كتب – محمد علي محسن
أكسر جدار صمتك وتكلَّم ، فإن للكلمات أثرة وصدى أقوى من الرصاص . قُل ما شئت ، وأنشر ما شئت ، ولا تتردد ، وأزفر ما في كامن أعماقك ، وأنفض عنك سكوت الخوف والخنوع ..
قُل ولا تبتئس إذا ما القوم صدَّوك أو هجروك أو خذلوك أو حتى قتلوك ، فالمهم لا تكن خانعًا ، فلم يخلقك الله عبدًا مطيعًا متضرعًا بنِعم سيده ، أو جروًا لاهثًا خلف ربه ، وانما حرًا أبيًا مخيرًا .
قُل ما شئت من المفردات ، فلا تخشى الناس وأفزع لذاتك وكرامتك ، ولا تُصدِّق أحدًا إذا ما أراد منك أن تكون مهرجًا أو زنديقًا في بلاط السلطان ، فهؤلاء لا يشبهونك ، ولا يماثلونك ، ولن يكونوا مثلك مطلقًا .
فمهما تراءت لك لسانهم أو التبس عليك لونهم ؛
فقُل ولا تلفت ، فصدقك منارة للغاوين ، وحروفك أهزوجة يترنم بها الحالمين ، ونُبلك أيقونة بديعة تأسر العاشقين ، كما وكلماتك أمضى من شفرات السيوف .
قُل يا صاحبي ما شئت ، فروحك ملهمة ، متقدة ، مسكونة في أحلام وأماني البسطاء ، فلا تكسرها البيانات المنمقة البائسة ، أو تنال منها مغالطات وأكاذيب الساسة الانتهازيين . نعم ، إيمانك هو يقينك الذي لا تهزُّه خُطب الواعظين أو تبطله أفاعيل المنجمين والمشعوذين .
قُل ، وأصدع بالحق ولا تقل غير ما أنت واثق منه وموقن . إنَّك لست أفضل من رسُل السماء ، فدعهم يكفُرون أو يجحُدون ، وتذكَّر إنَّك لست نبيًا ،وإن ما تتبتَّل به ليس آيات منزلات ، وإنّما هي قناعات صاغتها المعرفة وصقلتها التجربة، وينبغي أن تذود عنها بشرف وإعتزاز ما استطعت لذلك سبيلًا .
ولا تخاف إلَّا من الله ونفسك ، وعداهما لا شيء يمكنه لجم كلماتك السابحة في فضاءات كونية مفتوحة لا تعرف حدودًا أو قيودًا أو ممنوعًا .
قُل ما تؤمن به ولا تبالي ، فحتمًا ستهمي السماء وتجود يومًا ، وحين تبكي السماء تفرح الثرى ، وستنبت حقولها وتزهر هضابها ، إنَّها ثنائية بلا منتهى أو توقف ، فكُن كسماوات فسيحة ، وأفِض من روحك الجميلة ما ينفع النَّاس ويُمدّهم بإكسير الأمل والبقاء .