كريتر نت – متابعات
تدخل اليمن بعد أيام عاما هو السابع على بدء الحرب، وتبدأ معها المرأة في البلاد سنة جديدة أخرى من المعاناة والانتهاكات المختلفة التي تطالها، في ظل غياب الدولة والقانون.
يفاقم الوضع الحالي الذي تشهده اليمن حال المرأة التي لم يكن وضعها قبل الحرب بأحسن حال، الأمر الذي دفع العديد منهن لتحمل أعباء مختلفة، وأدوار جديدة لم يسبق وأن قمن بها.
يبلغ الوضع السيء ذروته في المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، التي تتدخل حتى بحريات المرأة الشخصية، وتضيق الحال عليهن بشكل أكبر.
وخلال فترة سيطرة جماعة الحوثي على اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014، ظهرت المرأة في بعض المحافظات وهي تحمل السلاح وتعتدي على مثيلاتها بالهراوات، ونقلت بذلك صورة مغلوطة عن اليمنيات.
تذكر الإحصائيات الرسمية الحديثة، أن جماعة الحوثي قتلت أكثر من ألف امرأة وأصابت ألفين أخريات منذ عام 2014.
ورصدت في تقريرها الأخير منظمة سام 4000 حالة انتهاك حتى نهاية العام 2020، شملت المن من التنقل والقتل وغيره، إضافة إلى رصد أكثر من 900 ألف حالة نزوح في مخيمات مأرب وحدها.
بحسب المنظمة، تصدرت قائمة تلك الانتهاكات جماعة الحوثي بنسبة 70%، وهي ترقى لمستوى جرائم الحرب وضد الإنسانية.
في المجمل، تعاني المرأة اليمنية غالبا من قيود مجتمعية عديدة تعيق تقدمها، خاصة في مجتمع يتسم بالذكورية، حتى أنه يتم حرمانها في بعض المناطق من حقها المكفول شرعا المتمثل بالميراث، استنادا على الموروث المجتمعي.
ضحية .. ومقاومة الواقع
وخلال فترة الحرب، تعرضت المرأة للاعتقال، والإخفاء القسري، والتعذيب في السجون، فضلا عن توظيفها في التجسس على الخصوم، وفق تقارير حقوقية مختلفة.
تقول الناشطة الحقوقية هدى الصراري، إن المرأة تضررت بشكل كبير خلال سنوات الحرب، كونها من الفئات الضعيفة، والتي عادة ما تقع عليها أغلب الانتهاكات التي يتم ممارستها في أوقات النزاع المسلح.
ويعود ذلك كما تفيد لـ”الموقع بوست” إلى انعدام أطر الحماية، وانعدام الأمن الإنساني، ومؤسسات حماية حقوق الإنسان في اليمن.
بحسب الناشطة الفائزة بجائزة “مارتن إينالز” فقد ارتكبت بحق المرأة اليمنية شتى أنواع الانتهاكات والجرائم التي ترقى لجرائم الحرب، وهذا ما ورد في العديد من التقارير الدولية المتعلقة بالوضع الانساني والحقوقي في اليمن.
وبرغم ذلك، تؤكد هدى أن المرأة اليمنية ظلت حاضرة في شتى مجالات الحياة، واشتغلت في العديد من القطاعات في زمن الحرب، فكانت مشاركة في انتشال الوضع الإنساني، وساعدت في توفير سبل الإغاثة من خلال نقل الصورة الصحيحة حول ما يتعلق بحقوق الإنسان في اليمن، وحجم الكارثة الإنسانية التي تسببت بها الحرب.
وأضافت: “كانت المرأة عين الحقيقة المدافعة والراصدة والعاملة في المجال الإنساني والناشطة والإعلامية، حتى في رأب الصدع الذي أدى لتمزيق النسيج الاجتماعي بسبب الحرب، فكانت الداعية للسلام وحل النزاعات”.
عطاء وإرادة
أدى الواقع الصعب الذي فرضته الحرب المرأة اليمنية، إلى توجه العديد منهن للعمل سواء من داخل المنزل أو خارجه، خاصة بعد فقدان الكثير منهن لمعيل الأسرة.
تشير الناشطة المجتمعية زهور ناصر، إلى أن المرأة كافحت وناضلت، ومازالت تتخطى كل الصعاب، وهي تعمل بجد في ميادين الحياة المختلفة، برغم الخوف والرعب الذي يدب في الأرجاء بسبب الحرب.
وأفادت لـ”الموقع بوست”، أن المرأة تمثل نصف المجتمع، وهي تكمل الرجل في ميادين الحياة المختلفة، فهي الأم والأخت والزوجة والطبيبة والمحامية والمعلمة.
ومن وجهة زهور، تمكنت المرأة من تخطي الصعاب وبكل جدارة في ظل الحرب، وستظل كذلك المرأة جديرة جدا بان تتجاوز كل ذلك، مهما واجهت من معوقات، حتى من قِبل الحكومة التي لم تقم بتمثيلها بالحكومة.
تشير الناشطة المجتمعية زهور، كذلك إلى التحاق المرأة مؤخرا بالجانب العسكري، وذلك يدل كما تقول على قوة شخصيتها وجدارتها بأداء واجبها.
صوت السلام
برزت خلال فترة الحرب أصوات نسائية عديدة تنادي بالسلام في اليمن، وشكلت شبكات مختلفة لأجل ذلك. ويحظى ذلك التوجه بدعم أممي ومن الاتحاد الأوربي أيضا.
ويقول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، إن جهودهم لا تزال مستمرة لإدماج الشباب والنساء والمجتمع المدني في عملية سياسية تهدف لتحقيق سلام مستدام يكسر دائرة العنف في البلاد.
وبرغم الجهود التي تبذلها المرأة، كان من اللافت إقصاء السلطة الحالية للمرأة من تشكيلة الحكومة الأخيرة، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ سنوات.
وعن ذلك، تنتقد الناشطة هدى وبشدة ما حدث، وقالت إن المرأة تعرضت لخذلان من الاحزاب السياسية، والقيادة العليا للدولة، في عدم تمثيلهن في التشكيلة الحكومية المنبثقة عن اتفاقية الرياض.
بينما تستند الناشطة المجتمعية زهور، على تاريخ المرأة اليمنية التي أسست أول حكم قائم على الشورى في مملكة سبأ قديما، وبناء على ذلك، فهي تؤكد على أهمية مشاركتها في عملية بناء السلام، ورسم ملامح مستقبل اليمن في جميع مناحي الحياة.
واستطردت “المرأة هي مكوّنة المجتمع، فلها عليه تمام السلطة، لا يعملُ فيه شيءٌ إلّا بها، ولأجلها، وأي قرار أو اختيار من دونها لم يوثر شيئا، إنما يجعلها قوية وأكثر صلابة في ظل هذا الوضع”.
الدفع بها للأمام
ومع تنامي العنف ضد المرأة خاصة مع استمرار الحرب، وتبعات فيروس كورونا المستجد، وزيادة المعاناة والصعوبات التي تواجهها النساء في المجتمع.
تؤكد الناشطة الحقوقية هدى، أن المرأة هي اليوم بحاجة إلى قانون يجرم العنف الذي تتعرض له، وكذا تكثيف العمل الحقوقي لتدويل ملف حقوق الإنسان، وملاحقة مرتكبي الانتهاكات عبر القضاء الدولي.
بالإضافة إلى ذلك تشدد هدى على ضرورة ضمان تمثيل النساء في الدوائر والهيئات المعينة والمنتخبة بنسبة لا تقل عن 30%، التزاما بما ورد في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني فيما يخص حقوق المرأة.
وتسعى منظمات مختلفة في اليمن، إلى إلغاء أو تعديل مواد بالقانون التي تكرس التمييز ضد المرأة، وتسمح بتعرضهن لمزيد من الانتهاكات، خاصة في ظل عدم وجود وعي مجتمعي بأهمية دورها.
ومثل كل عام تحتفل دول عديدة باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس/آذار من كل عام، تقديرا لجهودها وتشجيعا لها لنيل حقوقها وتمكينها أكثر؛ علما بأن هذه المناسبة بدأ الاحتفال بها بعد عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي عام 1945.