في بدايتها لكن منذ عام تقريبا اقتربت المعارك منها، لاسيما هذا الشهر.
رحلات نزوح لا تنتهي
ويشهد اليمن بعد ست سنوات من الاقتتال على السلطة في نزاع حصد أرواح الآلاف، انهيارا في قطاعات الصحة والاقتصاد والتعليم وغيرها، فيما يعيش أكثر من 3.3 مليون نازح في مدارس ومخيمات تتفشى فيها الأمراض كالكوليرا بفعل شح المياه النظيفة.
وكثّف الحوثيون هجومهم على مأرب على وقع تراجع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن قرار سلفه دونالد ترامب تصنيفهم منظمة إرهابية، خشية عرقلة إيصال المساعدات إلى الملايين من السكان.
ويسعى الحوثيون للسيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها، خصوصا في ظل ضغوط إدارة بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي.
ويرى الحوثيون أن في سيطرتهم على مأرب توجيه ضربة قوية إلى الحكومة المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية منذ مارس 2015، إذ سيسيطرون بذلك على كامل شمال اليمن.
وأسفر النزاع منذ 2014 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب منظمات دولية، بينما بات ما يقرب من 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا يعتمدون على المساعدات، في إطار أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
والسبت، حذّر وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني من مخاطر كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها، جراء استمرار تصعيد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في مختلف جبهات محافظة مأرب.
وأوضح الإرياني أن محافظة مأرب تضم أكبر تكتل للأسر النازحة والنازحين من العنف الذي خلفه الانقلاب الحوثي، وفق بيان صادر عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الجمعة 26 فبراير الجاري.
وحسب الإرياني، استقبلت محافظة مأرب معظم النازحين الفارين من العنف في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية منذ الانقلاب، بقرابة 2.231.000 نازح، يشكلون 60 في المئة من إجمالي عدد النازحين ويعادل ذلك 7.5 في المئة من إجمالي السكان في اليمن، وارتفع عدد السكان الإجمالي في محافظة مأرب إلى مليونين و707 ألف نسمة.
وقال الإرياني “إن عدد المخيمات في محافظة مأرب 139 مخيما، تأوي 31.411 أسرة نازحة، بإجمالي 219.877 فردا، ومقابل ذلك، توجد 122.282 أسرة في المجتمع المضيف في مأرب، وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع كل يوم في ظل استمرار موجات النزوح بسبب تصعيد ميليشيا الحوثي”.
وجاء في بيان للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أن تصعيد ميليشيا الحوثي لهجماتها على محافظة مأرب منذ مطلع فبراير 2021، دفع إلى النزوح الثاني أو الثالث لـ1517 أسرة نازحة، بواقع 12.005 أفراد، في مديرية صرواح غرب مأرب، والتي توجد فيها 9 مخيمات تضم 2460 عائلة تتكون من 17.220 فردا.