كتب : عبدالستار سيف الشميري
الرهان على الإخوان في أي شأن رهان خاسر في كل الأوطان وفي كل زمان، وهو كالرهان على الشيطان في إلهام الإنسان التقوى والفضيلة والامتناع عن العصيان.
هذه هي أبسط قواعد المنطق لفك الشيفرة الإخوانية وهي بديهيات تقولها الوقائع في كل شأن يمني وعربي وإسلامي.
لا حسن نوايا عندما يكون الإخوان هم من يمسكون بالقرار والمال، ولا أشياء بريئة عندما يكونون طرفاً في أمر ما، لا جدية في الحرب عندما يكونون في جبهة ما.
ذلك أنهم، باختصار شديد، قطاع وجناح ومحور الغنائم بامتياز منذ غزوة أحد، وانحياز المنافقين إلى التخاذل والعصيان والطامحين في الغنائم الذين تركوا مواقعهم ونزلوا يهرعون في جمع الغنيمة يوم أن كسرت أسنان النبي القائد، بسبب أمثال هؤلاء مكراً وطمعاً، وأشباههم بالنوايا والأفعال.
لقد ورثوا من كل تاريخنا كل نقائصه ولا يزالون يفعلون، ولا تزال الأسنان تُكسر والأطفال يُقتلون، ثمناً لتجارة حروب الإخوان والمنافقين وجباة الغنائم إلى اليوم وحتى حين الخلاص.
ينام أبناء مدينة تعز على أصوات المدافع ويستيقظون على قذائف الحوثي، لا شيء هناك في الجبهة غير أزيز الرصاص المنثور، لفوترة الدعم الذي يسيل لعاب القادة ويستدعي بعض التصوير والتوثيق لولي الأمر والداعمين.
وحدها مقذوفات الحوثي تحصد الأبرياء في مدينة الله وبني رسول، كل ذلك يتم من خلف طربال يتم تغييره بانتظام كل عام كما تغير كسوة الكعبة المقدسة، ويبيعون أوهاماً لبعض الشباب المخلص فيدفعونه إلى محرقة هنا أو هناك حتى يسجل شيء من دم يضللون به ويدللون أن هناك شهيدا وجريحا، بينما قيادتهم من خلف ستار وطربال يراقبون المشهد وتأثيراته ويوحون إلى المساجد بالتكبير.
وبالمقابل، ومع كل رصاص عشوائي منثور، يرسل الحوثي قذائف الموت كي يبرر لسيده الدفاع ويلعب ذات اللعبة في الطرف الآخر، لكن باحترافية عالية، وبكلفة أقل في صفوفه وصفوف المدنيين هناك.
وهكذا نُلدغ مرات ومرات من جحر الإخوان، رغم أننا شاهدنا بأعيينا خيانتهم المتدفقة كسيول العرم وفتنتهم الماكرة في كل وطن، وحجم جرائمهم في كل بيت.
إن ما يجري في الحوبان ومن خلف الطرابيل هو فوترة لدعم سابق وابتزاز لدعم جديد دأبوا عليه لحلب التحالف في مواسم الشتاء والصيف ورمضان محطة في كل عام للحديث عن التحرير ومسلسل التضليل.
كيف يمكن للصوص المنازل وناهبي الممتلكات ومغتصبي الأطفال أن يرتجى منهم نصر أو حتى إدارة المحرر؟!!
وقد شوهوا كل بقعة حكموها في المدينة في مساحة جغرافية لا تزيد عن عشرة كيلو مترات، ولو وزعت جرائمهم على هذه المساحة الصغيرة لكادت تتميز من الغيض لو أذن لها وحقت.
كيف يمكن أن نصدق أن هؤلاء البرابرة يمكن أن يكونوا بناة دولة أو رجال جيش وحرب وليس لهم تاريخ يشفع أو قرينة، ماثلة تقنع؟ والتاريخ القريب والبعيد ينطق ويحدثنا مرارا بأن كل كارثة حلت بهذا الوطن وكل لغم وكل اختراق وكل احتراب، وكل قنبلة انفجرت عبر تاريخ اليمن كانت تخرج من تحت عباءة المرشد وأجنحته السرية أو رجاله في الجيش أو الدولة أو السراديب المظلمة لتفريخاتهم من جماعات العنف والإرهاب.
لقد تعبت الأحزاب السياسية في تشذيب سلوكهم وتعبت الشخصيات التاريخية والوطنية في أنسنتهم.
لا غرابة أنهم كذلك.. كانوا وسوف يظلون إلى يوم يبعثون وبعد أن يبعثوا على نفس الطريقة والفجور، رغم أن كل سفلة الأرض يطورون أنفسهم ووسائلهم وطرقهم إلا سفلة الإخوان باقون على نهجهم إلى يوم الدين، ولذا سيبقى طربال الحوبان مقالاً ومثالا وشاهد عيان، وسيبقى ما بقي الإخوان يحكمون المدينة قسرا وعنوة حتى وإن تدثروا باسم الشرعية.
صحيح أن جرائم الحوثي لا تحصى ولا تعد، لكن لو خير أبناء تعز في الحوبان بين الحوثي والإخوان لاختاروا الحوثي على علاته، وهذا دليل كاف على حجم الكارثة التي اوقعنا فيها الإخوان وفقدان الثقة في الشرعية حتى أصبحت أضحوكة على كل لسان.
لقد أصبح أبناء تعز اليوم يدركون بعمق ودون أي لبس أن شرط بقاء تعز آمنة ومستقرة ومدنية هو استعادتها من الإخوان والحوثي معا نحو الهوية الوطنية التي أفسدتها سلطتهما معا كل في جغرافيته، فالجماعتان شوهتا تعز وأذلتا رجالها وقاماتها وأبناءها، ودفعتا بالشباب إلى محارق الموت في استثمار للدم في بورصات الحروب العبثية والمعارك الوهمية.
وخلاصة البيان في معارك الإخوان وطربال الحوبان، ليس هناك تحرير ابتداءً، ولا هناك فارق جوهري يبتغيه الناس من ذلك إن هم صنعوه وهم لن يصنعوا..
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}، صدق الواحد الديان..